ماحدش بينام جعان
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٢٤ اغسطس ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
ذلك المثل الذي دأبنا على ترديده في الآونة الأخيرة بعد أن كان التراث الموروث من الأمثال الشعبية المصرية لم يعد له مكان بعد أن كذبته ودحضته الإحصائيات العالمية، وبيانات قاطعة من الجهازالمركزي للتعبئة العامة والإحصاء أصدر بيان بأن المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء، وضعت مصر في المرتبة التاسعة والخمسين بين الدول التي بها نسبة جوع، واحتلت مصر عربياً المركزالثالث وذلك بناء على إحصائياته ودراساته التي قام بها فيما يخص العام قبل الماضي، وهنا تكمن المفارقة، إذا كان هذا قبل عامين تقريباً وقت أن لم يكن الجنيه قد عام، الشعب غرق والاقتصادي يتهاوى، والديون تتزايد، والاحتياطي يزيد بالقروض والمنح والمعونات والودائع، فما بالنا واليوم يحدث كل هذا؟ فماذا يحدث الآن بشعب مصر الأبي الذي أصدر أحد المطبلاتية من رجال الأعمال وصاحب جمعية لجمع الأموال لمعونة المحتاجين من هذا الشعب تصريحاً قاطعاً بأنه لايوجد فقير في مصر، حسناً، أصدق هذا لو أن هؤلاء الذين يعانون الفقر قد ماتوا وتخلصت منهم الحكومة وارتاحت وارتاحنا، لكن بما أنني لم أزلأكتب لكم هذا المقال وأنا بكامل قوايا العقلية فأنا أثق تمام الثقة بأنه لم يزل هناك فقراء في مصر، ولم يزل هناك من ينامون جوعاً لا لشيء إلا لأنهم لا يستطيعون أبداً أن يفعلوا إلا أن يكملوا جوعهم نوم.
لعل أهم إنجازات الحكومة والأنظمة المتتابعة على هذا البلد الآمن حدوداً والجعان شعباً أنهم قضوا على أسطورة الأمثال الشعبيةالتي تتردد على أفواه العامة، قضت على حقيقة الكثير منها، فها هو من ينام من غير عشا بعد أن كنا نعتاد ترديد أن مافيش حد بينام من غير عشا ومافيش حد بينام جعان، آدي الإحصائيات العالمية والتييعترف بهاالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يعترف بها ولا يكذبها .
يدعون محاربة الفقر، وهم يحاربون الفقراء، يدعون أنهم يحاربون الجوع وهم يدعمونه، يدفعون البلد للتقدم في قائمة البلاد الجائعة،يدعون أنهم يحافظون على الصحة والتعليم وهم من يخربونهم يكذبونبأنهم يحافظون على حرية تداول المعلومات وهم يغلقون القنوات ويشتتون الإعلاميين، وينهون عمل البرامجالحوارية لا لشيء إلا لكي نبقى جوعى للمعلومات كما صرنا جوعى للطعام، وهذا لن يؤدي إلا –لا قدر الله- إلا إلى إنتاج جيل ضعيف بل أكثر ضعفاً وتقزما جسدياً لكن الروح ستبقى شامخة ورافضة لسياسات الفاشلين من المستسهلين فارضي الضرائب، الباحثين عن ملء حسباتهم البنكية بما يؤمن لأنفسهم ولأحفادهم حياة أفضل في مدن جديدة أكثر أماناً بعيدةعن الدهماء والغوغاء والعيش في مدارس أفضل، وهذا لن يتم إلا بزيادات مرتباتهم ومعاشاتهم لكي ينجو بأنفسهم.
المختصر المفيد جوعتونا منكم لله.