الأقباط متحدون - غرباء وسفراء!
  • ١٦:٥٨
  • السبت , ١٤ يناير ٢٠١٧
English version

غرباء وسفراء!

عادل عطية

مساحة رأي

٢٣: ٠٧ م +02:00 EET

السبت ١٤ يناير ٢٠١٧

بقلم: عـادل عطيـة

   ما أكثر النصوص الكتابية المقدسة، التي ترافقنا في ذاكرتنا، وتُذكرنا بأننا غرباء ونزلاء على هذه الأرض!
   وما أكثر الذين لم يدركوا بعد، في أي غربة هم يعيشون!
   هل هي غربة الابتعاد عن الله؟
   هل هي الغربة عن الوطن الأصلي، كغربة: ابراهيم، واسحق، ويعقوب؟
   هل هي الغربة بالنبذ، والترك، والنسي، والأهمال، والاضطهاد؟
   هل هي الغربة الاختيارية عن العالم؛ لأن الذين أختاروا هذه الغربة، يثقون في المسيح، ويصدقون مواعيده، ويتركون كل شيء لأجله، ولا يبتغون لأنفسهم سوى أن يكونوا في معيّته؟
   على المرء أن يشعر دوماً بالغربة، وفي ذات الوقت لا ندين من يحس بوطئته، على ألا يتخلى لهذا السبب عن مخزون فرحه، وألا ينكب فقط على إنشاد أغنيات الحزن والشكوى، وألا يفعل كما فعل الغريب الرومانتيكي، الذي صوره جوته، في رائعته: "آلام فرتر"؛ فيستعذب الألم، ويجد بطولته في الانتحار!
   فكم من هبات تأتي عن طريق الأحاسيس المهيبة السامية، التي تبعثها الغربة في النفس، وتشكل ملامح العظمة في الإنسان!
   فالغربة، تدربنا على ألا نكون رهينة لاجلال الآخرين لنا، أو تجاهلهم!
   والغربة، تصدّ إنساننا العتيق، وتوقف سير شرورنا، وتحثنا على أن: "نسير زمان غربتنا بخوف"!
   الغربة، تجعلنا ألا نغتم إذا لم نكن ممن جادت عليهم الدنيا بمباهجها، وخيراتها. وتعلمنا ألا نحب الاقتناء العاثر؛ لأننا سنعود فارغي اليدين من كل شيء في العالم، سوى ما بقلوبنا المملوءة من الإيمان، ويدانا التي تحملان ثماره!
   الغربة، تذلل عاطفة العالم، وتثير فينا اشتياقاتنا الأبدية؛ فنتطلع إلى وطننا الحقيقي، حيث الديار المخصبة ذات المنظر البهي!
   والغربة، تجعلنا دائماً في حالة استعداد تام؛ ليعط كل واحد منا: حساب وكالته!
   الغربة، الساكنة في القلب المسيحي، تتخطى الجانب المأسوي، إلى اختيار المجد، حيث: "نسعى كسفراء عن المسيح"!
   فيا له من فكر مقدس مجيد، أن نكون سفراء ولو في سلاسل الغربة؛ فنؤدي أمانة إيماننا، ونجعل من الغربة عمراً من العطاء: نقدم الخير ما طالت يدنا، ونعطي المحبة ما ملكت قلوبنا!
   ويا لها من عظمة، أن نحمل سمات وصفات الوطن السماوي الذي اتينا منه، وسنعود إليه!
   فنعيش كما يحق للدعوة التي دعينا إليها؛ فنكون لون أبيض يتمشى وسط الناس في قداسة تُرى، وتُسمع، وتُحس من الآخرين!
   ونحمل النور الإلهي المطمئن والشافي للمنزعجين، والمنكسري القلوب، والمطحونين تحت هموم الحياة، والغارقين في عرق ملذاتهم، والمستعبدين بأسلوب، أو بآخر؛ فتكون حياتنا: مجداً لإلهنا، ومليكنا، ورئيسنا الأعظم!
   لنكن غرباء وسفراء، لنكن الشخص الأكثر شبهاً للمسيح!

حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد