الأقباط متحدون - حرب الاكاذيب والشائعات
  • ٠٨:٤٧
  • الأحد , ٢٢ يوليو ٢٠١٨
English version

حرب الاكاذيب والشائعات

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٠١: ٠٥ م +02:00 EET

الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية

بقلم : د. مجدى شحاته
 خلال رحلتى الاخيرة للوطن الغالى مصر وبعض الدول الاوروبية ، لاحظت بشدة ان الوطن تجتاحه موجة عاتية من الاكاذيب والشائعات يروج لها أفراد من المغرضين وأعتقد بل من المؤكد أن وراء هؤلاء الافراد كتائب مدربة وممولة ماديا من الداخل والخارج بغرض بث تلك الاكاذيب والشائعات والتى تنتشر بسرعة البرق بين عامة الناس من خلال مواقع ( السوشيال ميديا – والفيس بوك ) على شبكة الانترنت ، علما باننى شخصيا لست من محبى او ممن يتعامل مع تلك الاسلحة ذات الحدين .

حرب الاكاذيب والشائعات واحدة من أخطرأسلحة الجيوش النظامية وجحافل الارهبيين حول العالم ، والتى بدء اللجوء اليها بعد ان أنعم الله على كافة أرجاء مصر بالامن والاستقرار والسلام الاجتماعى والامنى بدرجة كبيرة بعد الفوضى العارمة وحرب الشوارع وانتشار البلطجية وقطاع الطرق وتهديد وترويع الشعب فى اعقاب التجاوزات التى أعقبت ثوره 25 يناير 2011 . كذلك لجأ المغرضون لهذه الحرب الدنيئة والحقيرة بعد الخطوات المبهرة والعظيمة التى تخطوها مصر بكل ثبات وقوة فى مجال التنمية والبناء وتحقيق المئات من المشروعات القومية العملاقة  وخوض معركة الاصلاح الاقتصادى والتى يتحملها المصريون بكل الصبر والمثابرة ، بجانب الانتصارات القوية التى تحققها قواتنا المسلحة الظافرة مع رجال الشرطة البوسل ضد الارهاب فى سيناء .
ان حرب الاكاذيب والشائعات والتى تنتشر عبر ( السوشيال ميديا ) ذلك السلاح ذو الحدين الذى سيطر على عقول كثير من البشر ، وكثيرون من الناس أصبحوا يساهمون فى نشر الاكاذيب والشائعات بقصد اوبدون قصد من خلال تبادل تلك الاكاذيب والشائعات بغرض تسلية رخيصة ولا يدركون خطورتها نحو اعادة الفوضى والعنف وحرب الشوارع ومحاولة اسقاط البلد لاقدر الله !!! من هنا لابد من ايجاد التشريعات والقوانين التى تمكن من ملاحقة مروجى هذه الشائعات عبر شبكات التواصل الاجتماعى لردعهم ومعاقبتهم بكل الحزم والشدة والجدية .

لقد رصدت وسائل الاعلام الموثقة ان هناك عشرات الألآف من الاكاذيب واتى يتناقلها عامة الناس خلال الاشهر الاخيرة ... أكاذيب ليس لها أى اساس من الصحة او المنطق او الحجة و بعيدة كل البعد عن الواقع ، لكن بكل الأسف يصدقها البسطاء من الناس او ذوى النفوس المريضة !! وأيضا  استغلال حوادث عارضة يتم اختلاق حولها الكثير من الروايات والتلفيقات واللف والدوران بكل الخبث والتدليس والدهاء بغرض نشر البلبلة والاثارة والتشكيك فى قدرة وامكانيات الدولة ومحاولة فقد الثقة بين الشعب والحكومة وضرب الشعب فى مقتل ، واعادة البلاد الى نقطة الصفر، حيث الفوضى والدمار الشامل والخراب لا قدر الله !! وساضرب لكم أمثلة لبعض الشائعات التى تم تداولها  وكشفتها وسائل الاعلام لندرك مدى تفاهة مروجوها وسزاجة من يصدقها  ... قالوا فى واحدة من الشائعات ، ان الحكومة قامت باضافة مادة مجهولة الى رغيف الخبز تعمل هذه المادة على تحديد النسل اى عدم الانجاب بين الشعب المصرى !!!  يا سلام ... تحديد النسل عن طريق لقمة العيش !!! ولم يخبرنا أحد من مروجى هذه الاكذوبة هل هذه المادة تستهدف الذكور أم الاناث ؟؟ ام تستهدف الجنسين معا ؟؟ وهل تلك المادة الجهنمية من هرمونات ذكرية ان انثوية ؟؟ ام انها مستخلص حبوب منع الحمل  وهل تلك المادة الجهنمية لاتتاثر بالحرارة اثناء تسوية الخبز ام يتم نثرها آليا بعد التسوية ؟؟ 

والهدف واضح وهو البلبلة والشوشرة فى محاولة يائسة بائسة لضرب النجاح الساحق الذى تحقق من خلال منظومة الخبز التى قضت نهائيا على طوابير العيش امام المخابز الذى كان يسقط خلال معاركه جرحى بل وقتلى أيضا !! منظومة الخبز التى قضت على جشع التجار  الذين كانوا يستخدمون الخبز المدعوم لتغذية الدواجن والماشية !! . أكذوبة ثانية ، تدعى ان وزير التربية والتعليم أصدر قرارا بأن يدفع كل تلميذ جنيها واحدا كل صباح عند دخوله المدرسه ؟؟!! وكأنها تذكرة لدخول الفصل ، اسوة بتذاكر دخول السينما ام ركوب المترو !! .وقد أكد المسؤلون عن كذب هذا الافتراء . اشاعة اخرى مفداها بأن وزيرة الصحة قررت ان اى متوفى فى مستشفى حكومى يتم التبرع بأعضائه للغير وطبعا لمن يدفع !! اشاعة فى منتهى الاستفزاز  والحزن ...  ومن ضمن الشائعات المثيرة للدهشة والعجب ، شائعة جاء فيها بان الدولة قامت باستيراد من الصين كميات من البيض والاسماك المصنوعة من البلاستيك وتناولها يؤدى الى امراض سرطانية ... هل هذا امر معقول  ..؟ وهل وصلنا لهذه الدرجة من السذاجة ؟؟ من المعروف أن البيض والسمك مواد بيولوجية حية قوامها اساسا من البروتين والدهون وقليل من الكربوهيرات والمعادن والاملاح يمكن طهيها على النار ، اما البلاستيك مادة غير بيولوجية وغير حية لايمكن تسويتها او طهيها على النار ... وقد نفت مصادر حكومية استيراد اى اسماك او بيض من الصين نهائيا ، فضلا على ان مصر لديها فائض من انتاج البيض

وانها اصبحت تمتلك اكبر مزارع سمكية عملاقة فى الشرق وانتاجها بدء يظهر فى الاسواق بوفرة واسعار مناسبة ، وأنا شخصيا اثناء تواجدى فى الاسكندرية مؤخرا ، تناولت وجبات كثيرة من الاسماك ( وكانت حية ) امام عينى قبل طهيها ولم ارى فى اى سوق او مطعم اى أسماك بلاستيكية او زجاجية او خشبية !! اتقوا الله يرحمكم الله يا عالم !! وأما من حيث الحوادث العارضة التى يتم أختلاق الشائعات والتلفيقات والالتفاف حولها ، كما هو حدث فى واقعة العثور على تلاث جثث لأطفال صغار تترواح اعمارهم ما بين اربع سنوات لسنتين ، مصابون بحروق شديدة وتم القاء جثثهم بواسطة مجهولون فى منطقة المريوطية اسفل كوبرى الطريق الدائرى بالقاهرة الكبرى , وكانت الجثث فى حالة تعفن ، واستغلت كتائب الشائعات فى بث الاكاذيب والادعاءات بأن وراء الحادث عصابات لخطف الاطفال بغرض نزع وسرقة الاعضاء البشرية ، وكان من السهل تكذيب الشائعة حيث أكد الطب الشرعى ان الجثث كاملة ولم يتم نزع أى اعضاء منها ، وخرجت شائعة اخرى ان الاطفال الضحايا كانوا فى احدى دور الايتام وشب بها حريق ادى الى احتراق الاطفال وتم التخلص منهم بالقائهم فى الطريق العام !! بكل هذه البساطة !! وتكشفت الحقيقى كاملة بعد أيام معدودة ، حيث قام رجال البحث الجنائى الاكفاء بكشف كافة تفاصيل لجريمة والقبض على الجناة واذاعة اعترفاتهم امام النيابة بالكامل والتى كذبت وفضحت تماما كل الشائعات والاكاذيب التى بثتها كتائب الفيس بوك اياها   والتى كانت تهدف الى بث الفزع والرعب بين الناس .      
        
عندما ينهزم أى عدو ويفشل فى تحقيق أهدافه العدوانية على أرض الواقع ، كثيرا ما يلجأ الى سلاح بث الاكاذيب والشائعات الرخيص والذى يمكن ان يكون أكثر فتكا من القنبلة والحزام الناسف او السيارة المفخخة ، ووسط هذا الكم الهائل من الشائعات والاكاذيب كثيرا ما تضيع الحقائق . لا شك انها حرب شرسة وقذرة لابد من التصدى لها بكل الحزم والشدة والقوة ، وهذا يتطلب وضع ضوابط وتشريعات وقوانين صارمة قوية وفعالة لكل من يعمل على خلق او نشر وبث تلك الاكاذيب والشائعات او يروج لها ، يواكب ذلك خلق جو من الوعى القومى بين أفراد الشعب خاصة البسطاء منهم ، والتاكيد على الشفافية الكاملة لكل ما تقدمه وسائل الاعلام المختلفة من أخبار وتقارير صحفية ، وحث الشباب على عدم الانسياق وراء كل ما هم غير موثق رسميا من الدولة وينشر على صفحات شبكات اتواصل الاجتماعى والتى تعتبر عاملا هاما فى هذه الحرب الدنيئة والرخيصة .