قصة سيارة الملك: «مركونة في الشيخ ريحان» وطلبها «الخطيب» فى مباراة اعتزاله
منوعات | cairo30.
الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٨
داخل إحدى حوارى شارع الشيخ ريحان فى منطقة عابدين، تنزوى بجانب مبنى مهجور، لا تستطيع رؤيتها وسط الأتربة التى تغطيها والأقمشة التى تحاول الحفاظ على ما تبقى منها، لكن يبدو أن سيارة «زوبة العجيبة» كانت وستظل أيقونة لها تاريخ تتحدث عنه الأجيال.
لونها الأحمر وعجلاتها الأمامية الرفيعة والخلفية الغليظة و«الدريكسيون» المصمم من الجهة اليمنى، والموتور المانافيلا الذى يعمل يدويا، كلها علامات تؤكد لكل من يراها أن السيارة زوبة من الطراز القديم والفريد.
علي حامد، الذي توفى فى عام 1997، وكان يملك مجموعة محال لإكسسوارات السيارات والشكمانات فى منطقة عابدين، قرر شراء تلك العربة خردة لإعادة إحيائها حتى تكون مصدراً لشهرته فى الأوساط الفنية والرياضية.
حكايات «زوبة العجيبة» يرويها محمد، الابن الأصغر ، والحفيد أحمد حامد علي حامد، الابن الأكبر لحامد، الذى ورث السيارة عن والده وتوفي في عام 2004، ويقول «محمد»: «والدى اشترى زوبة من مزاد علنى تابع لرئاسة الجمهورية فى الخمسينيات، وكانت من ممتلكات الملك فؤاد»، سيارة موديل أوستن 1934، إنجليزية الصنع، لم يصنع منها الكثير، سيارة قديمة لا تناسب العصر الذى عاش فيه علي، يقول محمد: «بس هو كان عايز يبقى مميز».
إعادة إحياء هذه الخردة السوداء أخذت من علي وابنه وقتا ومجهودا كبيرا، وأول قرار اتخذه الوالد هو أن يدهنها باللون الأحمر، فهو المشجع الأكبر للنادى الأهلى، والمكتوب اسمه على جدران النادى، فى لوحة كبار المشجعين، لكنهم أصروا على الحفاظ على أجزائها وتاريخها كما هى، لم يعملوا على تغيير العجل أو الموتور، وبعد عناء العمل خرجت زوبة إلى النور، السيارة الأقرب لقلب «علي»، التي كان يستخدمها فى السفر إلى الإسكندرية بالرغم من ضعف فراملها التى تشبه فرامل العجل وقلة كفاءة موتورها، ويقول محمد: «كان بيصبر عليها وكل شوية يقف بيها عشان متسخنش».
«زوبة» أصبحت شريكة النادى الأهلى فى انتصاراته، فخلال فترة طويلة لم يستخدم «علي» السيارة سوى للاحتفال بفوز الأهلى فى مبارياته، ويضيف «محمد»: «كان بيلف بالعربية وتتلم العيال فوقيها وتتملى ويطلع بيها على نادي الجزيرة عشان يحتفل».
عشقه للفانلة الحمراء جعله يكتب رقم 10 على خلفية السيارة، حبا فى البطل محمود الخطيب، الذى اختار زوبة لتكون معه فى مباراة اعتزاله: «طلبها يلف بيها تراك الملعب بس للأسف كنا بنعملها صيانة وكانت كلها مفكوكة وهما قالولنا قبلها بيوم واحد، والدى زعل جدا لإنه كان بيعشق الخطيب».
شهرة «زوبة» فى المجال الرياضى جعلت الأوساط الفنية تسلط الضوء عليها، لتشارك فى عدد من الأعمال الفنية مع أبطال كبار، منهم الفنانة نجاة، والفنان محمد عوض، واستخدمها الراحل عبدالمنعم مدبولى فى فوازيره بابا عبده، وكانت محور الأحداث فى فيلم «الشياطين والكرة» للنجم عادل إمام.
عروض كثيرة قُدمت تحت عجلات زوبة، منها الشراء على يد الشركة المصنعة وأجانب ورجال أعمال مصريين، لكن قُوبلت كلها بالرفض من علي وابنه حامد، فارتباطهما بالسيارة والشهرة التى حظيت بها كان أهم لديهما، ويقول محمد: «كانت الناس بتطلبها فى زفة الأفراح أو الظهور فى أفلام وكليبات، وكان والدى ينتقى منها أفلاما قليلة جدا، وبيكون بعد ضغط كمان، مكنش بيحب يبهدلها».
شهرة «زوبة» وصلت إلى أنها أصبحت علامة مميزة يهتدى بها كل من يتجه لحارة من حواري الشيخ ريحان، حيث وضعها علي فى مقدمة الحارة، لتجذب الزبائن القادمين لمحاله لشراء إكسسوارات وشكمانات السيارات: «كانت الناس بتقول خش الحارة اللى بعد زوبة أو استنانى عند زوبة».
بعد وفاة الوالد والابن الأكبر «حامد» وسفر الأصغر محمد، أصبحت زوبة مسؤولية أحمد الحفيد، الذى قال: «مكنش حد بيسوقها غير أبويا وجدى عشان كده معرفتش أتعامل معاها تركتها لسنوات مركونة فى جراج، الذى تحول فيما بعد لشركة، فاضطررت أن أتركها فى الشارع». أصبحت «زوبة» الآن غير صالحة للعمل، عادت خردة كما تركها الملك فؤاد، لكن «محمد» و«أحمد» قررا أن تعود زوبة كما كانت، يقول محمد: «قطع الغيار لنوع العربية دى مش موجودة فى مصر كلها غير محل فى بورسعيد عنده خردوات مستوردة، أبويا كان بيجيب منه، والله أعلم هلاقى المحل موجود دلوقتى ولا لأ».
قرار عودة هذه الأنتيكة يراود محمد منذ أن رآها عقب أيام من عودته من الخارج: «حتى لو اضطريت أعدل فيها وأغير الموتور مش مهم، لكن المهم إن زوبة هى اللى ماشية على الأرض وشايفها قدامي».