الارشيدياكون اسكندر حنا
القمص. أثناسيوس فهمي جورج
١٣:
٠٤
م +02:00 EET
الأحد ٩ سبتمبر ٢٠١٨
(من رواد مدارس احد اسكندرية)
القمص اثناسيوس فهمي جورج
سُر الله ان يحفظ لنا سفر تذكرة عن بدايات اعمال الكنيسة الفتية ، التى نمت فى قوة واقدام ممجد لله كل حين ، هادمة لحصون ومعاقل الشر المحيط بالعالم . كنيسة كلمة ووعظ وتفسير وكرازة ، كنيسة شهادة واعتراف ومواظبة وظفر وامتداد .
من اجل هذا فى اليوبيل المئوى لمدارس الاحد ١٩١٨ - ٢٠١٨ م ، نذكر بالوفاء خدامها ، الذين كلمونا وتعبوا فى التآسيس ؛ لندخل نحن والاتين من بعدنا على تعبهم فى ميدان خدمة التربية الكنسية . اولئك الذين من بينهم الارشيدياكون اسكندر حنا أحد اعمدة التعليم فى القرن العشرين .. ولد فى ديسمبر سنة ١٨٨٠م وتعلم فى مدارس الاسكندرية حيث التحق فى مدرسة "مسيو فالو الفرنسية" ثم بالمدرسة المرقسية بالاسكندرية فى المرحلة الثانوية . وقد انار الله بصيرته وملأه بروحه القدوس فى وقت لم تكن فيه أى كتب مطبوعة لشرح وتفسير الكتاب المقدس ، فاجتهد فى توصيل الرسالة ، وهتف
بكل ثقة "هانذأ ياسيدى أرسلنى " ، عابراً لمعونة المؤمنين ؛ مشتركاً فى احتمال مشقات الجندى الصالح ، ومقدماً نقاوة ووقاراً واخلاصاً فى التعليم ، مستمسكاً بصورة الكلام الصحيح ، حافظاً للوديعة مفصلاً الكلمة بالاستقامة .
بكل ثقة "هانذأ ياسيدى أرسلنى " ، عابراً لمعونة المؤمنين ؛ مشتركاً فى احتمال مشقات الجندى الصالح ، ومقدماً نقاوة ووقاراً واخلاصاً فى التعليم ، مستمسكاً بصورة الكلام الصحيح ، حافظاً للوديعة مفصلاً الكلمة بالاستقامة .
اعتبره الناس نبى آخر من انبياء الكرازة فى جيله ، لانه لم يكن واعظاً فقط لكنه كان عظة ، مصلياً فى بداية عظاته بالتضرع لله ليجعل الكلمة خارجة من القلب الى القلوب . حيث استمعت اليه الالاف ... ووصفه المتنيح البابا شنودة الثالث "انه اشهر الوعاظ فى النصف الاول من القرن العشرين ، وانه اشهر واعظ فى جيله" ، كذلك ذكر غبطته "ان عظاته كانت تستغرق حوالى الساعتين دون تعب او ملل ، مقتاداً الناس الى التوبة ، لانه يعظ باسلوب عامى ، ويكثر من القصص والامثال "" . كذلك شهد ايضاً المتنيح البابا شنودة "بانه كان يقف شخصيا فى الشارع من كثرة الازدحام ليستمع الى وعظة؛ ثم اعتاد ان يشتري العظة مكتوبة اليوم التالي ؛ ( فى تانى يوم للعظة ) .
عرف بان تعليمه تعليم نعمة وعزاء وراحة وثمر ، لذلك قال عنه البابا مكاريوس الثالث "كلكم قد مدحتم اسكندر حنا واكرمتموه ولكن الاهم ان كل واحد منكم يتمثل باسكندر حنا" . كي نتعلم ان خادم الكلمة قدوة معاشة يتكلم باعماله ويعمل باقواله .
كتب الارشيدياكون كتاباً عنوانه ( ايضاحات الاخلاص عن طريق الخلاص ) ، وضع فيه شرح بسيط للموضوعات اللاهوتية والعقيدية . مدافعا عن الحق الانجيلي بالقول والعمل ..اهتم جدا ببدايات التعليم الوعظي الشعبي ؛ لجميع طبقات البالغين ؛ وهو ما تم تسميته " بالتعليم التكويني " ؛ فكان حي القلب في خدمته ؛ يتامل ويفسر واعظا وراويا ظمأ الشعب للمعرفة ؛ حريصا علي احتفاظ البيت القبطي بهويته ؛ وبالعبادة العائلية البيتية .
عاش بتولاً مكرساً وقدسا للرب مشعاً بالنور ؛ منارة وفنارة للروحانية الارثوذكسية ، وقدوة في عشرة الله التي جعلت جبال الهموم تذوب من قلبه ، واعطته لسان المتعلمين ؛ وجعلت المعوجات مستقيمة فى عينيه والعراقيب سهله ، خادما لكلمة الله وسط شقاء البشرية . لذلك انجز فى جيله وعلم وسلم الوديعة .
وما صار معه من صعوبات ومحاربات ووشايات ومعضلات وافتراءات ؛ اصبح غير ذات معنى ، لانها عبرت وانصبت فى الاساسات ؛ لياتي البناء راسخا على الصخر امتن من بناء الرمال ، فالمسيح الهنا هو كلمة صخرتنا ؛ و منه قد اخذ وعليه بنى ، حيث الرب بنى جيله وبنى عليه ، لتستمر الشعلة الى اجيال الداهرين .
ثبت الارشيدياكون اسكندر وجهه نحو الملك غير المنظور فصار وجهه كالصوان لا يخزى ولا يرتد ، وفى شوق جال الاسكندرية للوعظ والتفسير ودرس الكتاب ، وسط جيل يتطلع الى الاصلاح والنهوض لا بحكمة كلام وبرهان واقناع العقل ، بل بروح التقوى السرية والخبرة الارثوذكسية .
قام مبكرا وسباقا جدا ؛ بعمل دروس تفسير الكتاب المقدس منذ عام ١٩٢٢م بالكاتدرائية المرقسية بمحطة الرمل ش كنيسة الاقباط ، وذلك فى اواخر حياة البار البابا كيرلس الخامس البابا ال١١٢، وكان لخدمته تاثير بالغ فى نفوس السكندريين ، وسط اجواء خالية من التعليم تحفها عثرات وعراقيل .
اسس خدمة واسعة فى الجمعيات القبطية ، بدأها من جمعية النهضة الروحية فى حى محرم بك (٣ش الحافظ) حيث قدم استقالته من عمله فى فنارات الاسكندرية عام ١٩٤٨م وتفرغ لخدمة الكلمة والوعظ والتفسير ، كذلك اتجه للخدمة فى مناطق الاسكندرية المحيطة حيث كنيسة مارمرقس برشيد والقري المتاخمة للاسكندرية . ويذكر التاريخ ان القمص ميخائيل سعد ( راعي ومؤسس كنيسة العذراء بسموحة ) كان من مريديه ؛ ومن تلاميذه المقربين ؛ وهو من رواد خدمة بدايات القرن .
كما كان ايضا من المواظبين على حضور عظات الارشيدياكون اسكندر - سواء فى الكاتدرائية المرقسية بالاسكندرية او فى جمعية النهضة الروحية بمحرم بك - الشاب عازر يوسف عطا - ( البابا كيرلس السادس) ، وكان ايضا اسكندر حنا هو الذى قام بإقناع الاخ الاكبر حنا يوسف عطا برهبنه شقيقه عازر الذي صار الراهب مينا البراموسي المتوحد . كذلك تحفظ ذاكرة تاريخ مدارس الاحد بان الانبا مكاريوس مطران اسيوط قام باستدعاء الواعظ الشهير اسكندر حنا.. الذي زامن وزامل القديس حبيب جرجس لتثبيت الاقباط علي ايمانهم ؛ اثناء هجمة جمعية خلاص النفوس والارساليات علي مدينة اسيوط ؛ بدعوي الا طائفية .
سكن الارشيدياكون اسكندر فى فيلا خاصة بالاسكندرية ، كان يعيش وحده فيها ، حتى رحل الى المسكن الابدى فى ٣١ ديسمبر ١٩٤٤م ليفرح بمجد الملكوت . بعد ان انار مصابيح المعرفة والتنوير والنعم ؛ التي نفخر ونعتز بها ؛ لمئة ومئات سنة جديدة .