الأقباط متحدون - ساندويتش الجبنة الرومي بالمربة
  • ١٠:٢٠
  • الثلاثاء , ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨
English version

ساندويتش الجبنة الرومي بالمربة

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٠١: ٠٤ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. مينا ملاك عازر
صديقي الذي لا أعرفه، ولا أستطيع فهمه، صديقي بيعمل كل حاجة والعكس، تخيلوا ممكن ياكل ساندويتش جبنة رومي بالمربة عادي خالص، ممكن أجده في غبطة لا حدود لها والشباب حوله يسألونه، وما أن يسمع بوفاة أحدهم إلا ويقيم فرح سبع ليالي، يهتم بالبيئة لأبعد الحدود، فلا تجده يلقي ورقة بالشارع، ولكنه يحب أن يجلس تحت شرفة بيته مساءاً، ويشعل أكوام من الفحم، وذلك ليس للتدفئة فهو يعمل هكذا صيف شتاء، وعند سؤاله عن مسألة الفحم، قال إنها محطة صغيرة لإنتاج الطاقة الكهربائية، برغم هذا لا أرى سلوك ولا كابلات لنقل تلك الطاقة.

يعقد صديقي مؤتمرات في الشارع يشرح فيها أهمية البيئة، بينما هو من أهم ملوثيها بروائح كريهة تنبعث من شقته، وعندما سألته قال لي وهو يهمس، إنها المحطة الجديدة لإنتاج الطاقة النووية لتوفير الكهرباء، فأنا من مؤيدي إنتاج الكهرباء من الذرة، قالها وهو يبتعد بوجهه عني، ويلوح بيديه الاثنين في وجهي، مهدداً إياي لو اعترضت، وذكرته بخطورة هذا ليس فقط على البيئة التي يدعي حفاظه عليها بل أيضاً على الكائنات الحية في البلد فصمت.

 وأراه يصرخ في أبناءه حين يطلبون منه مصاريف المدرسة، ومصروف أكلهم وشربهم أثناء اليوم الدراسي أو حتى وجبة غذاء جيدة ومحترمة تلائم إنسانيتهم، بينما هو يشتري الأراضي ويبني عليها ناطحات سحاب، ينطح بها فقر بنيه وحاجتهم، متلذذا بقهرهم حتى أنه حينما قرر أن يعطيهم مصروف، اقتطع منه جزء، لكنه اعتاد السلف من الناس الذي يرفض تدخلهم في شئون منزله الداخلية.

صديقي قرر أخيراً أن يدعم فقراء الأحياء المجاورة، فصرخ أهل بيته إللي يعوزه البيت يحرم على الجامع، فقال لهم جامع، طب سأبني كنيسة في الأرض اللي اشترتها لبناء مجموعة أبراج سكنية، فلطمت زوجته، لأنها تعرف أنه يجلس كل مساء قبل ما يشعل محرقة الفحم إياها مع مجموعة السلفيين الذين اعتادوا أن يحتجوا على بناء الكنائس ويحرقونها، ويخرج من بينهم المختلين عقلياً، والمهتزين نفسياً، بحسب دفاعه هو نفسه عنهم بعد الإمساك بهم، وهم يقتحمون الكنائس متهمين مرتاديها بالكفر ومعتدين عليهم.

المبهر في صديقي هذا ليس كل ما سبق فحسب لكنه طالما يؤرقني بنصائح مكررة بألا أزيد على ولدي الوحيد أخ له أو أخت، ويذكرني بضرورة اقتفاء التجربة الصينية وأن هذا عبء على البلد التي لا تستطع توفير الحياة الكريمة لهذا العدد الكبير من البشر، يقول نصائحه هذه ويسديها بينما هو يحمل على كتفيه طفلين ويجر وراءه اثنين أو ثلاثة آخرين ناهيك عن من يمشوا لجواره من صلبه مستقلين بذاتهم وأن لا حاجة للإمساك به، ناهيك عن من هم في البيت، يبقى نفسي أسأله ولا مؤاخذة حضرتك مش بتطبق على نفسك التجربة الصينية دي ليه؟ ولا حتى طبقها على أبنائك، لكن لكوني أعرف أنه بيحب الجنبة الرومي والمربة مع بعض، وكل حاجة وعكسها فباسكت وأقول ربنا يهدي.

المختصر المفيد كل حاجة وعكسها في ساندويتش واحد، يا صاحبي... يا أنا اللي مش فاااااااهم.