مرة أخري: قرار رسمي بفك أسر أول مجموعة من الكنائس المغلقة.. لكن تظل العبرة بالتطبيق!!
يوسف سيدهم
السبت ٣ مارس ٢٠١٨
يوسف سيدهم
بعد ستة أسابيع من الكتابة في هذا الأمر أجدني مدفوعا لإعادة طرحه ولكن ليس بنفس قدر التفاؤل الذي صاحبني في المرة الأولي.. كتبت بتاريخ 21 يناير الماضي تحت عنوان: إخطار رسمي بفك أسر الكنائس المغلقة.. لكن تظل العبرة بالتطبيق حيث استعرضت الظروف المؤسفة التي أدت إلي إغلاق كنائس تقام فيها الصلوات كرد فعل غريب للسلطة الإدارية والأمنية كلما هاجم مجموعة من المتشددين هذه الكنائس, فبدلا من حماية الأقباط والذود عن حقهم الدستوري في إقامة الشعائر الدينية وإلقاء القبض علي المتشددين وتقديمهم للعدالة تلجأ السلطة لإغلاق أماكن الصلاة ومنع استخدامها ظنا منها أن ذلك المسلك كفيل بتهدئة الأوضاع.. وللأسف لا تدرك السلطة أن مسلكها هذا بجانب الغبن الذي يوقعه علي الأقباط يصدر صورة خطيرة لضعف السلطة والقانون إلي المتشددين ويهدر هيبة وكرامة الدولة.
وكان قد ساد شعور بالارتياح والأمل عقب صدور قانون بناء وترميم الكنائس في 28 سبتمبر 2016, ليس فقط لما تضمنه من تشريعات بناء كنائس جديدة وترميم كنائس قائمة, إنما أيضا لما نص عليه من مسار تقنين أوضاع كنائس قائمة ولكنها غير مرخصة.. كنائس أطلقت عليها كنائس عهد الأزمة وهي التي صارعت طويلا للحصول علي التراخيص لكن تنكرت لها الدولة واستبدت بحرمان أقباطها من الموافقات والتراخيص فما كان منهم إلا أن أقاموها رغما عن الموافقات والتراخيص التي لا تأتي.. والغريب أنهم باشروا الصلوات وإقامة الشعائر فيها لسنوات تحت سمع وبصر جيرانهم المسلمين وممثلي السلطة الإدارية والأمنية, لكنهم ظلوا محرومين من الشرعية وبقوا عرضة لأن تنقض عليهم السلطة في أي وقت لتتهمهم بالصلاة في كنيسة غير مرخصة وتقوم بغلقها!!!
جاء القانون الجديد ليسمح لتلك الكنائس غير المقننة بتقديم أوراقها للجنة عليا مشكلة بقرار من رئيس مجلس الوزراء بحد أقصي سنة من تاريخ صدور القانون, وبالفعل أغلق باب تقديم الأوراق في 28 سبتمبر 2017 بعد تسجيل 3730 حالة كنائس ومباني خدمات تابعة لها تقدمت بأوراقها المعتمدة وتنتظر تقنين أوضاعها.. هذا علما بأن قانون بناء وترميم الكنائس المذكور نص علي عدم جواز إغلاق أي كنيسة تقدمت بأوراقها إلي لجنة توفيق الأوضاع. ولأن قرار رئيس مجلس الوزراء بتشكيل هذه اللجنة نص علي أنها تجتمع مرة شهريا علي الأقل وتصدر توصياتها وفق تقرير ترفعه إلي مجلس الوزراء, فقد استبشرنا خيرا وترقبنا إعلان نتائج عمل اللجنة تباعا.. وكان أول ما صدر عن اللجنة بعد مضي شهور خمسة ما أعلن عنه الاثنين الماضي من موافقتها علي توفيق أوضاع 53 كنيسة ومبني خدمات في عدد من المحافظات, والأمل أن تكون هذه المجموعة هي الأولي في سلسلة تتبعها -ولا تتعثر أو تتباطأ- لأننا نتحدث عن ملف يشمل 3730 كنيسة ومبني خدمات تنتظر فك أسرها.
ولكن تلك البادرة الطيبة لعمل لجنة تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة ليست وحدها كفيلة بإزالة حالة الإحباط التي تنتاب نفوس كثير من الأقباط المتابعين لملف الكنائس المغلقة, فبالرغم مما جاء كبادرة انفراج للأزمة في الخطاب صادر في 6 يناير الماضي – عشية عيد الميلاد المجيد – عن رئيس قطاع التشييد والعلاقات الخارجية بوزارة الإسكان يخطر فيه ممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في لجنة توفيق أوضاع الكنائس بأن التعليمات صدرت للسلطات المسئولة في عدد 14 محافظة – في أغلب الظن أنها المحافظات التي تضم كنائس الأزمة!! – بعدم وقف أي شعائر دينية تقام فيها.. وغني عن الإيضاح أن عدم وقف الشعائر الدينية يعني ضمنا وقطعا عدم غلقها.. لكن حتي تاريخه تظل الكنائس المغلقة مغلقة وتمنع السلطة فتحها أو إقامة الشعائر الدينية فيها, مما يشكل انتهاكا صارخا لقانون بناء وترميم الكنائس أولا, وتقاعسا مخلا عن تفعيل الخطاب المذكور ثانيا.. لكن طبعا هو انتهاك وتقاعس من جانب سلطة محصنة ضد المساءلة أو الحساب.