الأقباط متحدون - حوار الكاتبة المصرية نهلة كرم
  • ١٤:٣٢
  • الثلاثاء , ٦ مارس ٢٠١٨
English version

حوار الكاتبة المصرية نهلة كرم

٤٩: ٠١ م +02:00 EET

الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٨

 الكاتبة المصرية نهلة كرم
الكاتبة المصرية نهلة كرم

قام باعداد الأسئلة وإجراء الحوار سامح سليمان
نرجوا تعريف القارئ بشخصكم الكريم ورحلتك مع القراءة  وأهم أعمالك
نهلة كرم
مواليد 1989
تخرجت من إعلام القاهرة عام 2010
لدي 4 أعمال
مجموعتان قصصيتان (أن تكون معلقا في الهواء- الموت يريد أن أقبل اعتذاره)
روايتان (على فراش فرويد- المقاعد الخلفية)

س : هل توجد حالة ترصد بالكاتبات سواء من الوسط الثقافى أو من المجتمع بشكل عام ؟
لا أريد أن اسميها ترصدًا لأن الترصد فعل يتم عن عمد، وأنا أعتقد أن ما يحدث لا يتم بوعي تام، لكنها أفكار تراكمت على مدار سنوات تجاه الكاتبات، فعلى مستوى الوسط الثقافي هناك نظرة منتشرة تجاه كتابات المرأة بأنها رديئة وأقل من المستوى، وبموضوعية شديدة جدًا أقول أن بعض كتابات النساء لا تعجبني لكن الأمر لا يسير على هذا النحو "كتابات نساء وكتابات رجال"، الأمر من وجهة نظري نسبة وتناسب فعدد الكتاب أكبر من عدد الكاتبات بسبب ظروف كثيرة، وبالتالي فأننا إذا أردنا أن نغربل الكتابات الجيدة من السيئة فقد نصل لنتيجة أن كتب الرجال الجيدة أكثر من كتب النساء الجيدة.

 ولكني أيضًا في النهاية لا أحب هذه التصنيفات، لأنه ببساطة إذا وصفنا كتابة ما بأنها كتابة نسائية فهذا يعني أن هناك نقيضها "كتابة ذكورية"، وطالما أنه ليس هناك كتابة ذكورية ولا أحد يحكم على كاتب بأنكتابته ذكورية لأن معظم شخصياته الروائية من الرجال، فليس من المنطقي أن يُحكم على النساء بأن كتابتهن نسائية لأن الشخصيات في أعمالهن معظمهن نساء.

هناك أمر آخر يتعلق بالوسط الثقافي أريد أن أذكره وهو أن كثيرين في هذا الوسط يدعون أمورًا لا يؤمنون بها حقيقة، مثل أن معظم الأشخاص يدعون التحرروالإيمان بالحرية المطلقة، لكنهم على الجانب الآخر يتعاملون مع كتابات المرأة باعتبارها جزء أو كل حياتها الشخصية، وبعضهم يكون فكرة أخلاقية عنها وفقًا لكتابتها ويبدأون في التعامل على أساسها.

على مستوى المجتمع بشكل عام فلا يمكنني أن أتحدث عن الترصد تجاه الكاتبات فقط، فلو أن هناك ترصد هو ترصد تجاه الكتابة عمومًا،المجتمع يتعامل مع الرجل والمرأة بنفس الشكل، ويوجه لهم نفس الاتهامات وإن كان الأمر يزيد قليلاً في بعض الأحيان مع الكاتبات باعتبارهن نساء ومن العيب أن تكتب فتاة أو امرأة مثلا لفظًا خارجًا من وجهة نظر المجتمع، فلا يزال المجتمع لا يفصل بين الكتابة والحكي وبين الحياة الشخصية للكتاب.

س : ما هو تقييمك لظاهرة الأكثر مبيعاً ؟ وهل ما هو رائج من قصة و شعر ورواية يعبر عن الإنسان العربي و أزماته و صراعه مع ضغوط الحياة ومع
ذاته ؟

ليس لدي مشكلة على الإطلاق مع الأكثر مبيعًا، بل أنا مؤمنة أن الكتابات الأكثر مبيعًا تساعد في تعرف القراء على الكتابات الأخرى، فالأشخاص الذين لا يقرأون حين تجذبهم رواية لأنها الأكثر مبيعًا ويقررون أن يقرأونها وتعجبهم سيبدأون بعدها في البحث عن هذه المتعة التي وجدوها طوال قرائتها في كتب أخرى، الأكثر مبيعًا يفتح بابًا لقراء جدد ربما لو كانوا بدأوا القراءة بروايات أو كتابات دسمة لملوا ولم يعودوا ليقربوا باب المكتبات ثانيًا.

وليس بالضرورة أن يعبر ما هو رائج عن أزمات الإنسان العربي، فبعض الكتابات بعيدة عن الواقع لذلك يجد فيها القارىء ملاذًا له وفرصة جيدة للهروب من كل الضغوطات التي يواجهها في واقعه.

س : أيهما أكثر قدرة على التعبير و التواصل مع القارئ ، الرواية أم القصة القصيرة ، وهل يجب أن نعلن انتهاء زمن القصة القصيرة ؟
أرى أن الرواية أكثر قدرة على التواصل مع القارىء، فمعظم القراء يحبون الحكاية الطويلة التي يتوحدون معها طوال أيام، يأخذونها معهم في أي مكان ليقرأوها في المواصلات في طريقهم إلى العمل، أو على الفراش قبل النوم، أنا نفسي أحب أن يكون لدي عمل أقرأه ويستمر معي طوال أيام وأتضايق حين تنتهي رواية جميلة.

 لكني على الجانب الآخر أحب قراءة القصص القصيرة مثلها مثل الشعر وتدخلني في حالة إلهام عظيمة، ولا أظن أن زمن القصة القصيرة انتهي أبدًا، لكن الأمر أن القراء يفضلون الرواية أكثر من القصة، وهذا ليس ذنب القراء أيضًا لكن المشكلة أن القصة القصيرة فن صعب وليس من الضروري أن من يكتب رواية يستطيع كتابة القصة القصيرة، فالقصة تكشف موهبة الكاتب، هناك كتاب يكتبون قصص في غاية الرداءة أقلبها يمينًا ويسارًا حتى أفهم شيئًا منها ولا أفهم في النهاية أي شيء، وهذا وأنا كاتبة فما بالك بالقارىء العادي الذي يريد حكاية يستمتع بها وليس لغزًا يحاول فهمه، هذه الكتابات هي من تنفر القارىء في الغالب من القصة القصيرة،وعن نفسي فمن أحب وأقرب الأعمال لقلبي قصص أليس مونرو، وإيزابيل الليندي أيضًا لها مجموعة قصصية جميلة اسمها "حكايات إيفا لونا".

س : هل توجد علاقة بين الأدب والعلوم الإنسانية؟ وماهي أهم المهارات الواجب توافرها لدى الكاتب ؟
الادب له علاقة بكل شيء وطبعًا العلوم الإنسانية تفيده كثيرًا، فالكاتب يجب أن يقرأ في كل المجالات، أتذكر أن قرائتي لفرويد منذ سنوات هي التي جاءتني بفكرة "على فراش فرويد"، وأتذكر أنني قرأت ذات يوم عن الدفن البيئي الذي يمكن من خلاله تحويل جثة شخص إلى شجرة، ومن الممكن أن يختار الشخص الشجرة التي يريد أن يكونها بعد وفاته، فأعجبتني الفكرة وكتبت قصة "شجرة ليمون" التي تُروى على لسان شجرة كانت فتاة فيما مضى قبل وفاتها، الكاتب يجب أن يقرأ ويشاهد ويتأمل أيضًا طوال الوقت، لكن للأسف هذا ليس متاحًا دائمًا بحكم ظروف العمل.

س : كيف كانت رحلتك مع  كتابة و نشر روايتك الأولى على فراش فرويد ؟          
مبدئيًا ليست على "فراش فرويد" روايتي الأول، كانت هناك رواية أولى لي كتبتها وأنا في الجامعة والحمد لله أنها لم تُنشر لأنها لم تكن ناضجة، كنت صغيرة جدًا وقتها، لكنياعتبرها تمرينًا على الكتابة ومرحلة كان يجب أن أمر بها حتى أصل إلى "على فراش فرويد".

كتبت "على فراش فرويد" في عام 2012 تقريبًا وأنهيتها في 3 شهور، ثم تركتها فترة ولم أكن أخذت قرارًا إن كنت سأنشرها أم سأضعها في الأدراج كما فعلت مع الرواية السابقة، كنت خائفة حينها من تقبل أهلي لرواية بها مثل هذه الجرأة ولم أكن واثقة فيها بشكل عام، حينها قال لي أستاذي رحمه الله مكاوي سعيد إنه سيرسلها إلى أشخاص ليأخذ رأيهم بها دون أن يضع اسمي عليها حتى يطمئني، قال لي حينها "أنا واثق فيكي بس طالما أنتي مش واثقة في نفسك لازم اسمعك رأي ناس بعيد ميعرفوكيش عشان تطمني".

حينها قرأها الناقد محمد الروبي وأرسل لمكاوي رأيه وإعجابه بالرواية بشكل تفصيلي في صفحتين "وورد"، وبعدها بأيام قليلة اتصل مكتب أستاذ صنع الله إبراهيم بمكاوي وأخبره أن أستاذ صنع الله قرأ الرواية وأعجبته ويريد أن يقابل كاتبها.

كدت أطير من الفرحة وقتها، ذهبت إلى أستاذ صنع الله وقابلته في دار الثقافة الجديدة وأخبرني أنه أعجب بالرواية جدًا ويريد أن ينشرها لي وقد كان.

س : هل أنت مع أم ضد الكتابة بالعامية و لماذا ؟ هل يجوز كتابة السرد بالعامية ؟ هل كتابة الحوار بالعامية تفسد الذوق العام ؟
لا أحب كتابة السرد بالعامية أفضل أن يكون الحكي بلغة عربية فصحى لكن الحوار بالعامية ليس لدي مشكلة معه أبدًا، ولا أرى به أي إفساد للذوق العام.

س : ما هي أهم المعوقات التي يصطدم بها الكتاب الشباب والكتابة من وجهة نظرك هل هي هدف أم وسيلة ؟
أعتقد أن أهم معوق  هو ألا يجد الكاتب الشاب دعمًا من شخص أعلى يوجهه ويخبره بما يحتاج إليه في هذه المرحلة العمرية، ففي البداية نكون جميعًا في حالة تخبط لا نعرف إن كان ما نكتبه جيدًا أو سيئًا، إن كنا موهوبين أم مخدوعين، كل منا يحتاج إلى شخص أكبر وأنضج يرشده.

 من ناحيتي أدين بالفضل الكامل لما وصلت إليه لمكاوي سعيد لأنه أرشدني وعمري 19 عامًا للطريق وأخذ بيدي حتى وصلت إلى هذه النقطة، وافتقده كثيرًا وأفتقد توجيهاته لكن على الأقل كان لدي شخص أتعلم منه وأعرف أساسيات كثيرة يمكنني السير عليها حتى ولو لم يعد بجواري، لكن هناك آخرون ربما لا يجدون  معلمًا بجوارهم يرشدهم ويخبرهم أن الطريق صعب وأن عليهم تحمل الكثير حتى وإن كانت النتيجة أقل من المتوقع ، فنحن في النهاية علينا ألا ننتظر شيئًا من الكتابة، وأقصى ما يمكن أن نحصل عليه هو محبة القراء، فقارىء يبحث عن كتبك وينتظرها هوأكثر شيء يسعد أي كاتب حقيقي.

والكتابة بالنسبة لي هدف ووسيلة، فهي وسيلة تساعدني كثيرًا على التعبير عني وعن أفكاري، وهدف أيضًا لأنها تجعل لي سببًا للعيش، أفكر دائمًا لو أنني أعيش هكذا بدون أن يكون لدي شيء جديد أعمل عليه سأفقد الرغبة في الحياة حتمًا، فالكتابة هي الشيء الذي يشغلني عن الأفكار السوداوية الخاصة بفائدة الحياة ولماذا نعيش إذا كنا ذاهبين في النهاية إلى حتفنا، هذه أفكار ما إن تبدأ معي حتى لا تنتهي، وأعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمنحني الرغبة في أن أكمل الحياة هو الشغف بالكتابة والرغبة في ترك شيء خلفي يتذكرني به القراء حين أترك هنا.

س : ما هي أهم الأعمال التي قد ساهمت فى تكوين رؤيتك الفكرية و الأدبية ، وهل تكونت لديك رؤية واضحة لمشروعك الفكرى و الأدبى؟
في مرحلة المراهقة كانت أعمال إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، وأنا أكبر قليلاً نجيب محفوظ ونزار قباني ومحمود درويش ويوسف إدريس، كنت وقتها أكره الأدب المترجم ولا أستسيغه على الإطلاق، حتى تعرفت على ترجمات صالح علماني وصارت إيزابيل الليندي كاتبتي المفضلة التي أعود إلى رواياتها من حين لآخر لاستمتع من جديد، أراها كاتبة عظيمة ولها قدرة باهرة على الحكي والسرد دون أن تشعرني بأي ملل، وأحب أيضًا الكاتبة المجرية أغوتا كريستوف التي أكدت لي أن الكتابة العظيمة لا تتطلب لغة صعبة على الإطلاق، فاللغة السهلة يمكن أن تكون بمثابة الشعر مثلما فعلت في روايتها الدفتر الكبير، كنت مبهورة تمامًا بلغتها السهلة البسيطة الملهمة وكأنني أقرأ قصيدة طويلة.

س : ما هي أوجه التشابه و الاختلاف بين روايتك الأولى على فراش فرويد وأحدث أعمالك رواية المقاعد الخلفية ؟
لا أعرف أوجه التشابه فهذا الحكم أتركه للقارىء، ولكن أعتقد أن هناك اختلاف بينهما على مستوى اللغة، صرت أميل أكثر للغة السهلة واستخدم اللغة وسيلة للحكي وليست غاية في حد ذاتها، وأعتقد أن هذا واضحًا لمن قرأ النصين.

س: لماذا تدور أغلب الأعمال الأدبية العربية فى فلك العلاقة بين الرجل والمرأة ؟
أعتقد أن العلاقة بين الرجل والمراة مادة ثرية لا ينتهي الحديث بها، وليس للأمر علاقة بالكتابات الأدبية العربية فرواية مثل "أنت قلت" للكاتبة الهولندية كوني بالمن التي صدرت في معرض الكتاب 2017 وحازت على إعجاب معظم من قرأوها تتحدث عن العلاقة بين الكاتبة سيلفيا بلاث وزوجها الشاعر تيد هيوز، وكانت رواية بديعة من وجهة نظري لأن بها الكثير مما لمسني شخصيًا، فالأدب العظيم لا يهم فيه الموضوع المهم هو طريقة تناوله ومدى تأثر القراء به.

هل أنت مع أم ضد المعالجة الفكرية والأدبية للتابوهات ؟
أنا لا أؤمن أصلا بكلمة تابوهات، ما هي التابوهات الدين الجنس السياسة، كل هذه الموضوعات جزء من حياتنا فكيف نسميها تابوهات، لكن المشكلة في طرق معالجتها فعلاً، هناك خيط رفيع في الكتابة عن الجنس بين الفن والابتذال، وكذلك في السياسة والدين هناك خيط رفيع في الكتابة عنهما يفصل بين الأدب والحنجورية المبالغ بها.