لا للتدخل في شؤونا الداخلية
هاني صبري لبيب
٠٢:
١١
ص +02:00 EET
الاربعاء ١٧ يناير ٢٠١٨
هاني صبري لبيب - المحامي
نرفض تدخل نائب الرئيس الأمريكي مايل بنس لمناقشة قضايا الأقباط في زيارته لمصر، فنحن لسنا في حاجة إليّ وصاية من أحد، بينما كل مشاكل الأقباط يجب أن تناقش في داخل مصر من منطلق وطني، حيث نطالب بحقوقنا المشروعة في بلدنا ووفق آليات قانونية نص عليها الدستور والقانون المصري؛ فمشاكلنا شأن خاص بِنَا وأنه يوجد مشاكل عديدة يعاني منها الأقباط، ولكننا رغم ذلك نرفض دعاوي الاستقواء بأي دولة مهما كانت قوتها، والجميع يعلم تاريخ الأقباط المشرف علي مر كل العصور في هذا الشأن.
هنا تحضرني مقولة البابا بطرس الجاولي عندما أجاب علي طلب قيصر روسيا حماية الأقباط، قائلاً لمندوب قيصر: هل قيصر يموت؟ فقال له نعم. فأجاب البابا: " أنتم تعيشون تحت رعاية ملك يموت، وأما نحن فنعيش تحت رعاية ملك لا يموت وهو الله". الأقباط في حماية الله كلي القدرة ولا نلجأ لأحد غَيْرُه.
حيث تنتهج الإدارة الأمريكية في سياستها الدولية، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، سياسة الفوضي الخلاقة التي تقوم دعائمها ومرتكزاتها علي تأجيج الصراع الطائفي لضرب الاستقرار وتفكيك الدول وهي تسعي دائماً لتحقيق مصالحها الخاصة وليس البحث عن حلول لمشاكل الأقباط ،
مما يجعلنا نتساءل: ماذا فعلت أمريكيا لمسيحي العراق وسوريا ولبنان وبلدان أخري ؟!
أين كانت الولايات المتحدة الأمريكية ؟! وماذا فعلت حينما قامت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة بعد فض اعتصام رابعة، والنهضة بحرق الكنائس والتعدي علي أقباط مصر وممتلكاتهم؟
حيث يعاني أغلب المصريين بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وأمور أخري كثيرة ، ويضاف إليّ ذلك زيادة معاناة الأقباط من بعض أشكال التمييز ضدّهم فيما يتعلق ببعض الأمور، مع تنامي التيارات الإسلامية الأصولية المتشددة وانتشار الأفكار التكفيرية المتطرفة التي تحض علي الكراهية وعدم قبول الآخر. وغيره من المشاكل الكثيرة في الموروث الثقافي، نتيجة انتشار الأفكار الغربية علي المجتمع المصري الواردة علينا من ثقافة البادية ... وهي بعيدة كل البعد عن سمات الشخصية المصرية.
في تقديري، بالتأكيد توجد مشكلات متعددة يعاني منها الأقباط ولا يستطيع أحد أن ينكرها، ويجب حلها في الداخل المصري، وهناك أمور تحتاج إلي تغيير ومعالجات مختلفة عن الوضع الحالي، وأن الأقباط تحملوا الكثير والكثير من أجل هذا الوطن ، ويجب الاستجابة لمطالبهم العادلة باعتبارها أبسط حقوقهم المشروعة في المواطنة الكاملة.
ونحن ندرك أن التغيير والبناء يحتاج وقتا طويلاً ، كما ندرك أننا في مرحلة غاية في الخطورة تحتاج إلى تماسك وتضافر جهود كل المصريين، ولكن يجب أن نبدأ الآن في العمل بكل جدية لحل تلك المشكلات للمحافظة علي الأمن القومي المصري ووحدة المصريين. ولابد من وجود إرادة سياسية حقيقية وفعالة للقضاء علي كل أشكال التمييز. وأن تتحمل كافة مؤسسات الدولة مسئولياتها الدستورية والقانونية للتصدي بكل حزم لكل أشكال التمييز، وتحقيق المساواة الكاملة بين المصريين في الحقوق والواجبات إعمالاً لمبدأ المواطنة وتطبيق دولة سيادة القانون. كما نطالب مجلس النواب الموقر بسرعة إستصدار مفوضية عدم التمييز المنصوص عليها في الدستور.
دعنا نختلف فيما بينا في الداخل من منطلق وطني ومن أرضية وطنية ونرفض التدخل في شؤونا الداخلية من أي أطراف خارجية.