الأقباط متحدون - كُفار عباس شومان
  • ١٧:٣٣
  • الاثنين , ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧
English version

كُفار عباس شومان

مقالات مختارة | طارق الشناوي

٠٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٧ نوفمبر ٢٠١٧

طارق الشناوي
طارق الشناوي

من هو الكافر فى مفهوم الأزهر الشريف؟ طبقا لما أعلنه الشيخ عباس شومان، وكيل الأزهر، هو الذى أنكر الشهادتين، ولهذا عندما سألوه: هل القتلة الذين زهقوا أرواح المصلين فى مسجد الروضة كفار؟ أكد أنه لا ينطبق عليهم هذا التوصيف، وهو ما سبق أن صرح به أيضا الإمام الأكبر فضيلة الشيخ الطيب عندما سألوه عن داعش، فنفى عنهم الكُفر، وإن كان هذا لم يمنع الأزهر من إصدار بيانات يشجب فيها جهاد النكاح ونكاح الموتى وإقامة علاقة حميمة مع الحيوانات، لأنها تتعارض مع صحيح الدين، هذا هو أقصى ما يمكن أن يفعله علماؤنا، أما (داعش) فهم كما يبدو بعد كل تلك الحنية التى نواجههم بها لا يجوز لنا أن ننعتهم بالكفار، المعصية الكبرى التى ارتكبوها وأكدها توقيت تفجير جامع (الروضة) أنهم لم يصلوا الجمعة جماعة، تلك هى جريمتهم التى لا تغتفر.

المؤكد أن هذا الرأى ليس منسوبا فقط لشيخ ولكن المؤسسة الدينية كلها تتبناه، لأنه- كما أكد أكثر من مرة وكيل الأزهر- لا يصدر عنه رأى إلا بعد استشارة الشيخ الأكبر، وما استقروا عليه أن من ينطق الشهادتين يُصبح هذا هو طوق النجاة له فى الدنيا والآخرة.

الأمر برمته يقع فى إطار التطبيق النظرى المباشر للنصوص الدينية، وهذا هو سر عجز الأزهر عن ملاحقة مستجدات الحياة، القتلة دائما ما يستندون فى أفعالهم إلى آيات يفسرونها خطأ فى القرآن وإلى أحاديث يقرأونها خطأ فى صحيح البخارى، وما أدراك ما البخارى! تلك الأحاديث تدعوهم وبضمير مستريح لأن يقتلوا المسيحى والشيعى والصوفى وهم فى مأمن، بل سعداء جدا لأنهم ينفذون أوامر الله، وفى طريقهم للاستمتاع فى الجنة بالحوريات.

إنها القراءة النظرية المباشرة، وسوف تستمر مع الزمن لأننا لا نريد إعمال العقل، قرارات هيئة كبار العلماء فى الأزهر التى تعد بمثابة إجماع الأمة أيضا محصنة من النقض فى الأزهر، الذى لا يريد سوى أن يريح ويستريح، ولهذا لا يدخل فى صراع فكرى من أى نوع، فهو يلتزم فقط بما هو مدون ومكتوب نصا، وعندما يتلقى سؤالا تأتى الإجابة قاطعة: هذا هو رأى هيئة كبار العلماء، ومهما دخلت من متغيرات تدعونا بالضرورة لإعادة فرز الأفكار، نكتشف أن الاستكانة والاستسلام للرأى الذى توارثوه من جيل إلى جيل هو الذى ينتصر بالضرورة فى نهاية الأمر.

يتحدثون دائما عن تجديد الخطاب الدينى، كيف نجدد ونحن نرفض داخليا أى تغيير للمؤشر يخرجنا من الالتزام الحرفى بالنص إلى ضرورة إعمال العقل؟، إنه الجهد الذى لا نريد أن نبذله، وهو تحديدا ما فعله الإمام محمد عبده قبل نحو 120 عاما عندما أباح العديد من المظاهر التى يعتبرها الآن عدد من الأزهريين من المحرمات، مثل صناعة التماثيل، وقال لهم إذا كانت تُصنع للعبادة فهى حرام وإذا كانت للزينة فهى حلال، ولولا تلك الفتوى ما كان قد سُمح بافتتاح كلية الفنون الجميلة التى كانت تحمل اسم مدرسة الفنون، والتى مهدت بالضرورة لدخول السينما، كل هذه المستجدات التى عرفناها فى مطلع القرن العشرين ما كان من الممكن أن ترى النور لولا أن هناك شيخا جليلا كان يشغل وظيفة مفتى الديار المصرية فكر مرتين فى النص وتأويله فقرر أن يسمح لنا بما هو ممنوع بالضرورة لو التزمنا حرفيا بالنص، كانت تلك هى الإشارات الخضراء التى أطلقها الإمام محمد عبده، ومصر تنتظر اليوم قبل غدٍ هذا الإمام المستنير!!.
نقلا عن المصرى اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع