الأقباط متحدون - أبونا سمعان.. العدلُ معقودٌ بناصية بلادى وجيشها
  • ١٧:٥٠
  • الخميس , ١٥ فبراير ٢٠١٨
English version

أبونا سمعان.. العدلُ معقودٌ بناصية بلادى وجيشها

مقالات مختارة | بقلم : فاطمة ناعوت

٠٤: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١٥ فبراير ٢٠١٨

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

 أيها القسّ الشهيد، قضاؤنا العادل جاء بحقّ دمائك اليوم، واليومَ أيضًا جيشُنا الباسل يُطارد رؤوس قاتليك فى سيناء.

 
مشهدٌ مروّعٌ صدَّع قلوبَ المصريين. مشهدٌ حزين شاهدنا تفاصيلَه المريرة بالفيديو، ليظلَّ محفورًا فى ذاكرة مصرَ؛ عصيًّا على النسيان. قِسٌّ مسالم، مشهودٌ له بالطيبة والبشاشة مع الجميع. كان يسير فى إحدى ضواحى القاهرة، فى أحد نهارات أكتوبر الماضى ٢٠١٧، فى مهام خدمته لمساعدة الفقراء والمعوزين. ركض وراءه مراهقٌ يحمل سكينًا ضخمة، ثم ّنادى على القس: «يا قسيس!»، فالتفت له الكاهنُ، كأنما ظنّ أن للشابّ حاجةً فيؤديها له، كما تتطلّب خدمتُه فى مساعدة ذوى الحاجات. فما كان من المراهق الضالّ إلا أن طعن القسَّ فى بطنه، ثم عاجله بأخرى فى جنبه، فسقط الرجلُ الأعزلُ مُضرجًا فى دمه. وبدلا من أن يرتبكَ القاتلُ أو يندم لما أثمت يداه، عاجلَ المُحتضَرَ بعدة طعنات فى وجهه، حتى صعدت روحُه إلى خالقِها، محفوظًا حقُّه فى السماء، ليتبقى حقُّه فى الأرض. وأمس فقط جاء حقُّه فى الأرض بحكم قاضٍ عادل، قضى بإعدام القاتل شنقًا، تأكيدًا للحكم الذى قضى به قاضٍ عادلٌ آخرُ فى مراحل التقاضى السابقة.
 
القسُّ المغدورُ اسمه الأبُ سمعان شحاتة رزق الله. أحدُ الأقباط الذين نذروا أعمارهم لمساعدة فقراء المصريين وإغاثة المعوزين من ذوى الحاجات. والغادرُ مراهقٌ بليدٌ نصفُ أمى لم يكمل شهادته الابتدائية اسمه أحمد سعيد السنباطى، أحد بلطجية الرواقات الذين لم يقدموا للمجتمع شيئًا سوى الدماء والويل والخراب وأطنان من الخيبات. حين سأله المُحقِّق إن كانت له سوابق: ردّ مبتسمًا: «إشعالُ حرائق بالعمد، وحوادث ضرب». وكأنما يفخرُ بمقدرته على ترويع البشر وتخريب ما عمَّره بشرٌ يُعمِّرون!
 
كثيرٌ من البشاعات المخجلة صاحبت تلك القضية التى أبكت قلبَ مصر وزلزلت قلوبَ المصريين. منها الفيديوهات الكثيرة التى صوّرتِ المشهدَ الفاجع. مَن الذى صوّرها؟ عدا كاميرات المراقبة المركّبة فى مخزن الحديد، مسرح الجريمة؛ ثمة كاميراتُ هواتفَ كثيرة صوّرت المشهد. وكأن أصحاب تلك الهواتف قد فضّلوا تسجيلَ جريمة الذبح بدلا من محاولة منعها، ولو بمجرد إلقاء حجر على القاتل حتى يتشتت انتباهُه ثوانى قليلةً تُمكِّن المغدورَ من الهرب من الغادر قبل إزهاق روحه. لكن الأبشعَ من كلِّ ما سبق هو إجابات القاتل عن أسئلة التحقيق بكل ما تحمل من صفاقة وبرود وإصرار على الإثم دون ذرّة ندم، وشعور مريض بالفرح لأنه نجح فى إزهاق روح بريئة مسالمة، لم تؤذه على الإطلاق، ولم تؤذ أحدًا، إنما ساعدتِ بؤساء وفقراء ومرضى. كان القسُّ فى طريقه لأداء بعض مهام خدمته فى جمع التبرعات من الموسرين لتوزيعها على فقراء ينتظرون الغوث، فجاء ضالٌّ خاملٌ اعترف بأنه بدأ حياتَه فى العطالة والمجون وشرب الخمور وتعاطى المخدرات، ليوقفَ فيضَ الخير والصدقات الذى كتبه اللهُ للمحتاجين من فقراء المصريين على يد هذا القس الطيب. جريمةٌ مزدوجة إذن: إزهاقُ روح إنسان، ومنعُ مساعدة ملهوفين!
 
القصّةُ فى نظرى تعدّت حقلَ القتل الطائفى: مسلمٌ مُضلَلٌ يقتل مسيحيًّا مسالمًا. نحن أمام جريمة قتل مجتمعية لها بطلان اثنان: مفيدٌ وضارٌّ، فاعلٌ وخاملٌ، طيبٌ وشريرٌ... قمحٌ وهالوك. بلطجى عالةٌ على المجتمع يقتلُ مواطنًا مفيدًا للمجتمع، فى وَضَح النهار، أمام المارّة والسابلة. هنا تأخذُ الجريمة بُعدًا مجتمعيًّا خطيرًا يُضافُ إلى بُعدها الطائفى المرير، والمخجل.
 
لكن هناك بطلا ثالثًا خفيًّا لم يظهر فى مسرح الجريمة. هو البطلُ الأخطرُ الذى يُحرّك عروس الماريونيت بخيوط فى أصابعه. اعترف القاتلُ، «عروسُ الماريونيت» بأنه نفّذ جريمته بعد دقيقتين من تلقيه مهاتفة ممن أطلق عليه: «نائب الأمير» أو «السيادة الحرة». وبمجرد تلقّيه أمر القتل، تخلص من الهاتف ونفّذ العملية. أولئك هم أبطالُ الإرهاب الأُوَلُ الذين يحرّكون عرائس الماريونيت الإرهابية فى طرقات مصر وأزقّتها وميادينها فيدثرون بيوتنا بشرائط الحداد. وأولئك هم من يحاربهم جيشنا العظيم اليوم فى سيناء ليجتثَّ شأفتهم من جذورها. نصر الله جيشنا العظيم وسدّد خُطاه.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع