الأقباط متحدون - الهروب للأمان
  • ٠٦:٥٣
  • الخميس , ٣١ مايو ٢٠١٨
English version

الهروب للأمان

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠٥: ٠٣ م +02:00 EET

الخميس ٣١ مايو ٢٠١٨

دخول المسيح لمصر
دخول المسيح لمصر

د. مينا ملاك عازر   
دخل السيد المسيح مصر من قرابة ألفي عام هارباً من وجه البطش، كانت مصر في رأي عائلته ورأيه ملاذ آمن من بطش الكارهين له والمتتبعين لخطواته، ولذا لم يهرب لمدينة من مدن اليهودية أو الجليل، لم يتجه شرقاً حيث العراق بل اتجه إلى حيث اتجه كل الأجداد والآباء حين حدثت المجاعات والأزمات منذ أبونا إبراهيم وحتى حفيده يعقوب وبنيه، حتى حينما خرج شعب بني إسرائيل من مصر كانت فكرة العودة لمصر تلح عليهم بل أنهم حينما انهارت مملكتهم في وقت من الأوقات لم يفروا إلا إلى مصر بل أن التاريخ يذكر ما هو أكثر من هذا أن معارضي ملوك إسرائيل كانوا يفرون لمصر.

دخل السيد المسيح مصر طفلاً في معية أبواه، وبقى فيها قرابة الثلاث سنوات ونصف، أقام زائراً عدد كبير من الأماكن التي قدسها بوجوده فيها، والتي تروى عنها المعجزات والمواقف والتي خلفها من ورائه، فيها آثار لا تمحى بل ولن تمحى، المفارقة هنا أن المصريين الذين لم يكونوا يؤمنون بديانة سماوية بل كانت ديانات وثنية كوصف البعض لها، أحسنوا استقباله وتقبلوه في حين أن اليهود الذين كانوا يدينون بديانة سماوية طاردوه وضيقوا عليه حتى بعد عودته، وزاد المفارقة تجلي حين ترى أن المتطرفين مدعي التدين اليوم يضيقوا على اتباعه بل يضطهدونهم في نفس الأرض التي استقبلته، وتحت نفس السماء التي تظلل بها، وهو اضطهاد ممنهج بصمت دولة وشرطة، ودعني أثبت لك أن الدولة التي تدعي حربها على الإرهاب فكراً لم تفعل ما يليق بحدث كهذا مع الأماكن الأثرية التي زارها السيد المسيح، وهي أماكن مقدسة يمكن بتطويرها وتحسين أوضاعها جعلها قبلة للسياحة الدينية من كل أرجاء ومناحي العالم، لكن إرضاء للسلفيين في الخطاب الديني، لا تطور تلك الأماكن بالشكل المناسب وبالسرعة المطلوبة، المؤسف أن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل أن الدولة لا تدرج تلك المناطق على خريطة السياحة بها، ولم تستثمر زيارة البابا فرنسيس لمصر منذ أكثر من عام لجذب السياحة ونهضة البلاد إرضاءً للإرهابيين فكراً مصدري وداعمي الإرهاب الدموي الذي تحاربه فعلاً الدولة.

لن أخوض طويلا فيما تقترفه الدولة المصرية من ذنوب، فلعلها تفتتح اليوم مغارة العائلة المقدسة بالمطرية من باب ذر الرماد في العيون، لكنها في الحقيقة أبداً ما تأخذ الأمور بشكل جاد، وعلى كل الأحوال تبقى زيارة السيد المسيح لمصر نموذج لتكريس فكرة الهروب للأمان والهروب من وجه الشر، بيد أن المؤسف أن ما كنا نعتبره أمان وملاذ للجميع من كل أنحاء العالم بات مكان للقلق على النفس إذ باتت مصر في قبضة شيوخ الإرهاب يبثون سموم أفكارهم المفرقة بين الناس والشعب وفي ظل صمت دائم من الحكومة، حتى الرئيس أن السيد الرئيس السيسي نفسه نفض يده وكف عن إطلاق الدعاوي لتجديد الخطاب الديني، وكأنه شعر أنه لا حياة لمن ينادي.

المختصر المفيد كل سنة وأنتم ومصر بأمان وسلام.