الأقباط متحدون - صديقى مدمن ....سابق !
  • ١٧:٣٨
  • الأحد , ١٥ يناير ٢٠١٧
English version

صديقى مدمن ....سابق !

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٤٩: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧

صورة ارشفية
صورة ارشفية

قصة واقعية فى مأثر الحب الغازى
الاب اثناسيوس حنين – اليونان
وسط أخبار الغزوات الكثيرة التى تمطرنا بها وسائل الاعلام ليل نهار ’ هناك غزوات من نوع أخر قد لا يعلم بها أحد ’ لسبب بسيط وهو أنها لا تجلب مالا بل تكلف حبا ’لا تطلق رصاصا بل تعطى دما ’ فتأخذ روحا . هذه الغزوات لا تعرف الكلاشنكوف بل تستعمل سلاح الكلمة والاقناع وتسير فى الميل الثانى وربما الثالث . كانت هذه الخبرة ’ غزوة حب لقلب انسان يونانى من نسل سقراط وافلاطون ’ مسيحى سليل باسيليوس واثناسيوس ونكتاريوس ومارينا وبأيسيوس وبورفيريوس ’ من عائلة على قدر كبير من الثراء .
ضربه داء الادمان ’ فى البداية سلاوة ’ أدت الى تعود . قضى سنين طويلة فى تعاطى هذه السموم ’ فقد ثروته ومات ابوه وأمه حسرة على شبابه . بقى له فى الدنيا أخ واحد . يأس الجميع من شفائه. استلمت خدمتى الجديدة فى كنيستى الصغيرة (الأجيا سوتيرا كنيسة المخلص ) فى ضواحى بيرية وبالتحديد فى منطقة كامينيا وشارع ثيفون . كنيسة أثرية جميلة .
لم أكن أعرف صديقى المدمن ولا هو كان يتردد على الكنيسة . عاش فى نفسه ومع نفسه فى كورة المخدرات البعيدة وبذر ماله فى عيش مسرف . كان يملك من السيارات أفخمها ويصادق الحسناوات باشارة من طرف اصبعه. استنزفوه وتركوه بين حى ومين . وقفت بجانبه احداهن ولكنها شاركته كل شئ حتى الادمان . من فرط حبهم لبعضهم البعض ’ كان كل واحد فيهم يقول أنه هو السبب فى ادمان الأخر .
كيف التقيته ؟ شاع صيت هذا القس المصرى الذى يصلى فى كنيسة يونانية فى المنطقة ويملاء المكنطقة سعادة وحبورا وحبا . جأئنى يوما للتعرف . شعرت أنه غير طبيعى ولكن ثقافته أذهلتنى . لم يتوقع ان يجد ترحابا من قس فى كنيسة . كان الادمان قد أخذ منه الكثير ’ وقطع أخوه عنه المال وقاطعه . بعد أن كان يتعاطى أفخم أنواع المخدرات !!! صار يبحث عن بضعة أفروهات لشراء الجرعة والتى بدونها تتمزق احشائه وتتفك ضلوعه حسب وصفه . رحبت به كما هو ولم نتكلم فى الدين بل فى الحياة والثقافة والسياسة وكل يونانى افلاطون حتى ولو كان مدمن ! وكنا نقوم بتنظيف الكنيسة الاثرية التى ظلت مغلقة زمنا ’ وعمل بجد وساعد بشهامة وأحب الشاى المصرى . ولم أعلق على شئ مما الاحظه . الا أن جائت اللحظة ’ ملء زمانه ’ بعد صلوات كثيرة من أهله ومن الكنيسة الاثرية وقديسيها .
يوجد فى الكنيسة اليونانية ركن للشموع وبجانبها صندوق التقدمات (البنجارى) ’ لاحظت ونحن نعمل فى الكنيسة ان هناك بضع سنتيمات بجانب الصندوق وانا لا أعلم عن الصندوق شيئا لأن الذى يقوم بفتحه هم أعضاء مجلس الرعية فى الكنيسة الأم . تحيرت وسألته بحب فقال لى أنه يريد (6 أفروا) لماذا ؟ لكى يشترى الجرعة والا سيموت الما . وهنا قررت ركوب الصعب وضرب ضربتى او ضربة الرب وليكن ما يكون ! قلت له . من اين لك بهذه الجرعة ؟ اشتريها من بعض الاجانب فى وسط المدينة . فقلت له سأذهب معك. ذهل و ظننى أمزح . وأخذته فى سيارتى الى وسط البلد واعطيته الستة افروا وانتظرته فى السيارة . اصابه الذهول ’ كيف يذهب معى هذا الاب الى هذا المكان وماذا لو قبض علينا معا ! من ذلك اليوم بدأ العد التنازلى لتوبة صديقى ولا ينسى ابدا ذهابى معه الى وسط البلد والمخاطرة بأن أصير شريكا ومتهما . لم يكن من السهل التوقف فجأة عن هذه السموم . تعودت أن اعطيه السته افرو ليشترى الدواء كما كنت اسميه. بدأ العمل فى الكنيسة وجدد الايقونات الخشبية ونظف الايقونات المرسومة على الحائط وبذل نفسه حبا جسمانيا ’ فعوضه رب الكنيسة بالصحة الروحية والنفسية . تعجب أهل الحى من ان ابونا الجديد يستضيف هذا النوع من الناس . استمر الحب فى غزواته واستمر صديقى فى توباته وانسكابه تحت البدرشيل . المشكلة هى فى العلاج الطبى الباثولوجى والنفسى بعد أن أمنا الغطاء الروحى . لابد من أن يدخل فى برنامج العلاج الذى تقدمه الدولة اليونانية تحت اشراف اختصاصيين فى الطب النفسى علاج الادمان فى مركز متخصص . كان من المستحيل أن يدخل فى البرنامج لاسباب عديدة ومعقدة . أمنا بالمعجزة وصلينا وسعينا وتم قبوله فى البرنامج الحكومى ويتابع العلاج بهمة ونشاط . مجد أهل الحى وشعب كنيستى الرب على هذه العجيبة ’ عجيبة الحب الغازى ’ قلت لصديقى بعد أن سار فى طريق الشفاء ’ لو أن ما حدث لى وما الت اليه حياتى من أجاث ’ غايته فقط هو شفائك وعودتك لحض المسيح فهذا يكفينى ويعزينى ’ أنها أحد غزوات الحب . والى اللقاء فى غزوة أخرى .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع