الأقباط متحدون - بـيكار الفنان العالمي فارس الريشة والقلم
  • ٠٦:٠١
  • الأحد , ٢٦ اغسطس ٢٠١٨
English version

بـيكار الفنان العالمي فارس الريشة والقلم

د. رؤوف هندي

مساحة رأي

٣٨: ٠٤ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ اغسطس ٢٠١٨

حسين أمين بيكار
حسين أمين بيكار

   بقلم الدكتور رؤوف هـندي                            
   ولد حسين أمين بيكار فى (2 يناير عام 1913  وتوفى 16 نوفمبر 2002) من مواليد حيّ الانفوشي بالأسكندرية من أصول قبرصية تركية والـتحق بكلية الـفنون الجميلة عام 1928، وكانت وقـتها تسمى  مدرسة الفـنون العليا وكان عمره آنذاك 15 عاما ليكـون من اوائل الطـلبة المصريين الذين التحقوا بها فى البدايات على أيدى الأساتذة الأجانب حتى عام 1930، ثم على يد يوسف كامل وأحمد صبري. وعقب التخرج  عمل في تأسيس متحف الشمع، وإنجاز بعض الأعمال فى ديكور المتحف.

 ثم انتقل بيكار بعد ذلك إلى المغرب، حيث قضى ثلاث سنوات مدرسا للرسم وهى مرحلة هامة فى تكوين حياته الفنية حيث رسم بيكار أول رسومه التوضيحية، هناك عندما وضع مدرس اللغة الإسبانية كتابا لتعليم اللغة للتلاميذ، ثم طلب من بيكار مدرس الرسم آنذاك أن يترجم الكلمات إلى صور.

بعد ذلك عاد بيكار إلى القاهرة عام 1942، وعمل معاونا لأستاذه وصديقه الفنان أحمد صبرى، وتولى رئاسة القسم الحر خلفا لصبرى بعد تقاعده 
وحسين أمين بيكار فنان تشكيلى متميز ينتمى إلى الجيل الثانى من الفنانين المصريين وهو صاحب مدرسة للفن الصحفى وصحافة الأطفال  بصفة  خاصة وهو صاحب بصيرة نافذة، وذوق رفيع،أحب الموسيقى منذ نعومة أظافره كما كتب رباعيات وخماسيات زجلية مصاحبة لروسامته  تميزت  بالـحكمة والنقاء والبلاغة ، بل هو رائدها الأول فى مصر والشرق عموما ، وتتميز لوحاته  الزيـتية بمستواها الرفيع فى الـتكوين وقوة التعبـير.

فنان مصري تشكيلي له تصنيف عالمي ومتعدد المواهب الفنية وعازف موسيقى رائع للعود وناقد فني على طراز راقي وأشعاره الزجلية دعوة للسلام ، وظل معطاء طوال حياته، ومعلما للكثير من الأجيال.وهو صاحب مدرسة للفن الصحفي وصحافة الأطفال بصفة خاصة،بل هو رائدها الأول أما لوحاته الزيتية فقد وصلت للعالمية وتتميز بمستواها الرفيع في التكوين والتلوين وقوة التعبير، فهو فنان مرهف حساس ،وناقد فني شاعري الأسلوب عمل بدار أخبار اليوم ومدرسا في الفنون الجميلة وساهم في إصدار مجلة السندباد الشهيرة وهو من الرعيل البهائي الأول في مصر وتعرض لمشاكل كثيرة بسبب عقيدته وحصل

على : وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الحكومة المصرية، عام1972. ثم جائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة،عام 1980وتبرع بالقيمة المادية للجائزة للدولة لإنفاقها على الأيتام والمشاريع الخيرية ثم جائزة الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2000 وتبرع بقيمتها أيضا للدولة وقد وصف الأستاذ الدكتور صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية الفنان بيكار بانه احد أهم الرموز الوطنية الفنية في العصر الحديث وأضاف ان بيكار صاحب بصيرة نافذة وأسلوب رفيع نستطيع أن نقول إنه حالة فريدة من الفيض الإنسانى، دائماً ما تمس أعماله القلوب قبل الألباب، خاصة عند تناوله للمرأة التى دائماً ما كانت بعينه ملاكاً أكثر من مجرد جسد ولها عنده سمت رشيق ورومانسى، وصاحب مهارة متفردة فى رسم ملامح الصورة الشخصية فهو يغوص فى مكنون الشخصية التى يرسمها، ولكن بأسلوبٍ بسيط، ظل معطاءً طوال حياته ومعلماً للكثير من الأجيال حتى لقب بشيخ الفنانين،

وبجانب كونه رساما رائعا للبورتيريه فهو ناقد فنى وشاعر مرهف الإحساس  وعازف موسيقي ماهر وبيكار صاحب مهارة متفردة فى رسم ملامح الصورة الشخصية فهو يغوص فى الشخصية التى يرسمها بأسلوب يميل إلى التبسيط واقتصاد فى الدرجات اللونية له أسلوبه المميز حين يتحدث عن الفنون الجميلة كما أنه متخصص فى الاتجاه التأثرى فى الرسم الملون، ويعود السر فى احتلاله المكانة العالية بين النقاد هى صلته الوثيقة بالفن فى مختلف أشكاله كتب بيكار العديد من الكتب عن الفن، وله عدة دراسات عن الفنانين المصريين والأجانب وخاصة معاصريه، كما كتب عن الفنان الرائد .أحمد صبرى، وحصل بيكار على عشرات الجوائز محلياً وعربياً وعالمياً، كانت آخرها جائزة مبارك عام 2000، وهى أكبر جوائز الدولة فى  مصر وكتب العديد من الكتاب والصحفيين مقالات عديدة عن حسين بيكار فى حياته وبعد مماته، وقد وصفه الأستاذ أحمد رجب بأنه "فنان مهذب جداً، إذا ألقى التحية على أحد قال له: من فضلك صباح الخير، ولم أره مرة واحدة إلا باسم الوجه، ولم أشاهده عمرى قد فقد أعصابه مرة، ويقال – وهى رواية غير مؤكدة – إنه اتنرفز للمرة

الأولى فى حياته منذ ٢١ سنة، ولكن صوته لم يرتفع، ولم يفقد ابتسامته الهادئة، وكل ما قاله للشخص الذى استفز أعصابه يومها: من فضلك عيب كده.. وعيب كده هى أكبر شتمة فى قاموس بيكار قال عنه مصطفى أمين: «عرفت بيكار من خطوطه قبل أن أعرفه من ملامحه، هذه الخطوط الأنيقة والظلال الرائعة جعلتنى أرى فيه فارساً من القرون الماضية لا يحمل سيفاً وإنما يحمل ريشة، يغزو بها كل يوم آفاقاً جديدة وعوالم جديدة، هذا الرسام ليس فناناً فى فن واحد، إنه أستاذ فى الرسم وفى الأدب، وأستاذ فى البزق والطمبور والعود، مزيج من الرسام والمصور والشاعر والموسيقى والفيلسوف،أعطاه الله قلباً كبيراً

يحب به كل الناس ولا يكره أحداً، وأعطاه الله نفساً عالية لا تنزل إلى الحقد والغيرة والضغينة، وأعطاه الله إباء لا تذله المناصب، ولا يخضعه المال، ولا يضعفه النفوذ  والسُلطة قال الكاتب الصحفى على أمين: كنا نوفده فى رحلات إلى أبو سمبل والحبشة وأسبانيا وأفريقيا والمغرب وتونس والجزائر وسوريا ولبنان ولم يكن يعود لنا برسوم فقط.. كان يعود بصور حية.. كنا نشعر أننا لم نوفد رساما واحدا وأنما أوفدنا بعثة فيها فيلسوف وفيها مصور وفيها رسام وفيها فنان.. وقبل كل شىء فيها إنسان. وقال الدكتور خالد منتصر عشقت هذا الفنان الرائع على المستويين الفنى والإنسانى فى زمن كان لا يُسأل الفنان عن انتمائه أو ديانته أو هويته، كان يُسأل فقط عن ألوانه وظلاله وأضوائه وفرشاته ورؤيته الفنية،كانت ديانته البهائية اختياره الشخصى الخاص جداً، ولم يجبر صحفيى أخبار اليوم على اعتناقها، فلنحاسبه على فنه وإبـداعاته وأعـماله فقط ،فهو كان يـُوقع على لوحـاته باسم بـيـكار ولـيس باسم  بهائي ومن الأعمال الخالدة في حياة بيكار والتي حفرت 

 إسمه بحروف من ذهب ونور أنه في بداية الستينيات ومع مشروع بناء السد العالى ظهر أن المياه ستغمر النوبة بما فيها من آثار وخاض الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة في هذا الوقت معركة الدعوة لإنقاذ آثار النوبة ،وهى الدعوة التي تبنتها هيئة اليونيسكو.. وكان من الآثار التي أنقذت معبد رمسيس الثاني في "أبو سنبل" وقد تم نقله إلى أعلى الجبل بعيداً عن فيضان المياه وكان تقطيع المعبد الكبير إلى أجزاء ترفعها الرافعات العملاقة وتحملها الجرارات الضخمة إلى الموقع الجديد، كانت هذه العملية تمثل معجزة هندسية ومعمارية غير مسبوقة وقد قام المخرج الكندى "جون فينى" يتصوير مراحل نقل المعبد إلى أعلى الجبل بارتفاع 40 متراً وظهر أن الفيلم التسجيلى تنقصه المعلومات والصور الموضحة لتاريخ هذا البناء حتى إقامة السد العالى... أى تاريخ المعبد على مدى 3500 سنة من عصر الملك العظيم رمسيس الثاني الذي أقيم المعبد في فترة حكمه وتخليداً لذكراه. وكان الفنان حسن فؤاد رئيس قطاع السينما التسجيلية قد

رشح بيكار للعمل في هذا الفيلم وقد قام بيكار بالإشتراك مع فينى بكتابة السناريو.. وتفرغ لمدة عامين كاملين في رسم 80 لوحة انتقل من خلالها 3500 سنة إلى مصر القديمة في زمن رمسيس الثاني وكيف كانت الحياة هناك في ذلك الوقت. بين 50 لوحة صغيرة و30 أخرى يزيد طولها على 4 أمتار نفذها بيكار بألوان الجواش... صورت المعبد من بداية عرض المهندسين الفراعنة تصميماته على رمسيس الثاني وزوجته الجميلة نفرتارى والحفلة الملكية بالقصر وكيفية تحديد المكان الذي سيبنى عليه المعبد وطريقة البناء وتعامد الشمس ودخولها يوم مولده ويوم تتويجه.جاءت الموسيقى التصويرية معزوفة لموسيقار إيطالى شهير مستوحاة من همهمات فرعونية قام بيكار بأدائها عزفاً على الطنبور.وعُرض هذا الفيلم في مصر وألمانيا  وإيـطاليا ومادمـنا بصدد الحديث عن إبـداعات شيخ الـفنـانـين المصريين حسيـن بيكار فلن يكون بوسعنا ألا نذكر مجـلة السندباد الشهـيرة أولى الإصدارات        

" الـراقية المتخصصة التي كونْت وشكلّتْ وجدان الاطفال وجعلتهم يتذوقون الفنون كانت مجلة الأولاد في جميع البلاد ،تصدر كل خميس ومع العدد هدية ،عن دار المعارف بمصر ،ورئيس التحرير الأديب محمد يعيد العريان. وعن هذه الفترة من تاريخ قصص وأدب كتاب الأطفال في مصر يروى الفنان بيكار : لنتحدث عن الشخصية المعنوية.. لقد كان "محمد سعيد العريان " صاحب الفكرة نفسها أن يصدر مجلة للأطفال يسميها "السندباد " يعنى أن يكون بطل المجلة رحالة يجوب العالم كله مما يعنى أن تجوب المجلة وترحل في أجواء مختلفة وثقافات متنوعة.. ومادام السندباد رحالة فمن الازم أن يكون شكله وزيًه

وأدواته عربية –شرقية (مخلته ومنظاره وعصاه) وأحياناً يأخذ كلبه معه لأنه خير رفيق.ونظراً لتلاحم الشكل والمضمون في تصورى، لقد عرفت فلسفة المجلة. العريان يريد مطبوعة للطفل أى أن المناخ الطفولى لابد أن يكون موجوداً حتى في العنوان ...وهكذا اختزلت كل ما قرأته وعرفته في شخصية جذابة جدير بالذكر هنا ان بيكار كانت له تجربة ناجحة في الكتاب المدرسى..فقد كلف برسم كتاب القراءة الجديدة للصفوف الأربعة الأولى بالمرحلة الابتدائية "كتاب الأرنب شرشر" وكانت تجربة جديدة وفريدة لتعليم القراءة والأرتقاء بوجدان الطفل من خلال الصورة  المرسومة وارتبط الفنان بيكار بعلاقة وثيقة وخاصة جدا بدارالأخبار المصرية العريقة نظرا لعلاقته القوية والإنسانية شديدة الخصوبة بالراحلين علي ومصطفى أمين مؤسسا دار الاخبار   

  فمن أجلهما استقال من العمل في كلية الفنون الجميلة حيث تولى رئاسة قسم التصوير – بعد إلحاح الشقيقين على أمين ومصطفى أمين وتفرغ للرسم الصحفى الذي كان يمارسه في الأخبار منذ عام 1944 وكان لبيكار أسلوب بسيط واضح في هذا المجال حيث ارتقى بمستواه ليقربه من العمل الفنى، وكان رائداً له بدلاً من النقل من الصحف الأوروبية، وهو أول فنان رسم غلاف كتاب، بعد ما كان يسيطر على هذا المجال عمال الحفر" فكان كتاب "الأيام " للدكتور طه حسين أول كتاب يقوم برسمه بعد عودته من رحلة المغرب، ويحمل الغلاف كلمة الأيام بخط يد بيكار ،لتتعدى بعد ذلك الكتب التي رسمها حتى رحيله الألف

كتاب، وبذلك يعود له الفضل في نقل الرسم الصحفى وكتب الأطفال وأغلفة الكتب من الغرب إلى مرحلة جديدة مثلت ثقافة مصر وروحها. تميزَ بيكار في أثناء عمله في دار أخبار اليوم بنوع جديد من الأدب وهو" أدب الرحلات" الذي كان حديثاً على الصحافة فصار "سندباداً صحفياً" يسافر إلى بلاد العالم حاملا قلماً ومستبدلاً الكاميرا بالريشة حيث سافر إلى الحبشة وإسبانيا والمغرب وسوريا ولبنان وتونس والجزائر ونجحت تلك التحقيقات المرسومة أيما نجاح... كان يكتب ويصور بريشته كل غريب وطريف فتجول في أسواق الحبشة وحوانيتها واختلط بالغجر في إسبانيا ورسم مصارعة الثيران وفي سوريا صور سلطان

باشا الأطرش زعيم الدروز كما طاف بجبال لبنان الرائعة أشجار الأرز الساحرة ثم عاد إلى أول بلد زارها بعد تخرجه –المغرب ثم اتجه إلى تونس والجزائرمحلقاً طولاً وعرضاً ثم عاد إلى مصر وتعددت رحلاته من مصر الفرعونية إلى بلاد النوبة التي عشقها ثم إلى البحر الأحمر ومنه إلى بورسعيد... رحلات بالكلمة والصورة المرسومة زينت الصحافة  المصرية وبرغم سيرة بيكار الفنان المصري العالمي الناصعة االمشرفة والتي تنال الإحترام والتقدير اللائق في كل بلدان العالم إلا انه حتى الآن لم ينـل في بلده مصر التقدير المستحق واللائق لعطائه وفنه وإنجازاته وإني أناشد الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة وهي احد تلامذة بيكار أن تتخذ جُملة من الإجراءات العاجلة لتكريم ذلك الفنان المصنف عالميا والمحافظة على تراثه الفني الفريد والذي وللأسف

يتعرض البعض منه للسرقة والضياع وخصوصا أن اللوائح العقيمة تنص فقط على حق الورثة الشرعيين بالمحافظة على تراثه الفني وهو للأسف ليس له اولاد شرعيين يقومون بذلك العمل وفي رأيي ان هذه وظيفة وزارة الثقافة وكل تلاميد ومحبي بيكـار فأعمال بيكار الفنية هي مِلك للشعب المصري والإنسانية كلها واناشد مسئولي مكتبة الأسكندرية العريقة وهي التي اهداها بيكار مكتبته الخاصة بما تحمله من ثراء فني وأدبي نادرأن تقوم بتكريم إسم الفنان العالمي بيكار التكريم اللائق وهو إبن الأسكندرية البار  فليس من المعقول ان أهم المتاحف الفنية في العالم كله تعرض أعمال بيكار الفنية وقد شاهدتُ ذلك بعيني خلال زيارة اخيرة لي لإحد أهم المتاحف العالمية يعرضون أعمال ولوحات بيكار ونحن هنا في مصر موطن ومنشأ الفنان نتجاهله بتلك الصورة المريبة واناشد الدكتورة إيناس الفنانه الرقيقة جدا بأن تؤسس لصالة فنية دائمة بدارالاوبرا تحمل إسم الفنان بيكار وان تنظر بعين الإهتمام لاقتراحي لها بإقامة أسبوع سنوي لإحيياء ذكرى بيكار وتركيز الضوء على أعماله الفنية الإبداعية وأتمنى ألا يقف معتقده أو دينه كونه بهائي حائلا ضد إحيياء قيمة وذكرى بيكار الفنان المصري العالمي واختم مقالي هذا لبعض من اشعار حسين بيكار من زجله (شارع الحب 

راح أفضل اعيد وأعيد وبيقولوا في الإعادة إفادة
دى لحظة حب تضوى فؤادك أحسن من عمر تقضيه في العبادة
وبدال ماتفنى العمر تستغفر ذنوبك بالسبحة والسجادة
أفتح في شارع الأحقاد للحب مستشفى وعيادة
وعجبى ……

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع