الأقباط متحدون - الكنيسة فى فكر قداسة البابا تواضروس الثانى
  • ٠٣:٤٧
  • الأحد , ١١ نوفمبر ٢٠١٨
English version

الكنيسة فى فكر قداسة البابا تواضروس الثانى

د. عايدة نصيف

مساحة رأي

٥٣: ٠٩ ص +02:00 EET

الأحد ١١ نوفمبر ٢٠١٨

البابا تواضروس الثانى
البابا تواضروس الثانى
بقلم - د. عايدة نصيف
إن مفهوم الكنيسة لا ينحصر فى التعريفات أو الصياغات وإنما الكنيسة هى حياة إيمانية مُعاشة وهذا المعنى قد قدمه فكر الرسل والآباء الأولين وعلى مدار التاريخ نجد صياغات ومفاهيم تحمل أن الكنيسة هى السماء الثانية على الأرض.
 
وبالنظر إلى مفهوم الكنيسة فى فكر قداسة البابا تواضروس نجده مفهوم ينبثق من الكتاب المقدس ومن تعاليم الرسل والأصول الآبائية والتقليد، ولكنه يقدم الكنيسة عن طريق التاريخ؛ أي تاريخ الكنيسة بصورة مرتبة ومبسطة ذات بُعد إيماني، وفى كتابه ثلاثيات يقول " يا للعجب تاريخ كنيستنا فى ثلاثة كلمات فقط : الشهادة والنسك والتعليم. فالذى يقرأ ويعرف التاريخ تظهر أمامه ثلاثة ملامح رئيسية تميز كنيستنا فى كل زمن وفى كل جيل " 
 
وقبل أن اعرض الملامح الرئيسية للكنيسة فى فكر قداسة البابا نجد فى سياق النص السابق عدة مفاهيم لابد التوقف عندها كمفهوم "التاريخ " و"البعد الإيمانى" ومفهوم "الشهادة" " ومفهوم "النسك" ومفهوم "التعليم"؛ فالتاريخ هنا فى ذهن قداسة البابا كما أرى هو تاريخ يجسد حياة الإيمان فى اطار الشهادة والنسك والتعليم، فالتاريخ دائمًا يجسد الكيان المؤثر بصورة واقعية كما جسدت الكنيسة من أول الرسل إلى الآن، وفى سياق ذلك نجد قداسة البابا يربط التاريخ بالإيمان من خلال الشهادة والنسك والتعليم. 
 
ويتحدث عن الملامح الرئيسية للكنيسة أنها كنيسة قدمت شهداء وقدمت نساك وقدمت أيضًا معلمين فى اطار المجامع مثل المجامع المكانية، والمجامع الاقليمية، والمجامع المسكونية.
 
واتوقف هنا عزيزى القارئ عند الكنيسة التى قدمت الشهداء كما يعرضها قداسة البابا تواضروس الثانى في كتابه ثلاثيات إذ يقول "عصور الشهداء لم تنقطع من تاريخ الكنيسة وقد بدأ تقويمنا القبطى منذ اعتلاء دقلديانوس الطاغية عرش الإمبراطورية عام 284 ونسميه تقويم الشهداء ونوعيات الشهداء عديدة وغزيرة فى كنيستنا ومن كل فئات الشعب والاكليروس" هنا يؤكد البابا تواضروس على أهمية مفهوم الشهادة الذى يمثل محور هام وحيوى فى الكنيسة مرتبط بالتاريخ ومرتبط بالتقويم القبطي، بل يضيف أيضًا على ذلك أن الكنسية قد قدمت نساك وهى كنيسة نسك إذ يقول : " فهى التى أهدت الرهبنة لكل العالم المسيحي وعلى أرضها بدأ الآباء العظام تأسيس الحياة الرهبانية والنسكية بكل أشكالها بدءًا من الأنبا بولا أول السواح والأنبا انطونيوس، أب الرهبان، والأنبا باخوميوس أب الشركة، والأنبا مقاريوس أب الاسقيط (برية وادى النطرون) وغيرهم ...وها هى كنيستنا عامرة بالرهبنة والأديرة فى كل ربوع مصر وأيضًا خارج مصر " 
 
وفى سياق النص السابق يُأصل قداسة البابا تواضروس الثانى لمفهوم الرهبنة من خلال كنيستنا لتنتشر إلى العالم المسيحي بأجمعه ويأصّل أيضًا لمفهوم النسك المرتبط بالكنيسة الأرثوذكسية ويشير إلى مفهوم الشركة فى الرهبنة .
 
ويؤكد قداسة البابا أيضًا على أن الكنيسة المصرية قد قدمت معلمين ، ومن ثم فهى كنيسة تعاليم يقول في كتابه الحياة ثلاثيات : "قدمت كنيستنا على مر العصور معلمين ساهموا فى شرح وصياغة الإيمان المسيحي والدفاع عنه وحفظه فى صورته النقية كما أن مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بكل معلميها كان لها دور بارز ومجيد فى تعليم الإيمان وشرحه وتفسيره، ومن العجب أننا نرى معلمى الإسكندرية هم أبطال ونجوم كل المجامع الكنسية التى عقدت فى بدايات المسيحية "
 
فالعلاقة وثيقة بين الكنيسة المصرية وبين شرح وصياغة الإيمان المسيحي من خلال مدرسة الإسكندرية اللاهوتية كما يشير قداسة البابا تواضروس، وأن دل ذلك إنما يدل على أن الكنيسة المصرية الوطنية هى التى قدمت ونشرت الإيمان بل ودافعت عنه 
 
ها هى الكنيسة عبر التاريخ الحية دائما بدماء شهدائها ، واتعجب من الاصوات التى تجهل ذلك اما ان تكون هذه الاصوات جاهلة بتاريخ الكنيسة وهذه مصيبة كبرى واما ان تكون اصوات مأجورة للنيل من وحدة الكنيسة وبالتالى النيل من جزء من وحدة الوطن وتلك مصيبة أعظم فلتصمت تلك الاصوات التى لا تعرف مفهوم الكنيسة ولا تدرك مفهوم الوطن ، فالقافلة تسير .....