من المنيا ولدت قيادات جديدة بنار الفرن
سليمان شفيق
٥٧:
١٠
م +02:00 EET
الأحد ١٠ سبتمبر ٢٠١٧
كتب : سلمان شفيق
تابعت طوال الاسابيع الماضية النقلة النوعية التي حدثت في المنيا منذ أغلاق كنيسة الانبا بولا بعزبة كدوان مركز المنيا ، وكنيسة السيدة العذراء بعزبة الفرن مركز ابو قرقاص ، كثيرين لم يستوعبوا الدرس الاساسي لما يحدث في المنيا ، من تغييرات هيكلية في رؤية الجهات الامنية ، والكنيسة ، لاول مرة يقوم سكان عزبة الفرن في الصلاة في الشارع في سابقة لم تحدث منذ ان حكم محمد علي مصر ، وحولوا الشارع الي كنيسة من أجتماعات لمدارس احد الي قداديس ، في فرح وثقة وايمان ، حتي انني اري انهم "المعترفين الجدد" ، ومن خلفهم الاسقف العام الحكيم والراعي الصالح نيافة الانبا مكاريوس ، ما حدث أكبر من استجابة الحكم لضغوط جماعة قروية ، بل كان هذا الحدث كاشف ومنشأ ، كاشف بأن "الفتن الطائفية" صناعة أمنية ، لانة كما قال الانبا مكاريوس في بيان له :" إننا نحاول إيجاد أيّة أماكن لإقامة الشعائر الدينية، حتى لا نخرق حظر تنقل المسيحيين وتلافيًا لأخطار محتملة، وقد تكون تلك الأماكن قاعة أو منزلًا أو حتى حجرة بسيطة رديئة التهوية، فإن هذه ممنوعة أيضًا.. ومع أن الدستور يكفل حق العبادة، إلا أن هذا الحق ممنوع على أرض الواقع، وذلك بالإرادة الشخصية لبعض المسؤولين المحليين، بل إن الأمر فى أكثر الأوقات صار أشبه بتتبُّع الأقباط لمنعهم من الصلاة، بل قد يصل الأمر إلى استخدام القوة ضد الشعب ورجال الدين".
ورغم ان الامن قد أغلق كنيسة العذراء بعزبة الفرن متحججا بأن هناك مخاطر علي حياة المسيحيين ، وأن بعض مسلمي القرية معترضين ، فأنة ولمدة اسبوعين صلي المسيحيين في الشارع ولم يحدث شئ لهم بل كان اشقائهم من مسلمي القرية يرحبون بذلك ، هكذا سقط القناع وفك أهل القرية شفرة الامن؟!!
علي المستوي الاخر كان الاهالي من الشباب يقومون بتنظيم الصلاة وجمع التوقيعات وارسالها للاسقف ليرسلها للرئيس السيسي والاجهزة ، وبرزت قيادات طبيعية للاهالي من غير ضجيج ولا "شو اعلامي" ، كما كان الاباء الكهنة (الفرن القس دانيال بيباوي وكدوان القس تادرس سمير)جسدوا وبحق ادوار جديدة علي الاكليروس اقرب لادوار الاباء المناضلين في أمريكا اللاتينية ضد الحكومات الفاشية ، الامر الذي كان له ابلغ الاثر علي القيادات السياسية العليا أكثر من الاف "البوستات"، كما ان هؤلاء البسطاء رسموا بمقاومتهم وصلواتهم ادراك جديد التف حولة كتاب من المسلمين وفجروا قضية حق العبادة ، والاهم ان جيل جديد من القيادات القبطية ولد من "نار الفرن" ، تخطي معظم اجيال الاقباط من احداث العمرانية وحتي مذبحة ماسبيرو، جيل ولد من عمق طمي النيل وبعيدا عن صخب العاصمة ومقاهي وسط البلد وثقافة الاحتجاج ل25 يناير ، مع كامل تقديري واحترامي لجيل (العمرانية ـ ماسبيرو) ، نحن بصدد جيل جديد من المعترفين الجدد يجيد المقاومة السلمية والاحتجاج الروحي الليتورجي ، ومن ثم رسم هذا الجيل شعار:" حق الصلاة مكفول في الشارع" ان لم تسمح لي بالصلاة في الكنيسة ، وهكذا حل "الاحتجاج بالصلاة" عندهم علي "الاحتجاج بالتظاهر" عند من سبقوهم ، كما ان الاسقف العام نيافة الانبا مكاريوس ومنذ احداث الكرم وحتي احداث الفرن ، استطاع ان يسقط العرف الذي كان سائدا من قبل حول مركزية الانابة الكنسية علي الاطراف ، ثم في "فك شفرة العادلي" الوزير السابق في الاغلاق لاسباب أمنية ، ونقلنا نقلة نوعية نحو صيغة جديدة جعلت المنيا صوت من عمق النهر ، نحو الجنوب ، ومثلما انتقل كرسي البطريركية من الاسكندرية الي القاهرة ، أنتقل الوزن النسبي للشهداء والمعترفين من عمق التاريخ الي الحاضر ومن الوجة البحري والمحروسة الي المنيا .
الاان كل تلك المتغييرات لم يراها البعض وتمترسوا خلف السياسة دون رؤية تلك النقلة النوعية ، والبعض الاخر تحدث من خلف الايدلوجية وليس من خلف روحانية المقاومة ، ولا القيادات الجديدة التي خرجت الينا بنار الفرن ، ولا ان الخير العام يأتي من المنيا ، ولا ان السنكسار فتح صفحاتة من المنيا منذ استشهاد ابونا غبريال بالتوفيقية بسمالوط بالمنيا وحتي شهداء طريق الانبا صموائيل مرور باسكندر طوس وشهداء ليبيا وغيرهم .
اليس من حقنا وحق اهل الفرن وكدوان ان نفرح بعيدا عن الحرفية السياسية ، او استخدام المعارضة بالكنائس لاهداف سياسية ..
تحية لهؤلاء الذين صنعوا رؤية جديدة وقيادة تستحق الاشادة بها ، الي اهل كدوان والفرن والاباء القس دانيال بيباوي والقس تادرس سمير والاسقف ذهبي الفكرمكاريوس