لا تنسوا إصلاح الخريطة الحزبية في سباق الانتخابات الرئاسية
يوسف سيدهم
١٥:
٠٨
ص +02:00 EET
الأحد ٢٨ يناير ٢٠١٨
بقلم يوسف سيدهم
استقبلت مع جموع المصريين الغيورين علي وطنهم بكل ترحاب وارتياح إعلان الرئيس السيسي ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية لفترة ثانية, وكان هذا الإعلان هو النتيجة المنطقية والحتمية التي انتهي إليها مؤتمر حكاية وطن الذي كان بمثابة كشف حساب قدمه السيسي للشعب المصري عن إنجازاته خلال فترة رئاسته الأولي التي امتدت أربع سنوات -2018/2014- ويا له من كشف حساب عظيم ومشرف ليس للسيسي وحده إنما معه الدولة المصرية بشعبها وجيشها ومؤسساتها.
بالفعل تملكتني مشاعر الزهو والفخر وأنا أتابع إنجازات السنوات الأربع الماضية والتحديات التي واجهتها مصر في ظل قيادة السيسي في ميادين الإصلاح والتنمية ومحاربة الفساد ومعركة الإرهاب بالتوازي مع ميادين المشروعات القومية العملاقة والنهوض بالبنية التحتية في نظرة مستقبلية حكيمة وشجاعة لحرث الأرض ورعايتها وتجهيزها للأجيال المقبلة لتقطف الثمار… وفي نفس الوقت وبجانب تلك النهضة الداخلية كانت المهمة الشاقة للانفتاح علي العالم الخارجي في شتي القارات للتواصل والمصالحة وتوثيق العلاقات إحياء لروابط قديمة سابقة وتدعيما لصداقات متواصلة واكتسابا لأصدقاء جدد.
السيسي نجح بامتياز في قيادة مصر وتحديثها خلال فترة رئاسته الأولي وإنجازاته تعد قياسية بجميع المقاييس في فترة أربع سنوات, وإذا كان لديه المزيد من الطموحات والرؤي التي يتطلع إلي تحقيقها في فترة رئاسته الثانية فأنا أثق أنه يدخل سباق الانتخابات الرئاسية ومعه رصيد هائل من إنجازات الفترة الأولي, بالإضافة إلي رصيد أكبر منه من حب وثقة وتعضيد المصريين, وذلك يجعله بدون شك الحصان الرابح في السباق… صحيح أن كل غيور علي التجربة الديمقراطية في مصر ينحاز إلي التعددية وأن ينضم إلي سباق الانتخابات الرئاسية مرشحون آخرون يتوفر فيهم النضج والجدية والخبرة ويستطيعون إقناع المصريين ببرامجهم ويستحوذون علي أصواتهم في صندوق الانتخاب, لكن يجب الاعتراف بأن السيسي يتصدر السباق عن جدارة واستحقاق.
لهذا كله أنا لست قلقا علي نتيجة الانتخابات الرئاسية, إنما مثلما قال السيسي في إعلان ترشحه, ما يجب الاهتمام به هو مشاركة المصريين في العملية الانتخابية وحرصهم علي التفاعل مع شتي المرشحين والاستماع إليهم وتقييم برامجهم ومنحهم فرصا متكافئة والذهاب بكثافة إلي صناديق الانتخاب للإدلاء بأصواتهم… لأن في ذلك إدراك مرحلة مهمة في اتجاه النضج الديمقراطي علاوة علي تصدير صورة وطنية طيبة للعالم أجمع وهو يتابع ما يحدث في مصر… سواء من يتابع دون غرض لرصد إرادة المصريين أو من يتابع بغرض التربص والتشويه وتزييف الحقائق.
والآن بعد أن دخلنا مرحلة الانتخابات الرئاسية ونعيش ونتابع وقائعها وتداعياتها دعوني أعود لأفتح ملفا مسكوتا عنه واعتبره من أهم الملفات التي سأبحث عنها في برامج كل المرشحين في سباق الرئاسة… إنه ملف إصلاح الخريطة الحزبية… فاهتمامي بمسارات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتطوير التعليم والصحة وخلق فرص العمل وتمكين المرأة والشباب, وإعلاء قيم المواطنة مايزال ثابتا, لكنه اهتمام باستمرار دوران العجلة في كل تلك المسارات لأنها بالفعل بدأت تدور بل انطلقت… أما مسار إصلاح الخريطة الحزبية فهو ما أعتبره التحدي الحقيقي في المرحلة المقبلة ويحتاج إلي تحريكه من الجمود والعجز والتخبط الذي يعاني منه لتأهيل وإعداد كتل سياسية قوية تستطيع ممارسة العمل الحزبي والسياسي وتقدر علي إفراز شخصيات وقيادات تتسلم المسئولية وتباشر عملية تدوير السلطة سلميا.
هذا الملف الخطير هو ما أتطلع أن يحمله الرئيس السيسي -أو أي رئيس آخر- حال وصوله للسلطة بعد الانتخابات, وهو ملف لا يحتمل التأجيل ويلزم تحريكه بنفس غيرة واهتمام السيسي بالمشروعات القومية العملاقة, لأن عليه تنعقد الآمال في تعافي مصر سياسيا وخروجها بأمان من نفق ديمومة السلطة ودعوات تعديل الدستور لمد فترات الرئاسة. ولعل الرئيس السيسي عبر عن ذلك أكثر من مرة بأنه يتطلع إلي اصطفاف الأحزاب المصرية -التي يبلغ عددها ما يربو علي المائة حزب- في كتل سياسية قوية موزعة علي أطياف الانتماء السياسي الحزبي من اليمين إلي يمين الوسط إلي الوسط إلي يسار الوسط وإلي اليسار, بحيث تتباري هذه الكتل في رؤاها وبرامجها وقدرتها علي إقناع وجذب المصريين والقيادات التي تفرزها بما يؤهلها للقيادة والحكم.
لست محتاجا هنا أن أكرر وأجتر ما كتبت في هذا الخصوص, لكني حتما سأفعل ذلك وسيكون التقدم في هذا الشأن هو شاغلي الشاغل سواء في تقييم الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة أو طوال فترة الرئاسة المقبلة بإذن الله.