الأقباط متحدون - البطالة المقنعة .. مصدر الفساد ..!!
  • ٠٠:٣٩
  • الاربعاء , ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧
English version

البطالة المقنعة .. مصدر الفساد ..!!

نبيل المقدس

مساحة رأي

٥٠: ٠١ م +02:00 EET

الاربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧

ارشيفية
ارشيفية
نبيل المقدس  
   أكاد أصل إلي إقتناع تام ونهائي أن مصر موبوءة فعلا بالفساد الأبدي . منذ 20 يوما تقريبا فَقَدَ حفيدي حديث التخرج من كلية الأسنان محفظتهِ التي تحوي في داخلها خصوصياته من بطاقة الرقم القومي وكارنيه الكلية ورخصة سيارتهِ والفيزا الإئتمانية , وبعض من النقود .. تصور حفيدي أن الأمور سهلة وان التعامل مع موظفي الإدارات التي سوف تنهي طلباته  في إستخراج بدل فواقد سهلة ومفروشة بالرمل , وخصوصا بعد ثورة شعبية هائلة نادي فيها الشباب القضاء علي الفساد أولا .. لكنه إصْطَدَمَ بالواقع المرير في مكتب السجل المدني , حيث كانوا يلقفونه من مكتب إلي مكتب أخر يبتعد عنه بضعة سنتمترات .
 
        ويستمر حفيدي حديثه في أسي ويأس بأن كل الإجراءات كانت تدور في صالة مرصوصة مكاتب علي الجانبين في صفين متوازيين , محشور في وسطهما كُتل من البشر متباينة في المستويات والأعمار والجنس  لتقديم الأوراق المطلوبة , و يجلس علي هذه المكاتب موظفون و موظفات تتراوح أعمارهن من 35 سنة فما فوق . كل مكتبين أو ثلاثة يتجمع الجالسون عليها ويتحدثون في مواضيع متباينة ما بين ماتشات كرة القدم , مارين بطبق اليوم حتي زيارة السيسي لقبرص .  هذا المشهد  الذي حكاه لي حفيدي مألوف لي , ويثبت لي بعد ما سمعت خبرا وكنت أرفضه ألا وهو إحالة 75 % من موظفي الحكومة ومن عمال قطاع العام علي المعاش أنه فعلا حق .. حيث أنهم فعلا يمثلون بطالة مقنعة أصابت مصر..!!   
 
        أخذت عمليتي الذهاب والإياب اليومية لحفيدي  ما يقرب من 19 يوما بدون أي أمل .. أخيرا إضطر حفيدي في اليوم العشرين من رحلة العذاب أن يلجأ إلي الطرق الذي كنت لا اود في أول أيام حياته الحياتية ان يسير فيه  , لكن غصب عني و عنه .. ففي هذا الطريق وفيي ذلك اليوم تم الإنتهاء الفوري من رحلة الرقم القومي  ..... لكن بعد ما تأكد حفيدي أن حال اليوم بعد وقبل ثورة 30 يونيو هو نفس الحال , ندم علي الأيام التي فقدها في كفاحه ضد اسقاط الحكم الفاشي , وتحيزه للثورة التي بات الليالي  خارج المنزل من أجلها ومن أجل نجاحها وتحقيق حياة سهلة كريمة ... ونجحت فعلا الثورة وبقي الفساد ,,!!  
 
    البطالة المُقنعة هي وجود أعداد من الأيدي العاملة تزيد عن المطلوب الفعلي لمؤسسة ما, وهذا النوع من البطالة أصبح آفة تفشت في مُعظم مؤسسات القطاع العام والأجهزة الحكومية وقد يظن البعض بأنّ مخاطر البطالة الظاهرة هي أكبر وأخطر من مخاطر البطالة المُقنعة لكنّ في الحقيقة نجد من الواقع أنّ خطر البطالة المُقنعة لا يقل بسلبياته عن مخاطر البطالة الظاهرة . وهناك اسباب كثيرة في هذه الظاهرة القبيحة .. فقد اخذت الدولة علي عاتقها منذ اكثر من ستين سنة تحت عباءة الإشتراكية التي كانت هي سياسة الدولة بأن تتكفل بتعيين أغلب خريجي الجامعات مما فاض العدد في كثير من التخصصات وشح في الأخري , كما كانت تعيًن وبدون روابط أبناء الموظفين والعمال , وهذا ما عطل الإنتاج في جميع نواحي العمل وخصوصا في الدولاب الحكومي , ومصانع قطاع العام , وفي قطاع الخدمات مثل المواصلات والنقل والمستشفيات والمدارس وغيرها . 
 
      االبطالة المقنعة تٌعتبر السبب الرئيسى في تعيين العاملين لدى المؤسسة دون الأخذ بعين الإعتبار الكفاءات والتخصصات والمؤهلات والمهارات اللازمة والمناسبة , لكن كانت الوساطة والرشاوي والمصالح ركيزة التعيين .. كما أنها السبب الرئيسي في تكلفة الخدمة و المنتج .. فالخطوة الإدارية أو الإنتاجية أو حتي الخدمية  التي تحتاج إلي شخصين لتنفيذها , أصبحت الأن من يتمها خمسة أشخاص .. !!! وهذا ما يعطل سير العمل , فيصبح الإنتهاء من خدمة ما عُرضة لأصحاب الضمائر الميتة في ممارسة الضغط علي العملاء في دفع المعلوم , أو ما يسمونه " حق الشاي " . 
 
      لا شك أن الفساد الذي منبعه البطالة المقنعة هو المصدر الوحيد في ظاهرة الإقتصاد الموازي .. وهذه الظاهرة من أخطر الأمور التي تحقق هدم الكثير من الإقتصاد الفعلي ... هناك الكثير من المصانع التي تعمل تحت غياب موظفي الأدارات المسئولة في إعطاء تصاريح التشغيل , مما يسبب في حجب الكثير من حقوق العمال مثل التأمينات الإجتماعية والصحية والتأمين ضد أخطار العمل . كما أن الفساد كان ما يزال هو السبب الرئيسي في زيادة الدروس الخصوصية , التي أصبحت تدريجيا تُمارس أمام أعين الحكومة رسمية وبالقانون ..! 
 
      لا انكر المجهودات العظيمة التي نراها الأن في محاولة رفع معيشة الفرد بالإصلاح الإقتصادي ... لكن طالما ما يزال الفساد باق .. سوف لا تتحرك مصر خطوة واحدة إلي ما يريده الشباب الذي خرج يوم 30 يونيو أملا في حياة جديدة بدون فساد.. فشباب اليوم يريد أولا أن يجد كل اموره سائرة بليونة بعد دراسة طويلة قاسية.
 
 عموما نحن نعيد لأكثر من مرة علي مدي 65 عاما دق جرس الإتذار ..... فمن له إذنان للسمع فليسمع !!!!! !  

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع