دار الزمن دورته
أوليفر
٥٢:
٠٨
ص +02:00 EET
الخميس ٢١ ديسمبر ٢٠١٧
Oliverكتبها
- ملء الزمان هو مصطلح عجيب تعلمناه من الروح القدس غل4:4.عبارة تحوى في أعماقها أخباراً متواصلة و أحداثاً متعاقبة و تراكماً تاريخياً يتكشف عبر الأزمان.التجسد هو مفتاح سر ملء الزمان. فى ملء الزمان حدثت الولادة الجسدية لإبن الله. بعد أن صارت الأيام حبلي بالنبوات حتي إتخمت عن آخرها صار ملء الزمان شاهداً للتجسد.لنتأمل فنقترب إلى هذه العليقة و نبصر عجباً.
- لما أخطأ أبوانا خرجا من الزمن الإلهي وإلهامه و صارا تحت الزمن الأرضى و أحكامه.عاشت البشرية مع الوعد العجيب: نسل المرأة يسحق رأس الحية.لأنه من نسل المرأة ولد المسيح غالب الحية. ظل الزمان كالبشرية يجتاز مراحل الولادة حتى جاء ملئه.
- كما يحدث للأم الحامل أنها لا تعرف بالحمل في حينه لكنها تشعر بنتائجه سريعاً.هكذا كانت البشرية تجهل معني الوعد الإلهي بالخلاص, ظنت أن الخلاص سيحدث في سنوات قليلة أو في نفس الجيل الذى ولد بعد الخطية حتي أن حواء دعت إسم إبنها قايين أي إقتنيت رجلاً ظناً منها أن نسل المرأة قايين الرجل هو الذى سيسحق رأس الحية فكان قايين كالحمل الكاذب الذى كشف الزمن زيفه و صدمت حواء في قايين أكثر مما فرحت بولادته.عار قايين القاتل جعل الموت شهوة.لو علمت أم القاتل بما سيحدث من جنينها لتمنت لنفسها العقم لا الأمومة .هذا قايين و نسله أملاً كاذباً من جهلنا ظنناه مخلصاً. دار و توارى من الزمن.
- بدايات البشر كبدايات الحمل.كان الحمل متقلباً معرضاً للخطر و الفشل. الأمل في المولود المنتظر ضعيفاً مع أن الحاجة إليه كانت جادة و حادة.إنتقلنا كما تنتقل الحامل من مشاعر فتاة إلى مشاعر أم.تنسى مراهقتها و تستعد لعالم جديد. إجتزنا نفس هذه التقلبات.بدأنا نري آباء الأجيال الأولي و هى تعيش البر ثم تنقلب علي البر. و ضاعت البشرية بتوالي السقطات و ضاع حملها و إنتهى حالها بالطوفان.إذ إستنفذت البشرية كل جهدها في إبتكارات للخطية حتي ماتت بالتمام. بل حتي جيل الآباء البطاركة إبراهيم و إسحق و يعقوب تمادى في تقلباته من البر إلى الإنحدار ثم العودة من جديد في مصارعات بين الوجود مع الله و بين العدم.
- إمتد الزمن كما يمتد الحَمْل بالأم و يستقر.يحدث ثبات مع الألم.تأقلمنا مع الوجع. إقتراب الحياة الجديدة يعزى الأم المنتظرة جنينها و يعزي البشر المنتظر مسيحه.هكذا صرنا.كل زمن الأنبياء ثبتت أوجاعنا.تخبطنا كما تتخبط الأم من جنينها.من الداخل من ضمائرنا المهزوزة جائت الركلات.بالإغتراب و إنتفاخ الذات سرنا ببطء مثقلين بالآثام حبل بنا.كانت الأنبياء تلكز ضمائرنا كي ننتبه.فما إرتحنا و لا أرحناهم.تضخمنا من كثرة النبوات.كل شيء كان ينبهنا أن قدوم الوليد أكيد.و كما يحدث للأم أنها تظن عند شهرها السابع أن مولودها قادم فتكتشف أن شهرين متبقيان لتنتظر من جديد.هذا حدث للبشرية.مسحاء كاذبون إدعوا أن المسيح أتي.و إكتشفنا أنه ليس بعد.حتي غابت النبوات و ما عدنا نسمع أصوات السماء القادمة.تشككت البشرية في قدوم المولود حتي تكاد تصدق أنه مات و لن يولد.حتي أن سمعان الشيخ أراد أن يعدل النبوة فلا عذراء تلد و لا أم تستحق.ففعالجه الله بمزيد من الزمن.يبقي حتى ير المسيح الرب الذى لم يصدق أحداً ولادته.إقترب الجنين من الولادة و إقترب الزمن من ملئه .هدأ الحماس و دار الزمن دورته.
- إمتلأ الزمن بكل شيء. إحتلت النبوات العقل لا القلوب.تواجدت الشخصيات اللازمة لإستقبال المولود.الزمن يسطر تاريخ المجئ الأول و يكتب في كتب الناس أن الله قد ظهر في الجسد.الملائكة نشطت من جديد و إستضاف البشر بعضها بتودد.إتفقت النجوم مع النجم السمائى.ظهر من بقاع الأرض باحثين عن المولود ساروا مع الزمان طريقهم حتي لاحت في سماءهم بشائر مولود المزود.هذا ملء الزمان بكل ما إمتلأ الزمان به.لكن مهما إمتلأ الزمان فقد ظل في فراغه ينتظر الملء الحقيقي الذى هو يسوع الرب المتجسد.تسلم الزمن المولود و سلم نفسه للمولود و تغير الزمن.لأن الزمن وصل إلى ملئه فما عاد يصلح أن يبقي العتيق بل أن يتولد الجديد و يتواري العتيق .المسيح هو ملء الزمان الذى صنع بذاته زمن الحب.زمن النعمة و الأمجاد.كان الزمن خالياً من هذه الإمتلاءات المقدسة فلما جاء ملء الأزمنة يسوع المسيح أضاف كل ملئه إلى ملئنا فإمتلئنا نعمة فوق نعمة و صار الزمن أبدياً .
- هذه قصة الزمن و المولود.كيف عاشت البشرية دورات الزمن .كيف في بطن البشرية إدخر المولود رجاءاً و وجد لنفسه طريقاً.جاء من العذراء التي صارت علامة للزمنين.العتيق و الجديد.هذه صهيون التي تتجدد كل يوم لأن من أحشاءها دخل الزمن و خرجت الأبدية.دخلت النبوات و خرج المسيح.دخلت أشواق الناس و خرجت أشواق الثالوث.دخلت كلمات الناس و خرج الكلمة الذى كل مفرداته إلهية.هذه العذراء باب ملء الزمان الذى صارت كما قالوا عنها المعمل الإلهى.
- من بعد التجسد صار الزمن خادماً بلا سلطان لأن الله الذى علم الزمن أيامه إسترد لنا منه السلطان.نعم مسيحنا و نحن فيه صرنا فوق الزمان.فلتذهب أيام الزمان كما شاءت لأن يومنا في المسيح لا ينقضى.صار الزمن يتودد إلينا كعبد و نتسيده نحن كورثة الأبدية.ما أعجبك يا من أعطيتنا الملء حين تجسدت في ملء الزمان