الصدام الروسي الإسرائيلي كاشف ومقلق2-2

توقفنا في المقال السابق عند السبب الأهم الذي جعل روسيا توجه اللوم وتقوم الخارجية الروسية باستدعاء السفير الإسرائيلي بموسكو، والسبب الأهم هو ما كشفت عنه التصريحات الروسية وهو أن إسرائيل لم تعلم موسكو بقيامها بمثل تلك الأعمال إلا قبلها بدقيقة، فلم يكن لدى موسكو الوقت لاتخاذ إجراءات الحيطة من جانبها ما يعني أن كل ما كانت تقوم به إسرائيل من عمليات سابقة كانت تحيط به موسكو علماً بوقت كاف لتحتاط موسكو لعسكريها، وربما

لعسكريو سوريا، وتأمين أهدافهم بل وتأمينالأهداف الإيرانية القابعة على الأراضي السورية والتي هي تحت مظلة الحماية الروسية، ويبدو أن ذلك هو ما دفع إسرائيل بألا تحيط روسيا علما إلا بوقت ضئيل، لم يكن في رأي إسرائيل كافي لتحذير السوريين والإيرانيين المستهدفين، كما لم يكن كافي في واقع الأمر كما بدى لتحتاط روسيا نفسها لعسكريها، فوقعت الواقعة التي وإن كشفت فهي تكشف عن تفاهم روسي إسرائيلي بشأن كل الهجمات السابقة لتي كنا نتابعها، وربما كان هذا هو مصير كل الهجمات الأمريكية الفرنسية وغيرها التي نفذت ضد سوريا بداعي تأديبها،لأنها بحسب اتهاماتهم استخدمت الكيماوي في حربها على الإرهاب، وفي هجماتها على المعارضة السورية خاصةً الهجمات الأخيرة، وربما حتى ما سبقها من هجمات كتلك التي وقعت على قاعدة الشعيرات في عام 2017،كما كشف سقوط الطائرة عن جزء صغير من حجم التواجد الروسي البحري في شرق المتوسط حتى أن أكثر من عشر سفن روسية شاركت وتشارك حتى كتابة تلك السطور في إنقاذ وانتشال حطام الطائرة وأشلاء القتلى، بل يكشف أيضاً عن أهمية منطقة شرق المتوسط للعالم كله، بدليل التواجد الفرنسي البحري في نفس منطقة سقوط الطائرة الذي كاد يؤدي لاتهامات روسية للفرنسيين. ناهيك صديقي القارئ، بالطبع عن حجم التواجد العالمي بسوريا وحدها وهذا يكفي لتوضيح كم هي مشتعلة تلك المنطقة وكم هي مهمة منطقة البحر المتوسط هذه.
 

نعزي روسيا في مصابها، ونرجو أن يكون انتقام الدب الروسي محدوداً من إسرائيل بشكل لا يستفز الإدارة الأمريكية المدافعة بجنون عن إسرائيل، فتقع الواقعة وإن كنت أراهن على التوافق البوتيني الترامبي لتلاشي آثار تلك الواقعة، وربما تخرج روسيا بمكاسب من إسرائيل تعويضا عن تلك الأفعال التي وصفتها روسيا بأنها أفعال غير مسؤولة، وأظن الوصف بكونها غير مسؤولة لا ينطبق على أفعال الطائرات الإسرائيلية وإطلاق نيرانها ولكن مقصود به أفعال تأخير الإعلام بالقيام بالطلعات الجوية ما نجم عنه ذلك الحديث الذي أظنه سيضع العالم على صفيح ساخن مدة ما.
 

المختصر المفيد المقلق بحق أن حياة البشر كلهم معلقة بأنامل زعماء، منهم من يتحلى بكثير من الحماقة والتهور والغرور.