تحت شعار "القدس عاصمة فلسطين"
٢٨:
٠٨
ص +02:00 EET
الجمعة ٩ مارس ٢٠١٨
وبالشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر
في ثالث فعالياتها على هامش الدورة ٣٧ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة
"تحديات حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب"
مصر نموذجا
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر ثالث فعالياتها على هامش الدورة ٣٧ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والتي تناولت "تحديات حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب .. مصر نموذجا".
أدار النقاشات الاستاذ "اسلام أبو العينين" مدير البرامج بالأمانة العامة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وتحدث خلالها الأستاذ "محسن عوض" ممثلا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، والأستاذ "علاء شلبي" الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان.
في البداية، وجه "أبو العينين" التحية المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، منوها بأن المنظمة قد عنيت بعقد أولى فعالياتها على هامش الدورة ٣٧ لمجلس حقوق الإنسان لبحث قضايا المرأة ومعاناتها في سياق النزاعات المسلحة.
وأضاف "أبو العينين" أن خريطة التنظيمات الإرهابية في البلدان العربية شهدت تطورات متسارعة وغير مسبوقة، لا سيما في ظل مناطق النزاعات المسلحة أو في سياق بلدان الجوار.
ونبه "أبو العينين" إلى مخاطر التهاون في مواجهة الإرهاب أو في تفشي الانتهاكات في سياق مكافحة الارهاب.
وفي مداخلته، قال "شلبي" أن الاضطراب الإقليمي في المنطقة العربية يرتبط بشكل كبير بالتكامل الحاصل بين النزاعات المسلحة والأنشطة الارهابية، وأن المعايير الدولية لحقوق الإنسان قد تتيح للحكومات التحلل من بعض الالتزامات، لكنها وضعت ضوابط واضحة لضمان أن تكون هذه التدابير ذات طبيعة مؤقتة وتنصب على الجوانب الضرورية فقط، موضحا أن البلدان العربية التي تنعم باستقرار نسبي وتكافح الإرهاب تتجاوز إلى تضييق المجال العام في غير الضرورات.
وأضاف "شلبي" أن المعايير الدولية تحظر المساس بالحقوق الأساسية بما في ذلك في سياق الحروب والطواريء، غير أن هذا الالتزام لا يلقى تجاوبا من طرف الدول التي تعاني الإرهاب لا على الصعيد العربي ولا على الصعيد الدولي.
وتمسك "شلبي" بضرورة احترام الحكومات العربية لالتزاماتها في مجال حقوق الانسان خلال مكافحة الإرهاب، مؤكدا أن ذلك يشكل ضرورة لا مناص منها لنجاح هذه الجهود.
بيد أن "شلبي" أكد على أهمية تبني الحركة الحقوقية لمواقف موضوعية من التطورات وعدم الانزلاق للانخراط في الصراعات السياسية، منبها أن الدفاع عن حقوق المشتبه بهم لا يعني التغافل عن حقوق ضحايا الارهاب، وأن الإرهاب لا يمكن تبريره بالصراعات السياسية، ولا يمكن أن تكون جهود الدفاع عن حقوق الإنسان أداة في الصراع السياسي، سيما وأن الإسهام في خلق حالة عدم الاستقرار واحتمال الانزلاق لنزاعات مسلحة يؤدي لتقويض شامل لحقوق الإنسان ويضعف قدرة الدولة الوطنية على النهوض بمسؤولياتها في حفظ الأمن وتلبية الاحتياجات المعيشية للمواطنين، موضحا أن حقوق الإنسان لا تنمو في ظل الاضطراب.
وأشار "شلبي" الى الاعتزاز الكبير بالأستاذ القدير "محسن عوض" الأمين العام السابق، والاعتزاز الكبير بالمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر الذي يضم في رئاسنه وعضويته نخبة متميزة من قيادات وأعضاء المنظمة المصريين في المجلس، والشراكة المتميزة التي لطالما جمعت المؤسستين فيما يتصل بأوضاع حقوق الإنسان في مصر، لا سيما وأن رهان الآباء المؤسسين للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في العام ١٩٨٣ كان على قوة مصر الناعمة وتأثيرها في المنطقة العربية، واختيار القاهرة لنكون مقرا للمنظمة.
ونوه "شلبي" بمراوحة الأوضاع في مصر بين تقدمات في بعض المجالات وتراجعات في البعض الآخر، مشددا إن تعزيز جهود حماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب يشكل ضرورة لا غنى عنها لمنع استفادة الارهابيين من المظالم في تبرير جرائمهم والتستر خلف سواتر سياسية.
وقال "شلبي" أنه على الرغم من أن الارهابيين ليسوا مدنيين بالمعنى الإصطلاحي القانوني لاتخاذ تنظيماتهم أشكالا شبه عسكرية، فإن المنظمة تدعو إلى محاكمتهم أمام محاكم عادية، وتدعو إلى الحد من تنفيذ عقوبة الاعدام بصفة عامة، ولا تنساق إلى الاقتصار على الدعوة لمنع تنفيذ العقوبة بحق الارهابيين وحدهم دون غيرهم، وإلا أصبحت دعوات مشوهة.
وفي مداخلته، أشار "عوض" إلى جهود المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر في رصد جرائم الإرهاب وجهود مكافحة الإرهاب ضمن جهوده لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر بصفة عامة، وايفاد المجلس لبعثات تقصي حقائق ميدانية في العديد من الأحداث، بما في ذلك خمس بعثات في الحزام الصغير الواقع في أقصى شمالي سيناء الذي يشهد كثافة في الجرائم الإرهابية.
وأضاف "عوض" أن مصر تتشارك مع شقيقاتها من البلدان العربية في أوجه المعاناة من الارهاب وجهود مكافحة الارهاب، لكنها تفردت بإطلاق مواجهة أكثر شمولية تشمل مكافحة التطرف والأفكار الارهابية، وتشمل إطلاق جهود تنموية كثيفة لسد الفجوات التي يستغلها الارهاب، بما في ذلك بهدف الإدماج الاجتماعي للسكان في المناطق الحدودية.
وأوضح "عوض" أن الإرهاب شهد طفرات نمو وتطور كبيرة، مثل تحول تنظيم "أنصار بيت المقدس" الإرهابي إلى ولاية سيناء التابعة لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومثل تطور التنظيمات المنبثقة عن جماعة الإخوان من تنظيمات "اجناد مصر" و"كتاءب حلوان" إلى تنظيم "حسم" الأكثر شراسة وقدرة على تنفيذ جرائم نوعية.
وشرح "عوض" أن جهود الدولة أسهمت في تراجع المعدلات الكمية للجرائم الإرهابية، لكن التحولات النوعية لتلك الجرائم أسفر عن جرائم أكثر بشاعة وتهديدا للبلاد مثل تفجير الطائرة الروسية، والاعتداءات على الكنائس وقتل نحو ٢٥٠ من المواطنين المسيحيين، ثم إستهداف المصلين المسلمين كما حدث في مسجد الروضة بشمالي سيناء وأدى لمقتل ٣١٥.
وأضاف "عوض" أن الدولة قد اتجهت لفرض حالة الطواريء لمواجهة التهديدات الارهابية، واتخذت تدابير أكثر تشددا.
وقال أن مصر قد حرصت على عدم الدخول فعليا في تحالفات لمكافحة الإرهاب في ظل مناخ التخبط على المستويين العربي والدولي، وحرصت على الحيلولة دون انخراط قطاعات مجتمعية في المعركة الأمنية على نحو ما حدث في شمالي سيناء عندما سعت بعض القبائل للانتقام من الإرهابيين الذين قتلوا ٢٥٠ من السكان في سنة واحدة.
وقال آن السلطات أطلقت الشهر الماضي العملية الشاملة باسم "سيناء ٢٠١٨" لكنها شملت كافة الاتجاهات الإستراتيجية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وكشف "عوض" عن جهود متنوعة يبذلها المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر حاليا مع كبريات المنظمات الحقوقية غير الحكومية ومنها المنظمة العربية لحقوق الإنسان لحث الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في سياق يتوافق مع ضمان حقوق الإنسان ويمنح المجال لتعزيزها بالشكل الذي كفله دستور مصر ٢٠١٤ بضمانات متميزة.
وفي المناقشات، أعرب المشاركات والمشاركين عن تقديرهم لمخاطر الإرهاب على الاستقرار وعلى التنمية بمفهومها الشامل، داعين لبذل كل جهد ممكن لضمان احترام وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، وعدم تغول التدابير على الحريات العامة وحريات الاجتماع والجمعيات والتعبير لأهميتها في مكافحة الإرهاب.
* * *