الأقباط متحدون | عندما تثور مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٨:٥٦ | الجمعة ١١ فبراير ٢٠١١ | ٤ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٠١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

عندما تثور مصر

الجمعة ١١ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم : نسيم عبيد عوض
        قلت انها ثورة مصر العظيمة , لأنه عندما تثور مصر ثورة حقيقية , تهتز أركان العالم , وتنقلب الموازين وتنكشف المخفيات , وتنير ظلمات العوائد القديمة , ويظهر الشامتون و وتتقلص حوائط الجاهلية , ويعمى رمال البادية عيون الماتحفون بعناكيب الغيبيات , يقف العالم على أطراف أصابعة , مشدوها يتعلم من ثوار مصر , شعب حكم عليه ظلما بالسجن فى غياهب سجون العبودية والظلم , ونسى العالم هذا المسجون حتى بعد ان استحق الإفراج , ظل مسجونا , وافتقد العالم ذاكرة تاريخ مصر , وظن البعض هذا المسجون قد لفظ أنفاسه الأخيرة وورى التراب منذ عقود طويلة , وجاءت كاميرات العالم المتحضر تصور الشعب المسجون فى عشوائيات وفى قمائم الزبالة , وتحتفل بالسجان وتتوهج له  الأضواء ومشاعل الأفراح , وقلب مصر يبكى على حاله واحواله , ولكنه قلب ظل ينبض , حيا وكأنه ميتا , نسى العالم تاريخ هذا الشعب , الذى وهو أوج قوته , وقمة حضارته لم يقم باستعباد شعوب وبلاد اخرى , بل وهو فى قمة المدنية هاجمه الهكسوس وأتوا واحتلوا أرضه و وبصبره قام بثورة رجل واحد وطردهم شر طرده , وبينما هو يتنفس هواء التحرر , جاء الفرس واحتلوا بلاده , ولكنهم أيضا لم يستمروا على أرض ترفضهم وقد طوحت بهم ونقى الشعب المصرى ارضه وترابه من هؤلاء الذين حاولوا إستعباده , ثم بعدهم جاء اليونان والرومان والعرب الفرنجة فرنسا ثم انجلترا مرورا بالأتراك والمماليك والألبان , وتاريخ مصر يحكى للعالم انه دائما  وكل بلاد العالم تعشق ان تأتى لمصر وترغب فى التحكم فيها وفى شعبها , تاريخ طويل أحتار حتى المؤرخين فى تفسيره , ولكنهم أجمعوا فقط أن هذه هى مصر , ملتقى العالم ومشتهاه.

      ولكن ثورات مصر عبر تاريخها الطويل كانت كلها ضد المستعمر الأجنبى و وقد نجحت فى كل ثوراتها وأطاحت بهم جميعا من على ترابها , ولكن هذة الثورة التى نعيشها و نشاهدها اليوم بأعيننا جميعا جائت ثورة على كل الأطراف , السجان والمحرض وقوى الشر الخارجية وحتى ثارت على نفسها و و المصرى فى ثورته يمسك بمبضع الجراح , ليطهر الجسم كله , من الأورام والجراثيم ويطهر الدم كله ,  من الخوف ومن الصبر الذى طال وتقصيره فى حق نفسه , وحتى جاء الأحفاد الذين انجبتهم أرض مصر بعراقتها وحضارتها وأصالتها , وعندما تثور مصر بهذه الثورة الحقيقية , تتفجر كل معابد العبودية وتتهاوى كل حوائط وغياهب الظلمة , واهم من هذا كله ينكشف المحجوب ويظهر العالم كله صغيرا وضعيفا وركبه ترتعش امام ثورة المصريين , لأنها ثورة شعبية حقيقية لا يقف امامها أى عائق.

       وأول الذين هزتهم ثورة مصر , الدولة العظمى أميركا , وظهر وجهها القبيح الذى يعانى منه الشرق الأوسط طوال تاريخه , فلن ننسى برج الجزيرة المبنى باموال المخابرات الأمريكية التى حاولت ان ترشوا بها جمال عبد الناصر فبنى بها هذا البرج العالى سهما فى عيونهم , ولن ننسى  ليندون جونسون المساند لضرب مصر عام 67 , وأيضا جيمى كارتر الذى أعاد الخومينى من فرنسا ليحكم إيران , وإحتضان السياسة الإمريكية لعمائم السعودية وتقبيل أياديهم والتفرج عليهم وهم يدمرون العالم كله بالوهابية وبأموال البترول, وكلنا لا ننسى سجود أوبام وتقبيله ليد  ملك السعودية ,   ثم أخيرا تشجيعه للأخوان المسلمين فى مصر , وحق القول أنهم لا يعرفون ثقافة مصر , اى جاهليتهم بحقيقة الشعب المصرى , وحتى يومنا هذا ولا اعلم الى متى لم تستطيع السياسة الأمريكية ان تنول أو تقترب من حقيقة مصر والمصريين , ومهما إستعبد الدولار الأميركى إقتصاد مصر فلن ترجع مصر أبدا , وهذا هو تاريخها الذى لا يفهمه هؤلاء الجهلة فى واشنطن, خرجت دولة كبيرة مثل أميركا تتخبط فى حكمها لما يحدث فى مصر , فما بين أوباما وكلينتون وشيوخها تضاربت الآراء وظهر الجهل فى أمر مصر , ووقف العالم يتفرج على الخيبة والعار من هؤلاء القادة الذين لا يعرفون حقيقة مصر,  هذا الشعب الذى مرت علية كل أمبراطوريات العالم البابلية والفارسية واليونانية والرومانية والإنجليزية والعربية وآخرها الوهابية , ولكن بقى الشعب المصرى ودمائه الحاميه لم ينجسها اى دخيل عليها , وفى ميدان التحرير هزنى ان يسمع العالم كله وقوف المسيحى والمسلم يدا بيد ,ويسمع العالم ترانيم يؤديها شعب مصر كله وراء المرنمين , وصفوف المسيحيين حول المصلين المسلمين , اليست هذه ثورة مصر , او بمعنى أصح عندما تثور مصر , تعود الى أصالتها وينبض قلبها بدماء التحضر والرقى, وتلد اولاد حقيقيين لشعب عريق , من دماء لم تنجسها اى جنسيات اخرى او أعراق اجنبيه, وهكذا عندما تثور مصر تكشف العالم على حقيقته, ويبدو الكبير  ضئيلا امام عمالقة المصريين.
 
       عنما تثور مصر ترتعش اوصال الحكومات العربيه التى كان ليس لها وجود أصلا ومصر فى قمة حضارتها , وأغلبها ظهر للوجود  بمساندة مصر , وأغلبها تحررت شعوبها بقوة رجال مصر الذين ساندوهم حتى أطلت رؤوسهم  من الرمال , ورفعوا أعناقهم من غياهب الجاهليه الى عالم المدنيه , هذه الدول لم يكن لها اى كيانات قائمة من خمسين او ستين سنة مضت , وبعد إنفجار البترول من رمال هذه الصحروات , ظهرت الآن أغلب هذه الدول وفى تخطيطها تغيير العالم كله , وفى خضم نشوة الذهب الأسود وتمرغهم فى حرائر الجاز نسوا أصالة مصر , وبعضهم تناسى القوة الحقيقية والحضارية لشعب مصر , وعندما خرج أولاد مصر من السجون اهتزت أجساد الشيوخ واركان بلادهم , والتى أيضا ستهزهم , والصورة القريبة كانت من تصريحات ملوك السعودية وردود فعلهم والمبادرة بتأييد المبارك , وحكم مصر بالعبودية , وقنواتهم الفضائية التى فتحت أجوافهم بالحقد والتشفى , ليس من أجل النظام والإنتقام منه ,ولكن النداء بإذلال مصر بحكم الأخوان المسلمين لمحو اسم مصر من الدول المتحضرة حتى يعلو امرهم فى الساحة الدولية , ويرفعوا رؤوسهم , ومصر راكعة بحكم الظلام , بينما دولة مثل قطر وفيها إستعمار أميركى باكبر قاعدة عسكرية فى العالم أجمع , تسلط قناتها وشعارها إسقاط مصر , ليس إسقاط النظام ولكن إسقاط مصر , ومنذ سنين ونحن نطالب النظام الفاسد بالأطاحة بقناة الجزيرة من أمام المشاهد المصرى , والقبض عليهم بتهمة نشر الاحتقان والطائفية فى الشارع المصرى , وتوجج الشعور الإسلامى ضد الأقباط , ولم يستمع أحد لما كتبناه , وهاهم يكتوون بنارها ,  ونقول لهم ان المال لم يفدهم فى التعلم والإستفادة من معرفة حقيقة مصر وقوتها عبر التاريخ , ومع الزمن ستنقضى كل هذه الأنظمة التى يحكمها أنابيب بترول , وتبقى مصر بعظمتها حتى لو أكلت الخبز بالبطاقات , ولكن التاريخ يحكى لهم ان مصر كانت مزرعة القمح للعالم كله , ستظل مصر شامخة امام العالم انها مصر, وتخيلوا معى لو قامت فى مصر ستقوم بمعونة الرب  حكومة مدنية ديمقراطية وتحققت كل مطالب الشعب المصرى وتمتعه بحريته فى العبادة والإنتخاب الشعبى وحرية التعبير , فسترتقى الأمة ويرتفع إقتصادها الى أعنان السماء برجالها الشرفاء مثل رجل الأعمال المصرى نجيب ساويرس وأمثاله , كم ستكون قوة مصر الإقتصادية , ولذلك هم خائفون من هذه  الثورة , لأنها بنموها ستدحرهم فى الشقوق ورمال الصحراء وستحقق أهدافه الثورة  بطريقة أو بأخرى , لأنه قد قام المارد من غفلته ونومة فى السجون زمنا طويلا.

     عندما تثور مصر , اول من تثور عليه هو الخوف الذى يرعش نفوس بعض القطاعات والطوائف من شعب مصر وليس كل مصر , هؤلاء أبنائنا وأحفادنا , الذين هضموا حضارة ورقى وأصالة بلدهم , ودمائهم نقية من دماء الآباء المصريين , واختلطوا بعلوم المدنية وتكنولوجيتها , وتفوقوا على شعوب المنطقة , حتى اننا نكتشف ان وائل غنيم هو رئيس (( جوجل )) فى منطقة الشرق الأوسط , شاب مصرى رمز لشباب هذه الأرض , أقول اننا الآن لابد ان نضمد جراح الخوف وربط الركب المخلعة ونجبرها , والسقوف التى تستعبد شعبها بتعاليم وثقافات مضى عليها الزمن لابد لها ان تزول , فالقادم متغير تماما لا ولن يقبل تسلط احد لعقول مستنيرة وعقول القرن الواحد والعشرين لن تقبل تسلط عمامات سوداء أو بيضاء تتحكم فى مسيرتها او تتحكم فى مقدورها ,   وقد فوجئت بمظاهرات فى مصر تنادى بحسنى مبارك , وطبعا كان قدوم الأخوان المسلمين وحكمهم مصر هو الرعب الذى أخرج هؤلاء يهتفون بإبقاءه, اختاروا الظلم والفساد بديلا عن  الأخوان , وهذا منطق مغلوط يحكمه رعب لا أساس له , ففى زمن العولمة وشباب مصر المثقف وعالمية مصر وموقعها الثقافى والحضارى وفى هذا الوقت بالذات , لن يسمح هذا الشعب للأخوان بركب الموجة وإعتلاء حكم مصر , وقد قامرت حكومة أوباما على الأخوان عندما بدأت الثورة , ولكنها الآن ترفض القول ان الأخوان لهم غالبية وسط شعب مصر , فياأيها المرتعشين  لا تخافوا فالعدالة لا تتجزأ والحرية هى  مساحة عريضة من نور خالية من الظلمات , المجتمع سيتغير ولابد ان تتغيروا معه او تخلعون معه , الى غير رجعة , فزمن هذا الشباب قادم بدون اسف, وسيحكم الشارع المصرى.


      وعندما بدأت ثورة  شباب الأقباط والمسلمين فى ميدان التحرير , خرج أيضا فى بلاد المهجر الشعب – مسلمين بيد واحدة مع المسيحيين الأقباط – يطالبون بإسقاط النظام , وشخصيا أطالب بإسقاط النظام فورا اليوم قبل الغد , ولن تتهاوى مصر كما يقولون ويخيفوننا بالفراغ السياسى وسقوط الحكم فى يد الأخوان , هذا كلام عفى علية زمن العصر , لماذا تتناسون جيش مصر الذى هو رقم 10 بين جيوش العالم القوى , وفى صمود وقوة هذا الجيش لن تتساقط مصر فى يد اى جماعات لا يقبلها هؤلاء الثائرين فى ميدان التحرير وكل ميدان فى ربوع مصر,  ولكن فى الأيام الأخيرة سمعت انه صدرت من مصر أوامر للبعض من منظمات الأقباط  فى بلاد المهجر  بالخروج والمطالبة  بإبقاء النظام , ونفس ماقلته لهؤلاء المهزوزين والمخلعين والمرعوبين من قدوم الأخوان داخل مصر أقوله لهؤلاء, لم تعوا الدرس بعد , حطموا اصنام العقول المفخخة بالخوف ,  فزمان بقاؤكم أقترب لخط التماس والنهاية, فلا تثبطوا الهمم ونفوس الشباب الصاعد.                                                                          

      وحتى لو فكر البعض ان هناك تخطيط أو محاولات لجهض هذه الثورة , لكن  بصورة أو بأخرى , فان رياح التغيير قادمة لا محال من البقاء على ماكان عليه قبل 25 يناير , فشباب العمرانية وشباب ثورة تفجير كنيسة القديسين وثورة شباب 26 أبريل  وميدان التحرير  , ونحن جميعا لن ننسى دماء الشهداء والأبرياء التى إصطادها نظام مبارك وأرداها مقتولة فى شوارع مصر , هم  باقون ولن يهدأو حتى يتم التغيير , وطريقهم  اصبح معروفا ومدهوسا نحو الثورة , فمن يستطيع إخماد ما سيلحقه التغيير وهو واقف فى مكاتنه متجمدا  فى أفكارة التى عفى عليها الزمن بعد 25 يناير, أفيقوا وانهضوا وثابروا على تغيير وجه مصر نحو نور يسطع لنصح كلنا معه نتقدم نحو مجتمع مدنى حضارى تعلوا فيه البسمات بدل صراخ السجون .




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :