رسالة تحية الى الصحافة المهاجرة
البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين
الاربعاء ٢٤ اكتوبر ٢٠١٨
(ربى هبنى محبة ’ فها أدرك حريتى وأعرف نفسى’ أنا ’ أن لا أحب ’ ’ ما نفع عقلى لخلاصى ’ وباطل كل باسى ) الشاعر يوسف الخال .
الأب الدكتور أثناسيوس حنين -اليونان
دكتوراة فى تاريخ مصر ’ جامعة ليموج – فرنسا
الأستاذ الصديق .........والأخوة شركاء فريق العمل والقراء الأذكياء
"لولا أن الله سبحانه وتعالى صنع لهؤلاء المحررين (الصحفيين) بتلك البساطة التى أودعا عقول السواد الأعظم من هذه الأمة لما وجدوا فى الناس من يسمع لهم قولا أو يعتمد لهم رأيا "مصطفى لطفى المنفلوطى .
يرى المفكر والصحفى الأمريكى جلبرت كيث كريستيرتون وهو تلميذ للمفكر سى أس لويس ’ أنه وبينما كان لويس بكتاباته الصحفية يدعو الناس الى التفكير الجاد وجدية التفكير ’ فانه هو شخصيا يحفز الناس على المرح والضحك من خلال فهم الأخبار . ويرى أ ن وظيفة الصحافة لابد وأن تكون اعلان لسعادة الناس وتجنب الاثارة بنشر اللا معقول واللا معتاد واللا مفهوم لخلق الانطباعات وأثارة الغرائز .لأنه أحيانا تخبرنا الصحافة وبشكل مثير وحزن ومأساوى وكابة كونية عن موت شخص ما ونحن نكاد نعرف بالكاد أنه قد عاش . حادثة صغيرة فى قرية أو نجع مصرى او عركة بين الجيران أو فشة خلق زوج فى بيته ! تصير بقدر قادر ماساة بحجم مأساة ضرب أبراج نيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر اوكارثة فى حجم سقوط الدولار فى الوول ستريت !
الأمر قد يختلف فى حالة الصحيفة المهاجرة’ وأنتم قد أخترتم الهجرة فى من أجل الوطن سبيلا ’ وأحيانا خروجا من الوطن ذليلا ! ’ أذ ان البعد عن أرض الوطن يزيد الحنين ويضخم الشوق ويزيد الخبر أثارة لكى ما يساهم فى علاج (الهوم سيكنيس) الذى يضج مخادع المهاجرين ويستفذ حب استطلاعهم ويجعل من الخبر صفقة ومن الحوار نزوة ومن التحقيق ويسترن أمريكى ومن الحادث البسيط مأساة ومن الجبنة القريشة والطعمية هامبرجر وبيتزة هوت !. لم يعد أحدنا ’ نحن المهمومون بالفهم ’ يشك فى أن الأجواء فى الغرب ’ وربما الشرق أيضا على درجات متباينة وظروف متغايرة ’ ثقافية أكانت أم سياسية أم دينية أم لاهوتية ’ قد أمسكت بتلابيبها الكثيرمن التشنج التقوى الدينى ’ واللاهوت المتصهين ’ والجفاف العقلى ’ والافلاس الوجدانى والعصبية القومية ! مما يجعل من الصحافة محلول علاج الجفاف الذى ضرب البشرية فى سذاجة وردة طفولتها الثقافية !. هذا ليس معناه أفلاس الحضارة الكونية ’ بل معناه أنها فى حالة مخاض لكى تلد من جديد رؤية ونهجا كما عودنا التاريخ . الصحافة ’ وخاصة (المهاجرة ) منها هى رؤية واطلالة ملكوتية فى ليل الناس الحالك الذين تأسرهم ’ فقط ’ منافع فى دنياهم . الصحفى هو الرأئى الذى يقف على مرصده ويستشرق الخبر لكى ما للناس وبالناس يفهم كل شئ ويصبر على كل شئ ويقرأ كل شئ ويوثق كل شئ ويرفق بكل شئ حتى يرده الله الى الرفيق الأعلى . الصحفى يستنطق الحجارة لكى تنطق بين يديه وكما لا يخرس البشر . الصحافة لا تحول صدماتها الى تصفية حسابات بل تضعها فى خلاط الحقيقة وتسكب عليها من دموع الحنين وملح الصدق وبهرات النقد الهادف لكى يرتوى القارئ . الصحافة ليست هى فياجرا هيجان الشعوب المكبوتة !
أعلم أن بعدكم عن أرض الوطن والامكم القديمة تجعل الخبر يتحول عند عبوره الاطلنطى حسب قول قداسة البابا تاؤضروس ’ كما أدرك أن منكم من خرج من مصر مجروحا ومصدوما من مسالك فى الوطن فيما كانت مصر تسحره بتاريخها وزحمتها ومخاضها ’ ربما بسبب من طراوة العود والتشدد فى الصدق ودوام الذهول أمام بلورية الحقيقة وطلب المثالية . أنتم لستم ملجأ أو بيت عجزة أو منتدى معوقين أو منبر حقوقى ’ أو جناح فى محكمة العدل الدولية ’ أنتم تصيرون للجميع كل شئ لكى تنيروا الجميع . أجعلوا كلماتكم سلاحا أمضى من كل سيف وخذوها من أعماق الكلمة الذى كان من البدء والذى كان يجول يصنع خيرا ويبشر بملكوت الفرح وان أمسك سوط النقد والاصلاح والتبكيت والتعنيف ’ فعن دراية ومعرفة وحنكة و الدموع فى عينيه تتسابق مع حدة الكلمة وترويها لتصير طرواة وبردا على قلوب قارئييها . لا تكونوا من حزب أولئك الذين ترعرعروا على الحقد لأنهم يأبون الا أن يتحكموا فى مصائر الناس لأن بر المحبة وقول الصدق يؤذيهم فيظنون أن أبادة الأبرار والفقراء تسكتهم وتريح ضمائرهم ة ولكن نور الكلمة ساطع وواعد وفاعل الى أن يجئ من يعلن سيادة الله على الناس . الثقافة هى بساطة والعلم نور والنقد هو صنعة والفكر هو نزفة والاصلاح هو نعمة والهجرة هى بركة ’ فسيروا فى بركة الكلمة وهو قادر أن يصنع منكم شهودا للحق ونسورا مهاجرة وسفراء لبلد عظيم يسعى للخروج من كبوته ولكم فى هذا السعى اليد الطولى والكلمة الاولى ولكن ليست الأخيرة .لا تصيروا الحرية التى تنعمون بها فرصة للجسد والحسد واللغط واللبط والشغت والشغب والمبالغات والتجارة !!! بل مطرحا للابداع والرؤية والانتاج والحركة والقرأة والتعمق فى كل شئ ما خلا الخطيئة وحدها . الصحفيون هم انبياء عصرهم العلمانيون ! .
تحياتى لكم ولفريق العمل وللقراء ممن يدينون بدين الحب أييا كانت ركائبهم . الصحفيون ’أخيرا وليس أخرا ’ هم أولئك الذين "ترى عيونهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق " (سورة المائدة 83 ) . ليست الاقامة فى الخارج كارت بلانش لادعاء الفهم فى كل شئ والهجوم على كل شخص والتجارة بالام الناس . المشكلة الكبرى فى الصحافة المهاجرة أنها ترتئى فوق ما ينبغى ! وكما لا تنسوا او تتناسوا انكم ’ يوما ما ’ عائدون الى ارض الوطن ومن الصحافة من عاد ليقدم الشهادة من الداخل وليس من الخارج والفارق كبير !لا تحطوا مراكب العودة لانه يشكل خطورة على شهادتكم ! نعم الصحافة هى دعوة استفاقة فى الزمان الردئ ’ كل زمان ردئ فى الخارج قبل الداخل . أعجبنى موقع (الاقباط المتحدون ) والذى وبعد رحيل مؤسسه المهندس عدلى ابادير قرر العودة الى مصر ليمارس دوره الرائد فى التنوير والنقد البناء والانتماء لكل المصريين وعلى رأسه المهندس عزت بولس وفريق العمل وهو مصرى سويسرى وقرر أن يعيش مع كل المصريين بلا تفريق . الصحفى العاقل يخدم أمال وأشواق وعواطف الأمة بتنميتها وتهذيبها وتحويل تيارها الى الخطة المثلى ’ أما الصحفى المنافق فانه يستخدم ذات العواطف والأمال والاشواق لنفسه وان افسدها على أصحابها ’ سواء فى الداخل أو فى الخارج .