الكاتدرائية ذات ال135 بُرجًا
ليديا يؤأنس
الجمعة ٣ فبراير ٢٠١٧
بقلم: ليديا يؤانس
إنبهرت ووقفت فاغرة فاهي، أمام هذا الصرح الرائع!
أنها تُبهرك بمنظرها الرائع، وأيضا تُروعك بضخامتها وغرابة تصميمها، منظرها يوحي وكأنك داخل علي قلعة حربية، أو قاعدة حربية لإطلاق الصواريخ، أوكأنها إحدي المواقع المُتخصصة في إطلاق المكوكات الفضائية!
سبب إنبهاري، هذا الكم الرهيب من هذه الأبراج، الذي يُحيط بالمبني، وكأنه يحمي شيئًا خطيرًا بداخل المبني، أو يحافظ علي أسرار خطيرة!
أخيرًا تبينت الأمر، أنها كنيسة أو بمعني أصح كاتدرائية ضخمة خطيرة المنظر، مُدججة بعدد هائل من الأبراج الجميلة، التي ترتفع بشموخ لعنان السماء، وكأنها تأخذ المؤمن من عبث الأرضيات لترتفع به إلي السماويات حيث الروحانيات والمُقدسات.
حينما تيقنت من هوية المبنى، إقتربت وكُلي شغف بأن أعرف عدد الأبراج، التي تُعتبر جزءًا أساسيًا من تصميم هذا الصرح الضخم الرائع، بدأت في العد ولكن في كل مرة كُنت أُخطيء العَدْ، وأخيرًا عرفت أن هذا المبنى هو كنيسة أو كاتدرائية في ميلانو في لومبارديا في شمال ايطاليا.
هذه الكاتدرائية ذات ال135 بُرجًا، تُعرف بكاتدرائية ميلانو وبالايطالية "Duomo di Milano" وهي مُخصصة أو (مُدشنة) علي اسم سانتا ماريا ناسينتى.
أصل كلمة "Duomo" باللغة اللآتينية "Domus" ويعني المنزل، أي منزل الله، كما هو الحال بالنسبة لمعني كلمة الكاتدرائية "Cathedral" والتي تحمل نفس المعني "House of God" أو "Domus Dei".
هذه الكاتدرائية دائمًا هي مقر لرئيس أساقفة مدينة ميلانو الحالي.
عندما وقفت أمام هذه الكاتدرائية أتأمل تصميمها الرائع، إعتقدت أنني ذهبت بالخطأ إلي كاتدرائية النوتردام بفرنسا، والتي كُنتُ قد زُرتها من قبل وكتبت عنها مقالة بعنوان "أوعي تفوتك!!!" علي هذا اللينك "http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=441115".
لا أنا هنا في ايطاليا، ولكن نعم تصميم الكنيسة أو الكاتدرائية مُشابه إلي حد كبير كنيسة النوتردام مع بعض الإختلافات البسيطة.
حيث أن المسقط الأفقي للكاتدرائية مبني علي النظام الشبكي، وينتهى بخمس (5) حنيات في منطقة المذبح.
أما السقف أو ما يطلق عليه نظام التغطية فهو عبارة عن قبوات متقاطعة.
وضع أساس هذه الكاتدرائية ذات ال135 برجا، جيان فاسكونتي عام 1385 ميلادية، وأكتمل بناؤها بأمر من نابليون الأول بين عامي 1805 & 1813 م، واستغرق بناء الكاتدرائية حوالي خمس مائة عام، أو ما يقرُب من ستة قرون.
الكاتدرائية تم بناؤها علي النمط الغوطي، وتم انشاؤها في موقع اثنين من الكنائس، تحت رعاية أسرة فيسكونتي الشهيرة، وشارك في البناء كل من جين ميجنوت، وكارلو بوزي، وفرانسيسكو ماريا ريتشيني، وأيورليو تريزي.
الكاتدرائية تشتهر بواجهتها المثلثية الشكل، المُصممة من الطوب والمُغطاة بالرخام، كما تتزين بنحو 135 برجًا من الرخام المنحوت، هذا بالإضافة إلي 3400 تمثالًا منحوتًا أيضًا، والتي يمكنك مشاهدتهم عن قرب من علي سطح الكاتدرائية.
وتُطل الكاتدرائية علي ميدان أو ساحة، يُطلق عليها "ساحة الدومو"، علي الجانب الأيسر من الساحة (الميدان) يوجد غاليريا فيتوريو إبمانويل الثاني، وهو عبارة عن قوس مزدوج للملك فيكتور إيمانويل، أول ملك من ملوك ايطاليا الموحدة في الفترة من 1861 إلي 1878، كما يقف في وسط الميدان تمثالًا للملك علي ظهر جواد، من عمل النحات إيركول روزا.
سواء من الداخل أو الخارج يمكنك رؤية النوافذ الزجاجية الملونة ذات الألوان الجذابة الجميلة التي تتآلف مع بعضها فيبدو كل شباك بذاته، وكأنه لوحة فنية رائعة.
أما داخل الكاتدرائية فهو لا يقل إبداعًا وإبهارًا عن خارجها، بما يحتويه من حوالي 52 عمودًا من الرخام، هذا بالإضافة ألي العديد من المذابح الرائعة التي صممها أشهر مهندسي وفناني عصرالنهضة المعماري "بيليجرينو تيبالدي".
كما تضم الكاتدرائية بالداخل العديد من اللوحات لأشهر الرسامين العالميين، وتضُم تماثيل وأعمال فنية أكثر من رائعة، وعلي حدود صحن الكنيسة الداخلي من جهة اليمين تجد توابيت زجاجية، وقد حفظ بها أجساد بعض الأساقفة السابقين للكاتدرائية، أما في الأمام وعند مدخل الكاترائية سيبهرك ويبهر كل الزائرين، بيانو ضخمًا جدًا قد نُقش بنقوش فنية رائعة.
وتعتبر هذه الكنيسة أي كاتدرائية ميلانو في ايطاليا ثالث أضخم كاتدرائية في أوروبا بعد كاتدرائية سان بيتر في روما، وكاتدرائية سان ميشيل بأسبانيا.
كما يُعد تمثال ال"مادونا" واحدًا من السمات الرئيسية المُميزة للكاتدرائية وهو تمثال من الذهب للقديسة العذراء مريم يصل إرتفاعه إلي برج الكاتدرائية.
إذا كنت ممن يعشقون الإستمتاع بزيارة الأماكن الأثرية التاريخية، أو إذا كنت في زيارة لميلانو بإيطاليا، أوعي تفوتك زيارة هذه الكاتدرائية الرائعة، ذات ال135 برجا، ومشاهدة تمثال المادونا الذهبي الذي يصل ارتفاعه إلي برج الكاتدرائية.
عمومًا، الكاتدرائية بكل المقاييس، هي قطعة فنية رائعة، تُطل علينا من عصر النهضة، حيث الإبداع المعماري والفني، مُختلط مع العبق الروحي.