لماذا يُصر محمد إمام أن يظل مسخاً لوالده؟
مقالات مختارة | طارق الشناوي
الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٨
هل تتذكرون ممثلاً يُدعى نصر حماد؟، كان مجرد شبيه إلى درجة تقترب من التطابق بعادل إمام، لعبوا به (إفيه) فى الثمانينيات وحتى مطلع التسعينيات، ثم بات ورقة محروقة فهاجر إلى عدد من الدول الخليجية للاسترزاق، حيث إنهم يعشقون عادل وكل من يذكرهم به، فأمعن فى تقليده فى كل شىء، طريقته فى الكلام حتى سكناته ونظراته، شارك فى عدد من المسرحيات هناك، ثم اختفى لا أدرى ما هو مصيره الآن، هو يعتبر نفسه من ضحايا عادل إمام!!.
محمد إمام تنويعة أخرى، فهو ابنه ويحمل ملامحه وجيناته، إلا أنه بالضرورة ليس عادل إمام، فهو يستعيد لزماته السينمائية، وهى بالتأكيد لا تعبر عن عادل الإنسان، طبعا فى علم الوراثة من الممكن أن يرث الابن ملامح وتعبيرات الأب، لكنه لا يرث الصورة الذهنية التى حققها على الشاشة، فهى نتاج شخصية درامية فرضت ذلك، وتلك هى المشكلة التى تزداد من فيلم إلى آخر، الابن يقلد صورة الأب على الشاشة حتى وصلنا لذروة التطابق فى فيلمه الأخير (ليلة هنا وسرور). هل أحمد السعدنى وأحمد الفيشاوى مثلا صورة من صلاح وفاروق على الشاشة؟، أكيد كل منهما تخلص من تأثير الأب.
تحول عادل إمام إلى مشروع استثمارى عائلى بامتياز، رامى ينتج ويخرج مسلسلات يلعب بطولتها عادل الذى يبدو فى محطات عطائه الفنى وكأنه يتحرك بقوة الدفع، بينما لا يزال يحقق الرقم الأكبر تسويقيا، فهو يمثل لشركة الإنتاج البنية التحتية العميقة، بينما محمد يقطف ثمار الأب السينمائية، وهو حاليا يستعيد عادل منذ منتصف الستينيات وحتى مطلع الثمانينيات، وهى قطعا أفلام لا يستطيع عادل أن يعيدها لنا (ريبورتوار) مثل المسرح، محمد لديه مظلة جماهيرية متمثلة فى حب الناس لأبيه، هم أنفسهم يتوقون لرؤية عادل مجددا فى شبابه، ومحمد يقدم لهم عادل بمسحة عصرية.
عادل لم يكن يتمتع فى شبابه بجسد قوى نافر العضلات، بينما فى هذا الزمن صار من بين شروط النجومية تقديم عشرات من مشاهد المطاردات والضرب، وإمام الصغير فى الفيلم الذى أخرجه حسين المنباوى أسرف مع ياسمين صبرى فى تقديم تلك المشاهد، ومن الواضح أنه حرص على بنائه الجسدى، إمام الصغير يتحرك من (كابتن مصر) إلى (جحيم فى الهند) وهو يحيط نفسه بعدد من نجوم الكوميديا القادرين على اقتناص الضحك مثل محمد عبد الرحمن ومحمد سلام وأسطى الكوميديا بيومى فؤاد وأحمد فهمى ومحمد ثروت وأبوليلة، وأضاف ورقة مختلفة لزيادة التشويق بطل العالم كرم جابر.
إمام الصغير يعلم أنه لا يمكن أن يضع نفسه فى قائمة نجوم الكوميديا وفى الأفلام الثلاثة ستجد توفر عدد كبير منهم فى مساحات مقننة، فى الفيلمين السابقين كانت صورهم على الأفيش بينما فى (هنا وسرور) اكتفى بأن يحتل هو فقط مع ياسمين (الأفيش) لتصبح الرسالة مباشرة هذا هو جمهورى.
هل تستمر قوة الدفع وإلى أى مدى؟، عادل ظاهرة استثنائية على كل المستويات، وما حققه من العسير إن لم يكن من المستحيل تكراره، وبرغم تضاؤل عطائه على الشاشة الصغيرة، لا يزال يتقدم الصف، على الأقل لو حسبتها بالرقم الذى يتقاضاه إمام الصغير من توابع تلك الدفقة الجماهيرية التى حققها الأب، ولكنه لن يتحقق كنجم (سوبر ستار)، سيتضاءل مع الزمن حضور تلك النسخة الباهتة، لأن الناس ستجد الأصل المتوفر على كل الفضائيات.
قبل 100 عام كتب «حسين»، ابن أمير الشعراء أحمد شوقى، قصائد على غرار والده، وغنى له أيضاً الموسيقار محمد عبدالوهاب، إلا أنه لم يصبح أميراً للشعراء، لأنه انتحل صفة الأب وكرر مفرداته، سعى لكى يرث إمارة الشعر، فوجد نفسه مع الزمن خارج المنظومة. الفن لا يعترف بالتوريث ولا التقليد، وعلى محمد إمام أن يسأل نفسه أين نصر حماد الآن!!.