الأنبا مكاريوس : المسيح الظاهر أمامنا في صورة الضعيف هو كلي القوة

محرر المنيا
قال نيافة الانبا مكاريوس اسقف عام المنيا وابوقرقاص ان في هذا الأسبوع رتبت الكنيسة أعذب وأرق الألحان، وأشدها تأثيراً وتبكيتاً، لدرجة يبكى معها المصلى (لاسيما إذا كان الخورس متناسقاً مصلياً لا مؤدياً). وبهذه الألحان الراقية نشترك مع المسيح فى آلامه، فهى تبكتّنا من جهة، ومن جهة أخرى نبكت أنفسنا لأننا تسببنا فى هذه الآلام وهذا الموت، إذ نستحق نحن الألم والموت فنبكيه إذن ونبكى أنفسنا ... تماماً مثلما يحدث أثناء صلاة القسمة فى القداس، فبينما يقسم الكاهن الجسد على المذبح، يرد الشعب: يارب ارحم .. يارب ارحم يارب ارحم، يقولونها بنعمة الرثاء والبكاء .. شاعرين فى أنفسهم أنهم هم المستحقون للموت .. هم الذين تسببوا فى هذه الآلام ..

وخلال الاسبوع كله نردد مئات المرات "ثوك تى تى جوم" (لك القوة والمجد والبركة والعزة ..) نقولها لنؤكد أن المسيح الظاهر أمامنا فى صورة الضعيف هو قوى وله القوة .. وفى صورة المهان .. له العزة .. وفى التخلى له المجد، هكذا يقول القديس أثناسيوس الرسولى فى لحن امونوجينيس (قدوس القوى الذى أظهر بالضعف ماهو أعظم من القوة ...) وبينما المسيح معلق على الصليب نرتل عدة ألحان، منها:

لحن فاى إيتاف إنف : (هذا الذى أصعد ذاته ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا) فنؤكد انه أصعد ذاته .. أى بإرادته وحدة قبل الموت ..

لحن تاى شورى : (هذه المجمرة الذهب النقى الحاملة العنبر التى فى يدى هرون الكاهن يرفع بخوراعلى المذبح) ويقال هذا اللحن بينما المسيح معلق على الصليب (وقت الساعة السادسة) فهو رئيس الكهنة الأعظم والحقيقى والذى كان هرون يشير إليه، وبينما كان هارون يرفع بخوراعلى المذبح في القديم، يقدم المسيح ذبيحة نفسه على الصليب ..

لحن تى شورى : (المجمرة الذهب هى العذراء وعنبرها هو مخلصنا، ولدته وخلصنا وغفر لنا خطايانا) ويقال هذا اللحن وقت الساعة التاسعة والمسيح ميت على الصليب، وعنبر المجمرة هو آلام الصليب والتى اشتم الله منها رائحة السرور من على الجلجثة ..

لحن بيك اثرونوس : (كرسيك ياالله إلى دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك) ونقول هذا اللحن للسيد المسيح مرتين الأولى ظهر الثلاثاء من البسخة مع بشائر الصليب، والثانية فى الساعة الثانية عشر، لنقول له انك اخترت الصليب عرشا لك، والصليب مرتفع عن الأرض لأنك قلت مملكتى ليست من هذا العالم .. وقد اخترنا الصليب رمزا للمسيحية ليس لأنه رمز الأم فحسب، وإنما لأنه العرش الذى اختاره الله لنفسه والرمز المحبب إليه (إذا أن الصليب واضح فى مسيرته بالجسد منذ ولادته وحتى الصلب) واللحن عبارة عن نصفين: الأول تغلب عليه نغمة الحزن إذ نحن نتألم معه، والثانى نغمة الفرح فقد خلُصْنا بالصليب ذاته والمصلوب عليه ..

أما لحن الجلجثة (غولغوثا) : فالنغمات ذاتها فرعونية مثل الكثير من الألحان القبطية، وكان اللحن يقال أثناء تحنيط الفراعنة، اختارته الكنيسة ليحكى لنا قصة صلب الرب وموته ودفنه، ولكل عبارة من عباراته أهمية كبيرة ..

الجلجثة بالعبرانية. الاقرانيون باليونانية. الموضع الذى صلبوك فيه يارب : هو بذلك يؤكد على الموضع الذى تم فيه الصلب، بأعتبار ذلك ليس أسطورة أو قصة لا أساس لها، وأنما يحدد الموقع بدقة وتسمياته فى أكثر من لغة.

بسطت يديك أى أنك صلبت بإرادتك وحدك. وصلبوا معك لصين عن يمينك وعن يسارك : كما جاء فى النبوة (وأحصى مع أثمة اش 9:53) ولكى يتأكد من سيبحث عن الصليب انه مع اثنين آخرين وربما صليب الرب متميز عنهما قليلاً .