الأقباط متحدون - حيثيات حكم «فساد الداخلية»: نفس المتهمين الأمارة بالسوء سوّلت لهم ارتكاب الجرائم الساقطة
  • ٠٥:٥٦
  • السبت , ٢٢ ابريل ٢٠١٧
English version

حيثيات حكم «فساد الداخلية»: نفس المتهمين الأمارة بالسوء سوّلت لهم ارتكاب الجرائم الساقطة

حوادث | المصري اليوم

٤١: ٠٢ م +02:00 EET

السبت ٢٢ ابريل ٢٠١٧

السجن سبع سنوات لحبيب العادلي بعد إدانته بتهم فساد
السجن سبع سنوات لحبيب العادلي بعد إدانته بتهم فساد

حصلت «المصري اليوم» على حيثيات الحكم الصادر في القضية رقم 1441 لسنة 2013 جنايات عابدين، والمعروفة إعلاميا بـ«فساد وزارة الداخلية، بمعاقبة حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، و٢ آخرين، بالسجن المشدد ٧ سنوات، وإلزامهم برد ١٩٥ مليونا و٩٣٦ ألفا، وتغريمهم مبلغاً مماثلاً، ومعاقبة ٦ متهمين بالسجن المشدد ٥ سنوات، ومتهمتين بالسجن المشدد ٣ سنوات، وإلزام «العادلى» و٩ آخرين برد مبلغ ٥٢٩ مليون جنيه، وانقضاء الدعوى الجنائية لمتهمين اثنين لوفاتهما.

وجاء بحيثيات الحكم أنه بعد تلاوة أمر الإحالة وسماع طلبات النيابة العامة والمرافعة الشفوية والإطلاع على الأوراق والمداولة قانونًا، ثبت وفاة المتهمان الرابع والسادس وفقا للمستندات المرفقة بالقضية، والواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمئن إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتلخص في أن هناك إجراءات متبعة لصرف حوافز العاملين ولابد من وجود بنود صرف واضحة واستمارات صرف حددها القانون، وهو ما تسبب في إهدار المال العام في هذه الوزارة عن الفترة من سنة2000 حتي 15/11/2011.

وأضافت المحكمة أن هؤلاء الأظناء (المتهمين) الذين أئتمنوا على أموال الدولة (ميزانية وزارة الداخلية )، إلا أن شراهتهم ونفسهم الأمارة بالسوء سولت لهم إرتكاب الجرائم الساقطة، وأصبح مكتب المتهم الأول (وزير الداخلية) السابق، والذى وفرته له الدولة، وإستأمنته فيه، مكانا لا يجد حرجا في أن ينزع من مال وقوت الشعب ما ليس مستحقا له دون أن يأبه بما يفرضة عليه الجلوس فوقه من هيبة وأمانة، فيبدو أن الأهواء التي جمحت بنفسه وباقى المتهمين قد حجبت عنهما كل ما هو دون مصلحتهم وأطماعهم فصاروا لا يعبأون إلا بما يحقق لهم الكسب وجمع المال فقد باعوا أنفسهم، وتحالفوا مع الشيطان، الذي زين لهم أن جمع المال الحرام الزائف سيحقق لهم السعادة دون أن يدركون أن هذا المال سيدخل عليهم وعلي أولادهم نار جهنم، فهم يشتهون المال الحرام لتحقيق نعيم زائف ظنًا منهم أن المال المكنوز سيغنيهم، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( كل لحم نبت من سحت فالنار أولي به) صدقت يارسول الله، فهذا المال مال عام ملكا للدولة تحصل من أموال الشعب ومن قوته فكان عليهم التحري عن مصدر الرزق إلا أنهم لا يأبهون بشرع أو قانون.

وتابعت: «المتهمين تمادوا في إنتهاك حرمة المال العام، والعدوان عليه واستباحوا التصرف فيه كيفما شاءوا فكانوا يغترفون منه ويغدقون على أحبائهم منه دون حساب، فالمتهم الأول هو وزير الداخلية الأسبق كان على قمة الهرم المسؤول عن حفظ الأمن بهيئة الشرطة التي نصت المادة 206 من الدستور المصرى على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية، في خدمة الشعب، وولاؤها له، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن، وتسهر على حفظ النظام العام، والآداب العامة، وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجبات، واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فمهمة رجل الشرطة ودوره في المجتمع مهمة الحارس الأمين، الذي تظل عينه يقظه مهما غفلت العيون، ويرعى المصالح ويردع المفسدين والمجرمين.

واسترسلت المحكمة: «المتهم الأول هو وزير الداخلية الأسبق والذى كان يتعين أن يكون القيم على نظام المجتمع وأنظمته، إذ في وجوده يشعر الناس بالأمان، وفى ظل إتقانه أداء مهامه يطمئن مهيض الجناح بأن القانون قد خول رجالا تعيد الحقوق إلى أربابها، فتنتصر للمظلوم من الظالم، وللضعيف من صاحب الجاه والنفوذ، ودونهم تصبح الحياة فوضى، وتنتهك فيه القوانين، والطامة الكبرى أن تنتهك بأيدى القوامين على حماية حرمتها، وأن الراعى المسؤول عن أمن رعيته قد أباح لنفسه إنتهابها بالسحت، وسلك في سبيل تحقيق مآربه طريق التضليل والبهت، فصار المنصب الذي بوئ به ليحول دون الفساد والإفساد، مرتعاً بل وكراً تسول له نفسه أن يشبع منه نهمه، ويلبى فيه رغباته، ما دنؤ منها وما سفل، وما صح منها وما بطل، حتى غدا سوطا يسلطه على رقاب العباد، ليتكسب به مطامع شخصية، وأضحى عمله الذي إسترعته الدولة فيه، طعمة يقتات بها من جسد الرعية، فيأكل أموالهم بالباطل ،ويستغل منصبه الشريف ليحصل على نعيم زائل».

واستكملت: «إذا كانت الشرطة هيئة مدنية نظامية، كلفتها الدولة بحفظ أمنها ونظامها، والقبض على الجناة والمفسدين، فكيف يصير حالها إذا أصبح الحافظ الأمين خائناً، والقابض الرادع جانياً ومفسداً، والمخول بحفظ النظام مخلا، إن انتشار وباء الفساد في المرفق المخول لها التصدى له يحط على مر الزمن من قدر الأمة، ويعوق سيرها نحو الرقى ويزعزع الشعور بالثقة والعدل بين أفرادها، وحينئذ ينهار الكيان الإجتماعى وتسيطر روح الفتك والخيانة والدنس وتضحى حياة الأفراد دون حياة الغاب لا كرامة فيها ولا عزة ولا أمن ولا مساواة ولا شرف ولا رحمة وقد نهى الله عن أكل أموال الناس بطرق غير مشروعة وكأنه لم يقرأ قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم ْوَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (الأنفال ـ27).( وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) ( البقرة – 188) إن العين التي تتربص بالناس فتؤذيهم من حيث تنتظر الحماية، وتأكل أموالهم بالباطل وهم يظنون بها الصون والرعاية، لهى عين ترفعت عن الحلال، وتكحلت بالإثم والضلال، فتذرف للخداع والإيهام دموعا وقحة، وتترقب الناس لتنفذ من مثالبهم إلى إشباع نفوسها الشبقة، فهى عين لا تكبر صاحبها بل تخزيه، وتستحل ما حرمه الله ومن حلة الشرف والأمانة تعريه فهم فأة ضالة منافقون لانهم يظهرون خلاف مايبطون فسقطت الاقنعة الزائفة. ومخالفا بذلك القانون والدستور الذي أقسم على احترامهما».

وأضافت أن «المتهمون الباقون هم مسئولون أيضا وضعوا المال نصب أعينهم ونسجوا خطة محكمة للإستيلاء عليه غير عابئين بالوسيلة ظانين أن أعين الله لا تراهم معتقدين أن يد القانون لن تطالهم متدثرين بمال وسلطان، ولم يكن هذا الأمر بمنأى عن الدليل بل هو ثابت بما كشفت عنه الأوراق وإقرارات بعض المتهمين بتحقيقات قاضي التحقيق، وشهود الإثبات وشاهدى النفي وما أكدته وأثبت بتقارير اللجان المشكلة بمعرفة قاضي التحقيق وهيئة المحكمة.

وتابعت المحكمة أن المتهم الثانى- رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية سابقا- أحيل للفحص والتحقيق بإدارة الكسب لتضخم ثروته وبفحص تلك الشكوى فجعت بكم من المخالفات المالية التي ظهرت بالميزانية الخاصة بوزارة الداخلية إذ كان ذلك بداية لكشف الفساد المستشريٍ بحسابات وزارة الداخلية ثم توالت أعمال الفحص إلى أن تأكدت الحقيقة بالتقرير الذي أودع من قبل اللجنة المشكلة من هيئة المحكمة، والتى أكدت صحة ما توصلت إليه سابقتها من فحص إذ انتهت إلى إظهار السلوك المادى للجرائم محل الاتهام وذلك بقيام الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية في الفترة ما بين السنة2000 وحتى السنة 2011 والتى كان يترأسها المتهم الثانى بإعداد مذكرات لصرف حافز إثابة بمناسبة قيام الإدارات والمصالح المختلفة بوزارة الداخلية بالمطالبة بصرف ذلك الحافز للعاملين بها إلا أن المتهم الثانى قد هداه فكره الشيطانى إلى الحيلة التي إستطاع من خلالها نزع المال العام التي إستأمنته الدولة عليه إذ ضمن تلك المذكرات (بزيادة عبارة إحتياطى مواجهة الأهداف الأمنية على بياناتها وقرينها مبلغ مالى على خلاف الحقيقة وهو ليس من الحوافز بناء على أوامر المتهم الأول الذي قام بإعتمادها بالموافقة على الصرف بأن مهرها بكلمة (موافق ) ببند حسابى وهمى أطلق عليه من وحى خياله عبارة «احتياطى مواجهة أهداف أمنية» وليس هذا بغريب عليه إذ اشتهر عنه ثراء خياله فإستثمره في الإثم والعدوان على المال العام وقدم مذكرات الصرف للمتهم الأول وكانت هنا الفاجعة الثانية إذ إعتمدها الأخير ووافق عليها متفقًا معه ليطلق له العنان لإستباحة المال العام ليغترف منه كيفما ووقتما يشاء، وأن تلك الموافقة لاسباغ الشرعية على اجراءآت الصرف مع علمهما بمخالفة هذا الأمر لكافة القواعد الحسابية المقررة بموجب قانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973، وقانون المحاسبة الحكومية رقم 127لسنة 1981، فضلا عن قانون الشرطة رقم 109 لسنة1971، فقد خرجت منظومة الصرف التي أتاها المتهمان الأول والثانى وباقى المتهمين عن كافة أحكام القوانين واللوائح التي تنظم صرف الحوافز باغية الإستيلاء على المال العام وتسهيل الإستيلاء على المال العام وإضافته لملكهما.

واسترسلت «دنس المتهم الأول كرسيه بمسالك اللصوص وتمكن من الإستيلاء على مَبْلَغٍ 529491389 جنيه إذا كان الأساس فاسدا مختلا فكيف يكون باقى البناء معافى صحيحا وهنا جاء دور المتهم الثانى الذي كان يشغل رئيسا للإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية وكان يتعين أن يكون أشد الناس حرصا على أموالها إذ إستولى على مبلغ 21120212 جنيه من الأموال التي صرفت تحت هذا المسمى الوهمى»احتياطى مواجهة أهداف أمنية«ولم يكتف بذلك بل أمر المتهم الرابع والذى إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته بأن يسلمه المبلغ الذي كان في عهدته من إعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة الخاص بالأجور والتعويضات حال كونه الرئيس المباشر له والبالغ 41000000 جنيه، فقام والمتهمين الثالث والرابع والذى إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته بتظفير العديد من هؤلاء الأحبة من وزراء الداخلية والمحافظين ومساعدى الوزير السابقين ولبعض الضباط والأفراد العاملين بالوزارة وآخرين من غير العاملين فيها من أهل الثقة والولاء مبالغ مالية غير مستحقة وقدرها 195936307 جنيه، وكذا الصرف على مشتريات لم يتم إضافتها لجهة عملهم ودفع قيمة فواتير هواتف جوالة ومنزلية بآلاف الجنيهات، بل وصل الأمر أيضا بإستفادة المتهم الثانى من المال العام في سداد قيمة الصور الفوتوغرافية الخاصة بمناسباته الإجتماعية هو وأسرته، وقد قدرت إجمالى تلك المبالغ بنحو 195936307 جنيه، ووصل بهم الأمر لسرقة قوت الشعب وإستباحة المال العام الذي إستأمنتهم الدولة عليه.

وأضافت «إلا إنه لم يكن في وسع أي من هؤلاء أن يستبيحوا هذا المال إلا بواسطة باقى المتهمين إذ كان المتهمان الثالث والرابع والذى إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته يقومان برصد مبالغ مالية بمذكرات العرض تحت ما يسمى»احتياطى مواجهة أهداف أمنية«باستمارات الصرف132ع ح وهى غير صالحة للصرف ويقوم المتهمون الخامس والسادس والذى إنقضت الدعوى الجنائية بوفاته والثالث عشر بمراجعتها، وقيام المتهمون من التاسع حتى الثانية عشر وهم المنوط بهم مراقبة إجراءات الصرف والتأكد من مطابقتها للقواعد والأنظمة المقررة في هذا الشأن بإعتمادها وهم ممثلى وزارة المالية لدى وزارة الداخلية الذين حملتهم جهة عملهم أمانة مراقبة إجراءات صرف أموال الدولة وهم من إصطلح على تسميتهم بلقب المراقب المالى إلا أنهم خانوا الأمانة».

وأكدت أن المتهمان السابع والثامن قاما بالإحتفاظ بتلك المبالغ في خزائن غير رسمية مرتضين العبث بتلك الأموال، وإنتهاكها لاسيما إذ كانت الدولة قد ناطت بهما وهما من الأمناء على الودائع الحفاظ عليها إلا أنهما راحا يعبثان بها ويطلقون لغيرهم العنان ويسمحون لهم بإستغلالها غير عابئين بما تفرضه عليهما قواعد وظيفتهما.وتسببوا في إهدار أموال هذا الشعب بمبالغ تقشعر لها الأبدان بلغت 1135795341 جنيه من المبالغ التي يتضمنها البند المسمى «احتياطى مواجهة أهداف أمنية» ومبلغ 688821399 جنيه من المبالغ الخاصة باعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة، وثبت للمحكمة من واقع تقارير اللجان المنتدبة من قبل قاضى التحقيق وهيئة المحكمة أنه لا يوجد مخصصات بمسمى احتياطى مواجهة اهداف امنية خصما من اعتماد الباب الاول اجور وتعويضات كما ان موازنة وزارة الداخلية والحساب الختامى لا تتسع لتشمل مسمى احتياطى مواجهة اهداف امنية لانه ليس من البنود القانونية أو المطبقة فعليا لانه مسمى مستحدث وغير مسبوق وغير متعارف عليه محاسبيا ولا يوجد في المحاسبة الحكومية والموازنة العامة للدولة ما يطلق عليه إحتياطى مواجهة أهداف أمنية لأنه العبرة بالصرف الفعلى وليس تقديرى ومستقبلى ولا يوجد ما يحطاط منه«.

وساقت المحكمة شهادات الشهود وتفاصيل إقرار بعض المتهمين بحصول المتهم الأول على المبالغ المالية سالفة الذكر، كما تناولت المحكمة دفوع المحامين وردت المحكمة عليها.