الأقباط متحدون - انتحار العقل ونحره
  • ١٢:١١
  • الاثنين , ٤ يونيو ٢٠١٨
English version

انتحار العقل ونحره

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٥٦: ١٠ م +02:00 EET

الاثنين ٤ يونيو ٢٠١٨

خالد منتصر
خالد منتصر

من ضمن الأخبار التى نشرتها «الوطن» أمس، توقفت عند خبرين، الأول انتحار طالبة وطالب بسبب الثانوية العامة، والثانى خناقة بين وزارة الأوقاف والأزهر فى اللجنة الدينية بالبرلمان بسبب حق الفتوى والنزاع على من له حق الإفتاء!، كل خبر منهما اعتبرته تابوتاً للعقل ونعشاً للمنطق، الطالب لم ينتحر بل هو العقل، والنزاع ليس على الفتوى ولكن على احتكار السلطة ونحر القطة لمن يريد التغريد خارج السرب والخروج من أسر الفتوى، إنه التدجين سابق التجهيز فى حظائر الطاعة وأقفاص قمع الأسئلة، الخبر الأول طالبة ثانوية عامة تلقى بنفسها من الطابق الخامس بمنطقة الهانوفيل بالإسكندرية، وطالب يصاب بسكتة قلبية ويقول أصدقاؤه إنه قد انتحر قبل دخول اللجنة!، التعليم الذى يصل إلى تلك الدرجة من بث الرعب فى القلوب ونشر الفزع والكروب هو تعذيب، هو تعتيم لا تعليم، هو سوط ألم لا صوت علم، هذا التعليم الجوانتنامى الدراكولى الزومبى غرضه ليس بناء الإنسان ولكنه تدجين المواطن وترتيب القطيع، تذكرت يوم امتحان شفوى الجراحة فى نهائى كلية الطب وكنا طابوراً أمام أستاذين يدخل طالب عند هذا والآخر عند ذاك، كان يجلس على اليمين دكتور «سين هاء» رحمه الله، وكان مشهوراً بأن أسئلته هى مقصلة تحصد أعناق الطلبة المرتعشين أمامه، بخيل الدرجات يتفوق على «شيلوك»، ولا أنسى مشهداً كارثياً حدث أمامى حين نودى على زميل لنا كان ينافس على المراكز الأولى لكى يدخل إلى الأستاذ صاحب المقصلة، سمعنا دقات قلبه كالتوربين وسرعان ما ابتل بنطلون بدلته الأنيقة من مثانته المرعوبة!، تساءلت كيف سيصبح هذا الشاب المنسحق طبيباً يشفى أوجاع البشر وهو فتات إنسان ومسحوق بشر!، وهكذا تسير الحياة أو بالأصح العيشة من حطام منسحق ثانوية عامة إلى منسحق جامعة، فكيف بالانسحاق ننتظر مواطناً يؤمن بأن حياته استحقاق وليست جسر فراق؟

أما الخبر الثانى فهو خناقة على حق الفتوى فى لجنة البرلمان الدينية التى لا أعرف وظيفتها تحديداً، فهل البرلمان وظيفته أن يلحقنا بالجنة أم يلحقنا بنادى الدول المتقدمة؟!، معلوماتى المتواضعة أن وظيفته هى أن يشرع القوانين وليس أن يقسم سوق عكاظ للفتاوى ما بين الشركاء الفرقاء!، أطنان فتاوى ومئات الآلاف من المآذن ومثلها من رجال الدين وما زالت بلادى تئن من انعدام الأخلاق وأنيميا الضمير، يشرف فيها مرتشو وزارة توزيع الأرزاق على رحلات العمرة للعشر الأواخر، ويحصد فيها وزير الزرع رحلة حج كإغماض عين عن سرقة حق!!، انتحر المنطق ونحر العقل.

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع