- ننشر تفاصيل مقتل شاب مسيحي بقرية "العوامية" بـ"سوهاج"
- "البلتاجي": لن ينفض الميدان إلا برحيل حكومة "شفيق"، و"النقاش": هذه التظاهرات حماية لمكتسبات الثورة
- الكنيسة المصرية: تصرفات دير الأنبا بيشوي غير حكيمة
- "الكلمة" يدين الاعتداءات على دير الأنبا "بيشوي" ويطالب بالتحقيق العاجل في الحادث!
- نداء الى اصحاب النيافة واصحاب القداسة فى كنيستنا الارثوذكسية
العراق يستنجد بظاهرة تعدد الزوجات لحل مشكلة الأرامل
هل يعقل أن تلجأ دولة ما لتعدد الزوجات لمواجهة مشكلة اجتماعية؟ هذا ما حصل بالعراق، إذ اقترح عدد من النواب تخصيص مكافأة مالية لتشجيع الرجال على الزواج بامرأة ثانية لحل مشكلة الأرامل. دويتشه فيله سألت بعض الناشطات والأرامل.
تعد صفية إسماعيل علي (36 عاماً) نموذجاً حياً على الأرملة الضحية. ففي أوج دوامة العنف الدامية التي عصف بالعراق، خرج زوجها إلى عمله لكنه لم يعد إلى بيته. فقد اعترضت طريقه مجموعة مسلحة وقتلته. وبذلك وجدت صفية نفسها وحيدة مع طفلتيها في بلد يقطع أوصاله العنف. اضطرت هذه الأرملة إلى ترك منزلها بعد أن أجبرها مسلحو القاعدة على مغادرته، فلجأت إلى شقيقها، الذي سقط هو الآخر ضحية للعنف بعد أربعة أشهر من فقدان زوجها.
صفية تتذكر تفاصيل تلك الفترة جيدا وتضيف بصوت خفيض "بعد غياب زوجي وشقيقي لم أجد من يمد لي يد العون لإعالة أطفالي"، فقررت الالتحاق بأحد المراكز التي تعنى بتدريب الأرامل في بغداد وتعليمهن مهنة يعلن أطفالهن من مردودها. وتسترسل صفية، في حوار مع دويتشه فيله، بالقول "بعد أن كان زوجي مسؤولاً عن إعالة المنزل، وجدت نفسي مسؤولة عن إعالة طفلتي، فتعلمت مهنة خياطة الملابس النسائية". وتضيف هذه الأم لطفلتين قائلة: "أرفض فكرة الزواج من جديد خصوصاً إذا كان من يتقدم للزواج بي متزوجاً من امرأة أخرى. وأفضل أن اهتم بمستقبل عائلتي".
قد تختلف تفاصيل قدر صفية بعض الشيء مع قدر أسماء حسن أمين (30 عاماً)، لكن قصة أسماء كُتبت أيضاً في فصل آخر من فصول الدم في العراق، فقد فقدت هي الأخرى زوجها وثلاثة من أشقائها في انفجار سيارة مفخخة في أحد أسواق بغداد الشعبية مطلع عام 2007. وتقول أسماء، التي تعمل اليوم منظفة في إحدى مدارس بغداد، إن "الظرف المادي لعائلتي كان جيداً في السابق، ولم نكن بحاجة لأحد بل كنا نقدم المعونة لمن يطلب المساعدة". وتضيف أسماء لدويتشه فيله قائلة: "من الجيد أن تساعد الحكومة العراقية على تشجيع الزواج من الأرامل".
ضرورة اجتماعية أم سياسية؟
ربما تبدو كلمات أسماء الأخيرة غريبة للوهلة الأولى، فأي دور للحكومة في التشجيع على تزويج الأرامل؟ فنتيجة لتفاقم أعداد الأرامل في العراق قدم بعض النواب العراقيين مقترحاً، طالبوا فيه بتشجيع الرجال المتزوجين بالزواج من امرأة ثانية كحل لمشاكل الأرامل، من خلال تقديم مكافآت مالية لمنفذي المقترح. ليس هذا فحسب، بل مضت بعض منظمات المجتمع المدني العراقية إلى أبعد من ذلك إذ دعت الرجال العراقيين المتزوجين والشباب إلى "القبول بمبدأ تعدد الزوجات بهدف المساعدة على خفض عدد الأرامل". كيف؟ منظمات المجتمع المدني تدعو إلى تعدد الزوجات؟ أجل! وهذا المقترح ليس بجديد في العراق؛ فخلال الحرب العراقية الإيرانية قرر النظام السابق تشجيع الزواج بأرامل الحرب من خلال مثل هذه المساعدات المالية.
واختلفت آراء الناشطات والمنظمات، اللواتي يدافعن عن حقوق المرأة في العراق، بين مؤيد ومعارض لهذا المقترح فالبعض يجد أنه ضرورة سياسية، أما الأخريات فيرون أنه يصب في سياق الضرورة الاجتماعية. في حوار مع دويتشه فيله قالت الناشطة العراقية للدفاع عن حقوق المرأة هناء أدور إن "اقتراح النواب يجب ألا يؤخذ كإجراء سياسي يخدم منافعهم الشخصية السياسية". وأضافت أدور أن "كل ما تحتاجه الأرملة العراقية في الوقت الراهن هو التفافة من الحكومة للإطلاع على مشاكلها ومساعدتها من خلال تقديم المساعدات المالية، فضلاً عن توفير رواتب الضمان الاجتماعي"، مبينة أن "مثل هذه الخطوات أهم من عرضهن للزواج كزوجة ثانية أو ثالثة".
"تعدد الزوجات ليس حلا لأزمة الأرمل"
وأوضحت الناشطة العراقية أن "تبعات الزواج من امرأة ثانية تؤثر سلباً على المقترح النيابي، في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية غير المستقرة التي يعيشها العراق، فضلاً عن أن مشكلة البطالة المتفشية في البلاد". وتشير أدور إلى أن "تعدد الزوجات يعكس نتائج سلبية على معانات المجتمع العراقي"، لافتة إلى أن "النتائج ستخلق أزمات بين شريحة الأرامل، وتكرس لأمراض وظواهر اجتماعية سلبية، وبالتالي يصعب إيجاد الحلول لهذه المشاكل".
وفي الوقت الذي ترى فيه هناء أدور أن "تعدد الزوجات سيجمد طاقة المرأة في المشاركة ببناء المجتمع، وتوقف دورها في الحياة تبعاً للعادات والتقاليد المعروفة والمتوارثة في البلاد"، تؤكد بشرى الجبوري، رئيسة مركز (هي الحرة) أن "هذا المقترح ينبع من ضرورة اجتماعية بحتة ولا دخل للسياسة في هذا الموضوع مطلقاً". وتضيف الجبوري، في حوار مع دويتشه فيله، إن "تقديم المنحة المالية لمن يريد الزواج من أرملة يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة أعداد الأرامل"، مشيرة إلى أن "الأرملة في هذه الحالة لن تكون عالة على المجتمع أو الدولة، من خلال مشاركتها ببناء الأسرة".
وأوضحت الجبوري أن "الزواج من الأرامل كزوجة ثانية يجب أن يكون وفق الشروط والضوابط المتبعة قانونياً، من خلال العقد المبرم"، مشددة على ضرورة أن يتم الزواج قبل أخذ المنحة المالية، "لكي لا يستغل الرجل المبلغ الذي يستلمه". واختتمت الجبوري بالقول إن "المجتمع العراقي من المجتمعات المحافظة، فلا يوجد شي يمنع من أن تقدم الدولة مساعدات مالية، من أجل الحفاظ على هذه الشريحة والقضاء على مشكلة الأرامل المتفاقمة في البلاد".
مشكلة متفاقمة
أجرت وزارة التخطيط العراقية مؤخراً دراسة، توصلت فيها إلى أن أكثر من نصف عدد الأرامل في العراق فقدن أزواجهن بعد نيسان (أبريل) 2003 وغالبيتهن يعلن ما بين طفل واحد إلى ثلاثة أطفال. وذكرت الدراسة أن المستوى التعليمي للنساء الأرامل يتباين بين الابتدائي والمتوسط والجامعي وأن عدد الأرامل اللواتي يحملن الشهادات العليا ضئيل جداً. وبحسب إحصائيات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي في العراق الصادرة في عام 2005 يبلغ عدد الأرمل في البلاد نحو مليون أرملة.
وكشفت الإحصائية عن أن 83 ألف فقط منهن يتسلمن راتب الحماية الاجتماعية، البالغ 65 ألف دينار عراقي (نحو 50 دولاراً)، ويتوزع هذا المبلغ بـ12 دولارا لكل طفل شهرياً، ما يجعلهن تحت خط الفقر، إذ لا يسد هذا المبلغ احتياجاتهن الغذائية فقط.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :