الأقباط متحدون - كيرياليسون
  • ١٧:٤٨
  • السبت , ٣ نوفمبر ٢٠١٨
English version

كيرياليسون

مدحت بشاي

بشائيات

٣٧: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ٣ نوفمبر ٢٠١٨

 كيرياليسون
كيرياليسون
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
كلمة  " كيرياليسون " يرددها المسيحيون  فى كل الصلوات ،  ونسمع من يسير فى الشوارع يرددها طلبًا للسكينة والونسة والاطمئنان والغفران  .."كيرياليسون " هى كلمة من اللغة اليونانية تنقسم إلى قسمين كلمة "  كيريه أو كيروس" بمعنى " الرب أو يارب "وكلمة " أيليسون " ومعناها " إرحم أو أرحمنا "إذاً معناها مُجمعة " يارب أرحم أو أرحمنا يارب "فى كل صلواتهم يرددون " كيرياليسون " عدد 41 مرة  وعدد 41 مرة مجمعة يُمثلون عدد الجلدات بالسياط ال 39 التى أحتملها عنهم السيد المسيح فى رحلة الآلام يُضاف لها إكليل الشوك 
الذى وضع على رأسه وأخيراً الحربة التى طُعن بها فى جنبه الأيسربعد موته على خشبة الصليب

..إذاً كلمة    "كيرياليسون " كلمة إذا تم ترديدها من قبل المُصلي فهى تذكره بآلام السيد المسيح الـتى احتملها من أجله ومن أجل كل الخُطاة يكرهون الخطية ويرفضون العودة إليها من جديد .. 
وعليه ، فإن طلب الرحمة و" كيرياليسون " يتكرر ترديدها من قبل المُصلي المسيحي في أيام المحن والتجارب الصعبة كالتي نعيشها الآن  في زمن الانتقام الإخواني ومن لف لفهم  ..
 
عقب حاذث إرهابي مماثل طيب خاطري إلى حدما كمواطن مسيحي خروج الكنيسة بحديث مختلف وواقعي بإعلان أن المسيحي لن يظل مشروع شهادة .. ولديه ثقافة المشاركة في صناعة الحياة والتنعم بأرزاقها ونعمها الوفيرة  على لسان الأنبا روفائيل سكرتير عام المجمع المقدس أنئذ  وهو يصلي صلاة الجنازة على عدد هائل من الشهداء ضحايا إحدى جرائم شياطين زماننا عندما حدد خطابه في 3 رسائل :
رسالة إلى السماء :  نحن نؤمن بعدالة السماء وحكمة الخالق العظيم.
رسالة إلى مصرنا : ليس بسفك الدماء تنمو البلاد و لن نترك بلادنا .
رسالة إلى الأقباط : لن نترك إيماننا المسيحي ، و أيضاً لن نتخلى عن قيمنا وأخلاقياتنا في حب الآخر والعمل المشترك من أجل وطن واحد للجميع..
 
وعن الشهادة ومفهومها وقيمها ومعناها في المسيحية ، يقول لنا الآباء في الكنيسة المصرية أن الاستشهاد في اللغة العربية بمعنى قُتل في سبيل الله ، هذا هو المعنى الاصطلاحي لكن المعنى الاشتقاقي لكلمة الاستشهاد منشق من الشهادة ، فاستشهد بمعنى سئل للشهادة ، أو طُلب للشهادة ، والشهادة هي للإيمان الذي يدين به الإنسان ويزود عنه ، هناك بعض الناس يقرؤها إِستشهد لكنها أُستشهد ، أُستشهد فلان أي طُلب للشهادة ، فشهد للإيمان الذي يؤمن به ..
 
وشهداؤنا سئلوا عن إيمانهم فجهروا به ، وأعلنوه في قوة وفي جرأة ، وكانت شهادتهم بمثابة كرازة للجميع. 
 
معنى الشهادة إذن أن يشهد المسيحي للحق الذي يؤمن به ويدعو الآخرين إلى أن يؤمنون ، وعليه كان الصليب على اليد ، وهي معروفة عند الأقباط الدق بالإبرة وبنوع من الخضرة ليبقى في اليد ولا يُمحى ، لكن كان أساسه في عصور الاستشهاد من حب المسيحيين للاستشهاد ، ولخوف الآباء والأمهات على أطفالهم الصغار غير القادرين على الكلام ، فلو قُتل الأب والأم من أجل المسيح ، تكون علامة الصليب على يد الطفل تنطق بأنه مسيحي لكي يضمنوا لهم الأبدية ..
 
والاستشهاد أيضاً معناه وفاء بالمعروف لأن إنكار المسيح خيانة ـ والاعتراف به وفاء بحبه وتقدير لحبه وتكريم لدينه ، وتذكيراً لمقولة السيد المسيح " من اعترف بي أمام الناس اعترف به أيضاً أمام ملائكة الله ...
 
وقد يقول قائل ساخراً في توقيت لا يُقبل فيه الهزل بالطبع ، أنه إذا كانت الشهادة على هذا النحو سبيلاً لدخول الشهيد ملكوت السموات ، وفي المقابل يرى قاتله أن في قتله السبيل إلى الجنة ، فقد ضمنا نهاية أبدية ما أسعدها ممهورة بخاتم سماوي من خلال وجهتي نظرهما ، فماذا نحن فاعلون لوقف سفك الدماء والسير في اتجاه دعم الإيمان المشترك بقيم أخرى تنادي بها الأديان  للوصول إلى عتبات الملكوت وأبواب الجنة بغير حلول القتل والاستشهاد ؟!! 
 لابد من البحث عن علاج جذري للخلل الحادث منذ أكثر من نصف قرن، في العلاقة بين أقباط ومسلمي الوطن الواحد، وبين الأقباط ودولتهم؟.. فالعلاج المخلص والعلمي لمستحيلاتنا الوطنية أمر غير متوقع طالما نكرر نفس ردود الأفعال برتابة غريبة  تعتمد على إخماد مظاهرها الصاخبة أو الظاهرة بمنهج إطفاء الحرائق، والتوقف عند هذا الحد، دون البحث في كيفية منع تكرارها، ولو بعد بضع أيام أو أسابيع.. فالحلول الجذرية تتطلب جهوداً وعزيمة، فهل بحق لدينا رغبة على دفع تكلفتها.. هكذا نجد مسلسلات مشاكلنا تكرر نفسها بنفسها، لنعيد نحن المهمومين بمصير وطننا تكرار تحذيراتنا وتحليلاتنا، كمن "يؤذن في مالطة"، وهو الأمر الذي لا نملك سواه، بقدر ما لا نملك الصمت وانتظار المصير، حتى لو صدق علينا بحق قول القائل: "لقد أسمعت لو ناديت حياً  *  ولكن لا حياة لمن تنادي"!!
 
لا نقول أن الحلول الجذرية سهلة وميسورة، ولا تقتضي كما يتصور البعض إلا إصدار بضع قرارات وزارية أو حتى جمهورية، لكي يستقيم الأمر ونشهد وطناً واحداً مستقراً لجميع أبناءه.. 
نعم هناك علاج عاجل وموضعي لمشكلة " المواطنة "  في مصر يمكن ويلزم الإقدام عليه فوراً، وأغلبه متضمن في تقرير لجنة مجلس الشعب برئاسة د. جمال العطيفي عام 1972، والذي قام به بعد ما سمي بالفتنة الطائفية  ، والذي دخل الأدراج ولم يعد من يومها، لكن العلاج الشامل للقضية مرتبط بقضية الإصلاح ( التغيير) لأحوال الوطن ككل، إذ يحتاج لأن تتحول مصر شعباً ودولة إلى كيان حديث، وتودع عصورها الوسطى، لتدخل عالم الألفية الثالثة بقيمه ومفاهيمه..
 
يارب ارحمنا " كيرياليسون ".