لماذا نفشل فى مواجهة الأوبئة والأمراض المعدية؟
مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الأحد ٢٩ اكتوبر ٢٠١٧
وصلتنى رسالة فى منتهى الأهمية، تعليقاً على ما نشرته عن مستشفى ثابت ثابت لمقاومة الأمراض المعدية، الرسالة من أ. د. جمال عصمت، أستاذ الكبد والجهاز الهضمى والأمراض المتوطنة والحاصل على جائزة النيل للعلوم ٢٠١٦، أهمية الرسالة ليست فقط فى أهمية علم وبحث ودأب مرسلها، بل تكمن فى الزاوية الجديدة التى نظر منها، وصور بها أهمية ذلك المستشفى العظيم الذى ينتظر جهودكم وتبرعاتكم، يقول د. جمال عصمت فى رسالته:
ما بين جنون البقر وحمّى الضنك، مضى أكثر من 15 عاماً، مرّت مصر فيها بالكثير من الأمراض والأوبئة المحلية والعالمية، ورغم وجود عدد من مستشفيات الحميات المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، التى تؤدى دوراً حيوياً فى التصدى لهذه الأمراض، ورغم انتشار أقسام الأمراض المتوطنة والحميات بكليات الطب المصرية، فإن عدم وجود معمل مرجعى متكامل لتشخيص البكتيريا والفيروسات يحول دون التشخيص الدقيق وعمل الأبحاث العلمية اللازمة، لذلك نلجأ إلى إرسال التحاليل إلى خارج البلاد، بما يحمله ذلك من تأخير نتائج أمراض حادة تحتاج إلى سرعة فى التشخيص، بالإضافة إلى التكلفة المالية المرتفعة.
لذلك كان لا بد من التفكير فى إنشاء معمل متخصّص لتشخيص الأمراض المعدية بدقة، مع الاهتمام بسلامة العاملين به، وهو ما يُطلق عليه معمل السلامة الحيوية من المستوى الثالث (Biosafety Level 3 Laboratory).
كما أن استعمال نظام العنابر الجماعية لإقامة المرضى يعتبر الوسيلة السائدة حتى الآن فى معظم مستشفيات الحميات المصرية، وذلك النظام ليس الأمثل للعلاج من الأمراض المعدية، ومن المؤكد أنه لا غنى عن اللجوء لنظام عزل المرضى باستعمال الغرف المنفصلة والمصمّمة كمناطق معقّمة، سواء بطرق التعقيم السطحى أو المعالجة الميكانيكية لضغوط الهواء.
ومما سبق يتضح أهمية وجود مستشفى جامعى متخصّص ومتكامل للأمراض المعدية، لنكون على استعداد لمواجهة أى أوبئة أو أمراض فتّاكة تُهدّد المجتمع، سواء بالوقاية أو العلاج، بالإضافة إلى البحث العلمى، تلك الأمراض التى ظلت مهملة فى مصر طوال الأعوام الماضية، وهذه الأمراض ومضاعفاتها هى السبب الرئيسى للوفيات على مستوى العالم.
وفى أكتوبر 2013، قامت جامعة القاهرة بإحياء مشروع مستشفى ثابت ثابت بعد توقف دام عدة سنوات، على الأرض التى أوصى بها المرحوم ثابت ثابت جورجى منذ عام 1936، وخلال عامين، وبعد أن قامت الجامعة بضخ التمويل من مواردها الذاتية، تم افتتاح الجزء الأول من المرحلة الأولى للمستشفى، التى تضم العيادات الخارجية والمعامل الاعتيادية ومركز التشخيص بالموجات فوق الصوتية ومناظير الجهاز الهضمى.
لكن لا يزال المستشفى بحاجة إلى المزيد من الدعم المالى حتى يكتمل الحلم ويخرج المستشفى إلى النور بكامل طاقته كأول مستشفى حميات جامعى لتشخيص وعلاج الأمراض المعدية فى مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولإنشاء المعمل المرجعى للفيروسات، الذى تصل تكلفته إلى 300 مليون جنيه مصرى قد تتضاعف مع عدم توافر التمويل اللازم حالياً، وهذه دعوة إلى منظمات المجتمع المدنى والجهات المانحة لدعم هذا المشروع الذى سينقل مصر إلى آفاق جديدة فى تشخيص وعلاج الأمراض المعدية، لتصبح مصر هى المرجع للدول العربية وشرق أفريقيا فى هذا المجال.
ومما هو جدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية، تُخصّص الجزء الأكبر من دعمها المادى؛ لمقاومة أمراض مثل الدرن، الملاريا، الإيدز.. وذلك بسبب عظم المردود الاقتصادى لعلاج هذه الأمراض، فعلى سبيل المثال تكلفة علاج مريض فيروس سى حالياً فى مصر لا تتعدى 1500 جنيه، فى حين أن علاج أورام الكبد التى قد يُسبّبها الفيروس فى حالة عدم علاجه هى 500 ألف جنيه، التى تكفى لعلاج 350 مريضاً من الفيروس.
نقلا عن الوطن