أواصل قراءاتى فى الملف الأمريكى، وسياسات البيت الأبيض تجاه دول المنطقة العربية، وتأثير علاقتها الحميمة مع إسرائيل التى تعد أحد معوقات إقامة علاقات طيبة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية، وهذا ما كشفه البحث الذى حمل عنوان «أثر العلاقات الأمريكية الإسرائيلية على الاقتصاد الإسرائيلى» الذى أعده الباحث حسين خلف موسى ونشره المركز الديمقراطى العربى وجاء فيه: وما إن جاء عام 1995 حتى كانت كل أصناف الصادرات وتجارة الخدمات المتبادلة بينهما معفاة بالكامل من التعريفة الجمركية، وأصبحت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مبنية على الأسس نفسها التى تبنى عليها التجارة بين ولايتَى كاليفورنيا وشيكاغو وهى أسس اندماجية ليس لها مثيل فى التبادلات التجارية بين أىّ دولتَين فى العالم، فالاتفاقية وسيلة لجعل إسرائيل أكثر استقلالاً اقتصادياً، كما أنها التزام واضح سياسى واقتصادى بتحقيق أمن إسرائيل وإصلاح اقتصادها.
مبادئ الاتفاقية:
- تنطبق الاتفاقية على كل فئات التبادلات التجارية بين البلدَين أىْ كلّ السلع الصناعية والزراعية من دون استثناء.
- تنطبق الاتفاقية أيضاً على تجارة الخدمات والاستثمار وحقوق ملكية الإبداع الفكرى، وتنهى أسرار الحماية الجمركية والدعم المادى بالنسبة للسلع الخاضعة لمثل هذَين الحماية والدعم، كما تزيل القيود المفروضة على موازين المدفوعات على إجراءات لترخيص بالإنتاج.
- إلغاء جميع الرسوم الجمركية والقيود غير الجمركية المفروضة على الاستيراد فى الدولتَين وفق برنامج محدد فى الاتفاقية بحيث لا يحل عام 1995، إلا وتكون السلع المتبادلة معفاة من الرسوم الجمركية وتختفى بالكامل كافة القيود غير الجمركية والحماية.
إطار الاتفاقية:
وحسب البحث تشمل الاتفاقية مقدمة وثلاثة وعشرين بنداً بالإضافة إلى أربعة ملاحق، تُعَدّ جزءاً لا يتجزأ من الاتفاق نفسه، وكذلك إعلاناً حول تجارة الخدمات.
وعُدَّ عام 1982 هو سنة الأساس للمفاوضات المشتركة، حيث بلغت قيمة الصادرات الأمريكية لإسرائيل ملياراً ونصف المليار دولار، بينما كانت قيمة الصادرات الإسرائيلية للولايات المتحدة ملياراً و200 مليون دولار فى العام نفسه، وفى عام 1982 أيضاً كانت نسبة البضائع الأمريكية المصدرة لإسرائيل، المعفاة من الرسوم الجمركية بمعدل %18، بينما كانت نسبة البضائع الإسرائيلية المصدرة للولايات المتحدة المعفاة من الرسوم الجمركية بمعدل %55، وذلك طبقاً لاتفاقية نظام التفضيلات المعمم، التى منحتها الولايات المتحدة الأمريكية لأكثر من 140 دولة نامية من بينها إسرائيل، وهى الاتفاقية التى تنفَّذ فى إطار مبادئ وأحكام الجات.
وقد تركزت بنود الاتفاقية بشكل أساسى على الجزء المتبقى من المبادلات التجارية بين البلدَين التى كانت خاضعة للرسوم الجمركية والقيود غير الجمركية، وفى حالة الولايات المتحدة الأمريكية فإن الاتفاقية شملت أيضاً السلع الخاضعة لنظام التفضيلات المعمم التى تخضع بشكل مؤقت للإعفاءات الجمركية، أمّا بالنسبة لإسرائيل، فإن كلّ المنتجات التى تستوردها من الولايات المتحدة الأمريكية على أسس من الإعفاء الجمركى المؤقت تدخل ضمن مشتملات الاتفاقية. وتذكر الإحصائيات الأمريكية الرسمية أن قيمة المبادلات التجارية التى ستعفى من الجمارك بالنسبة للولايات المتحدة وعلى أساس عام 1985، تصل إلى 515 مليون دولار، بينما قيمة التجارة التى ستعفى من الجمارك بالنسبة لإسرائيل وعلى الأساس عينه تصل إلى 1278 مليون دولار.
ميزات وفوائد الاتفاقية لإسرائيل: تحقق إسرائيل، بموجب هذه الاتفاقية، ثورة فى الاقتصاد الإسرائيلى عامة وفى الصادرات خاصة، هذا وتُعَدّ التجارة الخارجية لإسرائيل من أهم عناصر الاقتصاد الإسرائيلى وتشكل نصف الإنتاج الصناعى تقريباً، كما رفعت قدرتها التصديرية فى مجالات التكنولوجيا العالية مثل أنظمة الطاقة الشمسية وأجهزة الديزل والتصوير بالأشعة، بما وفر فرصاً جديدة للعمال المهرة منها، بالإضافة إلى ذلك فإن القوة الشرائية الأمريكية ذات الحجم الأسطورى والمقدرة بنحو ثلاثة آلاف بليون دولار أصبحت متاحة للمنتجات الإسرائيلية من دون رسوم جمركية وقيود غير جمركية مما سيحسن من قدرة هذه المنتجات على المنافسة.
كما أتاحت الاتفاقية لإسرائيل الاشتراك فى المشروعات المشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية فى كل المجالات المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى تجارة الخدمات، مما أدى إلى تسهيل عملية نقل التكنولوجيا إلى إسرائيل وتوطينها فيها وإتاحة الفرصة لها لمواصلة التركيز على الصناعات ذات التقنية العالية التى لا تتطلب وفرة فى العمالة مثل الصناعات الإلكترونية والكيماوية والتسليحية، كما صحب تنفيذ هذه المشروعات التكنولوجية المشتركة تدفقات استثمارية أمريكية كبيرة وتبادل كثيف فى الخبرات التقنية والأبحاث.
تقدمت الصناعات الإسرائيلية بشكل كبير بسبب الاستثمارات الأمريكية، كما أدت زيادة حجم الاستثمارات فى إسرائيل إلى تشجيع رجال الأعمال فى كلّ أنحاء العالم على تأسيس مشاريع مشتركة للاستفادة من ميزات اتفاقية التجارة الحرة من أجل وصول استثمارات أو بضائع أو خدمات إلى داخل السوق الأمريكية الضخمة، مما أعطى إسرائيل ثمرات جيدة فى نقل التكنولوجيا وزيادة الكفاءة وزيادة فرص العمالة فى الصناعات الإسرائيلية.
كما لعب الدور المركزى الذى أدته الولايات المتحدة الأمريكية فى دعم إسرائيل إلى بروزها قوة تكنولوجية عالية، وأصبحت تستخدم مركبات رئيسية من التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة ومن أجهزتها ومعداتها وأبحاثها التنموية والتسويقية، مما ساعدها على رفع مهارات قواها العاملة وتطوير بنيتها الصناعية.. «يتبع».
نقلا عن اليوم السابع