الأقباط متحدون - هذا ما يحدث لدماغك أثناء التخدير!
  • ١٧:٠٧
  • الاربعاء , ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧
English version

هذا ما يحدث لدماغك أثناء التخدير!

٠٤: ١٠ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٧ ديسمبر ٢٠١٧

صوره  تعبيريه
صوره تعبيريه
 يتلقى في الولايات المتحدة ما يقرب من 60 ألف شخص تخديرا، أثناء الجراحة كل يوم، من خلال الحقن، أو استنشاق الغاز المخدر، حيث يفقد الإنسان الوعي بأمان بينما يتم إجراء الجراحة، ويبدأ بعد ذلك إعادة الوعي خلال ساعات، وقد تظهر بعض المشاكل في الذاكرة.

يقول ديفيا تشاندر، طبيب وعالم أعصاب وعضو هيئة تدريس لمدة 7 سنوات في قسم التخدير بجامعة ستانفورد: «ربما تكون هذه التجربة الأكثر كثافة في علم الأعصاب التي نقوم بها مع الناس على أساس منتظم»، فعندما انتهيت من الدكتوراه في علم الأعصاب وقررت متابعة التخدير، رأيت أنها ليست فقط عملية تتم خلال الجراحة، بل يمكن من خلال استكشاف الوعي البشري، والتلاعب بالوعي البشري، من أجل الحياة".



على الرغم من أننا كنا نستخدم التخدير لأكثر من 170 عاما، إلا أن تلك الأسئلة لم تكن محل اهتمام، لأننا لم نكن نعرف كيف يعمل التخدير حقا.

تم استخدام التخدير لأول مرة في الولايات المتحدة في عام 1846 في مستشفى ماساتشوستس العام. وكانت العقاقير المخدرة المفضلة في ذلك الوقت هي الأثير والكلوروفورم وأكسيد النيتروز، وفي غضون فترة زمنية قصيرة كانت تستخدم على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد وحول العالم، وعلى الرغم من أنها ساعدت على إجراء عملية جراحية أكثر راحة، إلا أن آلية عملها كانت لغز.

يقول هيو همنجز، طبيب التخدير في مستشفى نيويورك وأستاذ في طب وايل كورنيل، أن أساس الغموض هو أن العديد من العقاقير المخدرة يمكن أن تحقق نفس النتيجة.

يقول: "لا يوجد في الواقع أي هيكل كيميائي مشترك يمكن استخدامه للتنبؤ بأن المركب سيكون مخدرا". "هذا أمر غير عادي لأن معظم الأدوية التي نعرفها تتفاعل بطريقة دقيقة مع مستقبلات الجسم، كالقفل والمفتاح مثلا". مع التخدير، يمكن للمواد الكيميائية متعددة ومختلفة جدا أن تنتج نفس التأثير: فقدان الوعي. كيف يمكن أن يحدث ذلك؟

ظهرت واحدة من النظريات الأولى في أواخر القرن التاسع عشر عندما وجد العلماء أن قوة التخدير يمكن التنبؤ بها عن طريق قابلية الذوبان في زيت الزيتون. كانوا يعتقدون أن التخدير يتفاعل مع الدهون، أو أغشية الخلايا في المخ، واستمرت هذه النظرية على مدى عقود، حتى عام 1984، حيث وجد نيك فرانكس وبيل ليب، في كلية إمبريال وكلية كينغز في لندن، أن التخدير يمكن أن يعمل في غياب أغشية دهنية، وفي شهر مارس من هذا العام، قدم هيمنجز وزملاؤه أدلة أكثر دحضاً لنظرية الدهون، وأكد أن التخدير يتفاعل فعلا مع البروتينات في المخ.


وقد أظهرت دراسة أخرى الآن أن التخدير يتفاعل مباشرة مع عدد من البروتينات المختلفة أو مستقبلات الخلايا، ويعمل على تغيير الطرق التي تنتقل بها الخلايا العصبية، بين القنوات الأيونية والمستقبلات العصبية، مثل ما يُعرف بمستقبلات "جابا" التي تستجيب لواحدة من الناقلات العصبية المثبطة الأولية، وعندما يتم تنشيط تلك المستقبلات يمكن أن يحدث غبطاء للعصب أو توقفه تمامًا.

إيمري براون هو طبيب التخدير في مستشفى ماساتشوستس العام، وأستاذ في طبيب التخدير بكلية الطب بجامعة هارفارد، وأستاذ علم الأعصاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. انه يعتقد انه شيء رائع أن نعرف الجواب على مشكلة الدهون أو البروتين، وأن كل يوم ونحن نتعلم المزيد عن آليات لتخدير. ولكن هذه المعرفة وحدها لم تؤد إلى فهم كامل لكيفية عمل التخدير، فإذا قلت لكم أن المخدرات ترتبط بمستقبلات غابا معينة، وعليه لا زال السؤال مطروح، لماذا تفقد الوعي؟"

وهناك عدد من المقالات والاستعراضات العلمية التي تتناول تلك الفكرة، فنحن لا نزال نجهل كيف يؤدي التخدير إلى فقدان الوعي، وتقول أحد المقالات في عام 2014: "على الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه، ما زلنا نفتقر إلى رؤية واضحة وشاملة للآليات العصبية التي تعمل على التخدير العام، من المستوى الجزيئي إلى المستوى الكلي للدماغ"، "حاليا نحن لا نفهم كيف يؤدي التخدير إلى فقدان الوعي".

لكن أطباء التخدير، مثل براون وشاندر، يعتقدون أن هذا الموقف يأتي من التركيز فقط على المستوى الجزيئي، بدلا من التركيز على رؤية علمية أوسع، فيقول براون أن مجموعة متزايدة من أطباء التخدير تتخذ نهجا أكثر شمولية، وقد تم ذلك لعدة سنوات، حيث انهم يستغلون تخدير مئات الأشخاص كل أسبوع، ويتم قياس نشاط المخ بأدوات قياس الإشارات الكهربائية للدماغ من خلال فروة الرأس، ومع هذه المعلومات، يعلمون المزيد عن التخدير، ويلقون الضوء بشكل أكبر على بيولوجيا الوعي.

إعلان
يبدو أن علم التخدير والوعي مرتبط بشكل وثيق، ومع ذلك، لم يكن دائما متزامنًا، ويقول جورج مشهور، وهو طبيب التخدير والأعصاب في جامعة ميشيغان الأمريكية، انه خلال زمالة التخدير، قام بالبحث في الجزء المسؤول عن الوعي داخل الرأس، وحتى أوائل عام 2000 لم يكن يجد اي منشور علمي يتناول هذا الأمر.

يقول همنجز، الذي يتناول الجانب الجزيئي لأبحاث التخدير، أنه منذ عقود عديدة، كان فهم العلماء محدود حول الجهاز العصبي وعلم الأعصاب الأساسي، ولكن الآن نعرف المزيد عن كيفية عمل المخ بشكل عام، ويمكن دراسة التخدير توسيع، وبالفعل أن أعمل على المستوى الجزيئي، والبعض الآخر يدرس مستوى أكثر سلوكية في مستويات وعي أو كهربية الرأس، ويظل دمج تلك المستويات أكثر التحديات بالنسبة لنا، وهذا هو الهدف النهائي.

ويوافق براون على أنه يتعين على الباحثين عن هذا الدمج، النظر في الدوائر العصبية الشاملة. "لقد حاول أطباء التخدير لسنوات وصف آلية التخدير فقط من حيث الصيدلة"، وكيفية عمل العقاقير المخدرة.

فمادة البروبوفول، على سبيل المثال، والتي هي واحدة من أكثر المواد المخدرة شيوعا، عن طريق الوريد، حيث تنتقل عبر الأوعية الدموية الرئيسية التي تمر عبر المخ، حيث يتفاعل مع مستقبلات غابا ويتم إيقاف مراكز الإثارة، ولكن الآن نحن نتحدث عن الآلية.

يقول باتريك بوردون، وهو مهندس في علم الأحياء وعلم الأعصاب في مستشفى ماساتشوستس العام، وأستاذ مشارك في التخدير في كلية الطب بجامعة هارفارد، إنك قد تخمن أن التخدير يعمل عن طريق تثبيط المخ عبر مستقبلات جابا وإيقاف نشاط المخ، "في غياب المعرفة، فهذه فرضية جيدة جدا"، واضاف "لكن الامر اكثر تعقيدا، وأكثر إثارة للاهتمام. "

منذ بوردون وبراون تم مراقبة نشاط المخ خلال عملية التخدير، من أجل البحث في كيفية توقف المخ أثناء التخدير، المثير أنهم بدلا من رؤية دماغ هادئ، رأوا إشارة قوية جدا تبدو مختلفة عن أي إشارة في حالة الاستيقاظ، كما أصبحت مناطق المخ تدريجيا معوقة، حيث ظهرت موجات بطيئة من النشاط الكهربائي تبدأ في التذبذب من خلال المخ، هذه التذبذبات تعمل على تغيير التوقيت عند الخلايا العصبية التي استقبلت التخدير، وهو ما يمنع عدم قدرة مناطق المخ على التواصل مع بعضها البعض.

يقول بوردون: "إن تعطيل هذا الاتصال بين المناطق المختلفة، يمكنك أن تتخيل معه آثار تخريبية واسعة على كيفية عمل المخ ككل، وهو ما يبدو أنه الآلية الفعلية لعمل التخدير، وتثبيط الخلايا العصبية، وعلى مستوى أعلى، سوف يتم العبث بأجزاء مختلفة من المخ قادرة على العمل وكيف أنها قادرة على التفاعل مع بعضها البعض.

في عام 2012، أظهر بوردون وبراون هذه التذبذبات بمزيد من التفصيل عن طريق قياسها مباشرة في المرضى الذين يعانون من الصرع، والذي لديهم بالفعل أقطاب في أدمغتهم لتسجيل المضبوطات.

عندما يقعوا تحت التخدير، فيتم تسجيل موجات المخ والنشاط العصبي مباشرة، ويقول براون: «إنها نوبة تحدث لهم عندما يرتفع النشاط الكهربي، ويتم تعطيل الاتصالات، وهو ما يعني خسارة الوعي.

يعتقد براون وبوردون أن هذه الإشارات هي المفتاح لفهم التخدير، لقد وجدوا أن كل نوع من المخدرات ينتج نوع مختلف من التذبذبات، والتي يمكن أن تتغير اعتمادا على عمر المريض، وقد تعلم براون أن هذه الاختلافات وما تعنيه حول كيفية فقدان الوعي، يعني أنه لا يجب أن تعطي لهم مخدر أكثر مما يحتاجون.

ويقول براون، أن المشكلة هي أن معظم أطباء التخدير لا تُستخدم أثناء العمليات الجراحية، حيث تعتمد فقط على معدل ضربات القلب وضغط الدم والحركة كمؤشر على حالة التخدير، وبعض من يستخدم الموجات الكهربائية لا ينظر إلى الموجات الطبيعية، وبدلا من ذلك، يستخدم مجموعة من الخوارزميات التي توفر ملخصا للبيانات الكهربائية، والتي يمكن أن يكون تبسيطا، وليس شرح مفصل.

إعلان
ويقول براون إن إشارات التخطيط المخي تحت التخدير أقوى إشارة من حالة الاستيقاظ، ويضيف أنه رغم أن أطباء التخدير يرون أن القياسات الزائدة تأخذ الكثير من الوقت، أو معقدة جدا في قرائتها، لكنه يعتقد أنه من الأهمية بمكان دمج المستويات الكهربائية، في مستوى الرعاية.

ومنذ عام 2011، تم تشكيل قاعدة بيانات لجميع إشارات المرضى بشكل كهربائي أثناء التخدير، ويضيف: "لقد فوتنا فرصة هائلة لقيام علم الأعصاب على ظاهرة نتحكم بها بشكل فريد". "لا أحد آخر في علم الأعصاب لديه رخصة لدراسة هذا، كطبيب تخدير، يمكنك أن تعمل على خمسة أو ستة أشخاص يوميًا، ما يوفر عينة جيدة جدا للدراسة، بخلاف الأطباء الآخرين التي لا تتوفر لديهم تلك العينات.

في ستانفورد، قامت ديفيا تشاندر بالتدريب على استخدام الموجات الكهربائية، وكان براون الذي شجعها أولا على استخدام ذلك في غرفة العمليات الخاصة بها، وقامت بتعليم المتدربين قراءة تلك الموجات بسهولة، كما تقول، ولكن لديهم صعوبة عندما يخرجون لممارسة ذلك من تلقاء أنفسهم، بحجة عدم وجود أجهزة لذلك، أو عدم وجود وقت كافي.

وعملت تشاندر، مثل براون، على إنشاء قاعدة بيانات، وحتى الآن لديها حوالي 700 تسجيلا للمرضى، جنبا إلى جنب مع بعض "الظواهر العميقة" حول تأثير المخدر على المخ ونشاطه، وهي تقارن حاليا موجات تخدير المخ التخدير التي تأتي من النوم، أوالغيبوبة أو نوبات الصرع، مقارنة بالموجات الصادرة عن التخدير، مشيرة إلى أن الموجات تكون مختلفة عن الموجات الصادرة أثناء عملية الإفاقة.

وتعتقد تشاندر، أن تلك الذبذبات لا تقودنا فقط إلى رعاية أفضل، ولكن تعود بنا إلى الأسئلة الكبيرة وهي كيف يتعامل المخ مع هذه الموجات البطيئة، وكيف أن ذلك يعطل الاتصالات في المخ، ويتصل أيضًا ببعض النظريات الحالية للوعي، حيث أن الوعي لا يوجد فقط في جزء معين من المخ، بل يحدث في مختلف مناطق المخ، واتصالها مع بعضها البعض.

وتتسائل: "ما الذي ألاحظه كطبيب أعصاب؟" "إذا كانت أدمغتنا في الأساس تتكون من أجهزة مستقلة، فإنها تبدو أكثر ارتباطا وظيفيا، وتبدو أقل تزامنا، ولكن ماذا يعني ذلك بيولوجيا؟

كما تتساءل: هل العقول تنتج الوعي ببساطة لأنها مرتبطة بما فيه الكفاية ومعقدة؟ هل هذا كل ما نحتاجه؟

يمكنك بناء آلة معقدة بما فيه الكفاية؟ ويمكن أن نربط ادمغتنا بتلك الآلات أو بالعقول الأخرى التي تؤدي إلى زيادة الوعي، لأنها تنطوي على مزيد من الاتصال؟، وتضيف "أحب أن تكون فكرة التخدير نقطة الدخول لدراسة الوعي البشري، ودراسة هذه الظاهرة في العقول البشرية دون الإضرار بها".

ويعتقد براون أنه يمكن أن يكون التخدير العام لديه الإجابة على كل تلك الأسئلة؟ وربما لا ولكن يمكن أن يقدم رؤى جديدة لم تكن في المتناول من قبل، وإعطاء بيانات دقيقة حول كيفية التخدير والدوائر العصبية وتعطيل المخ.

حتى ذلك الحين، يقول تشاندر أنها سوف تستمر في التعجب من فقدان ثم اكتساب الوعي، ولكن آليات تلك العملية سوف تتكشف يوما بعد يوم، مضيفة انها تحب استخدام ضخ بطيء للمخدرات، حتى تتجنب التغيرات السريعة في القلب وأنظمته التنفسية، وأيضا حتى يسمح لتشاندر بمشاهدة بمتابعة أدمغة المرضى وهي تنخفض ببطء.

وتضيف: "يمكنك أن ترى أجزاء من المخ تبدأ في إيقاف". "بدءا من الجزء من المخ الذي يتخذ القرارات، ويستجيب للأوامر، وببطء يذهب المخدر من القشرة إلى داخل الرأس وجذع المخ، يمكنك مشاهدته لأن عيونهم تبدأ في التغيير والغلق، ثم يبدأ تنفسهم في الذهاب بعيدًا، انه شيء جميل!

 
الكلمات المتعلقة