الرئيس وقانون الجمعيات الأهلية
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٩ نوفمبر ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
وافق الرئيس السيسي على تعديل قانون الجمعيات الأهلية، الموافقة على التعديل تؤكد أن القانون الحالي به عوار كبير تسبب في تجميد العمل الأهلي والتنموي على الصعيدين المحلى والدولي في مصر لما يقرب من عامين، وهو ما حذر الكثيرون منه أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، ولكن لم يستمع أحد كالعادة، لن أبكي كثيراً على الوقت المهدر واللبن المسكوب وسمعتنا الدولية التي كانت على المحك، وكانت تحت سمع وبصر الكثيرون من المعارضين لمصر والأعداء لها، والذين استغلوا ذلك العوار الذي أصر عليه من سن القانون، وسألتفت الآن إلى ما هو أهم، وهو التعلم من أخطاء الماضي، وعدم ترك تعديل القانون لمجموعة من الهواه والغير متخصصين والذين يعتبرون المجتمع المدني هو العدو الأول للدولة المصرية، وان المشاركة في تقييد عمله مشاركة في عمل وطني عظيم، ولذا أؤكد على أهمية عمل حوار مجتمعي تحت اشراف وزاره التضامن الاجتماعي والاتحاد العام للجمعيات الأهلية لكي يخرج القانون بشكل متوازن يساعد على تشجيع العمل الأهلي والتنموي التطوعي في مصر، ويحقق أهداف التنمية المستدامة.
صحيح أن مسألة الحوار المجتمعي والنقاش الجاد الغير موجه من أي جهة ما أمر هام لا شك في هذا، ومطالبتي به أمر لا أتراجع عنه، لألا تحدث مثل تلك الاستثناءات المقيتة التي استثنينها في خلال العامين الماضيين لإرضاء بلداً مثل ألمانيا أو أمريكا، لكن المهم أيضاً أن يحاسب كل من تكفلوا بالإساءة لسمعة مصر الدولية في هذا المجال، وبوضوح أنا أرى أنه على رئيس لجنة التضامن بالبرلمان الذي تقدم بمشروع القانون وهيئة مكتب اللجنة المشتركة معه بالاستقالة نظراً لما تسببوا فيه من الإساءة للمؤسسة التشريعية والخسائر الأدبية والمعنوية والمادية التي ترتبت على خروج القانون بهذا الشكل، فلم تكن حتى الحكومة على علم به، ولم تشارك في مناقشته، وتم تجاهل ملاحظات المتخصصين وتحذيراتهم، بل وتجاهل مشروع تعبت فيه الوزيرة حينها، وأدارت نقاشات طويلة ومعقدة مع المختصين والعاملين بهذا المجال الحساس، وتصدير صورة سلبية للرأي العام عمن أبدوا اعتراضهم على القانون، وعلى الطريقة التي تم تمريره بها، وقد شهدت جلسة البرلمان التي تم الموافقة فيها على القانون بهذا الشكل قصائد مدح مطولة من رئيس مجلس النواب وآخرين لإنجاز ما اعتبروه عظيماً، وفى الواقع هو قانون بعيد كل البعد عن تشجيع ودعم المجتمع المدني، وبه معوقات كثيرة تحول دون تطبيقه، والنتيجة أنه ظل حبيس الأدراج طوال هذه المدة، فلم يستفد أحد بالقانون ولا حتى من وضعوه لتقييد عمل أهلي مؤثر في صحوة ونهضة الأوطان، لذا ارى ضرورة أن يكون الحساب عسيراً والجزاء مؤثراً لمن تقدموا بالقانون، ولمن دعموهم، ولمن ساندوهم، ولمن مرروا لهم القانون بهذه الحالة المؤسفة لكي يمرروه، وأتمنى أن يحاسب الجميع حتى من تلوا قصائد المدح إرضاء للجهة المتسببة في هذا القانون المسيء لمصر ولمجلس النواب، ولكل من ساهم في تسطيره وكتابته وليس تشريعه وإصداره.
أخيراً، تحية للرئيس الذي وإن تأخر في التعامل معه إلا أنه كان أفضل ممن عاندوا وكابروا، لم يعبءوا بالخسائر التي تجرعتها مصر أدبياً وسياسياً وقانونياً واجتماعياً.
المختصر المفيد كفاكم فتي، والخوض فيما لا تعلمون، والتطبيل والمدح حتى ولو كان على حساب ضمائركم، إن كان لديكم ضمير.