استقبال الضيوف
د. مينا ملاك عازر
٠٧:
١١
ص +02:00 EET
الجمعة ٣٠ نوفمبر ٢٠١٨
كتب : د. مينا ملاك عازر
حين يسافر الرئيس السيسي لأمريكا لحضور جلسات الأمم المتحدة، تحتشد الحشود لاستقباله، وهي حشود من المصريين لاستقبال رئيسهم، للاحتفاء به، تختلف معها أو لا تختلف فهذا ليس موضوعي الآن، حتى لو كنت تختلف مع من يحشدهم أو تتفق فهذا أمر لا يعنيني، في هذا العصر ولا في هذا الدهر، ولذا فأنا أحيل سيادتك لمسألة أن السفارات والجهات المؤثرة في دولة ما تحشد مواطنيها لاستقبال رؤساءها، أمر لعله في بعض الأحيان يكون مقبول وليس مجمع على قبوله في كل الأحوال.
أما وأن تحشد جهة ما مواطني دولتها لاستقبال ضيف فهذا أمر مزعج لي، ويذكرني والتذكير هنا من باب التفاؤل والأمل، بأن ما جرى قديماً للضيف المحشود لأجله يحشد للضيف الذي حشد له مؤخراً، أقول يذكرني هذا بما فعله الرئيس السادات لنيكسون حين جاء مصر في يونيو من عام 1974، واصطفت الجماهير بالقاهرة وعلى طول شريط السكة الحديد من القاهرة للإسكندرية للاحتفاء به، ويقول العظيم أشرف غربال في مذكراته أنه لمح في عيني نيكسون أنه كان يتمنى أن تلك الحشود لو كانت من الأمريكيين في بلاده، حيث كان نيكسون يعاني من سكرات الموت وما قبل الموت السياسي، إذ كانت أصداء فضيحة ووتر جيت تحاصره إلى أن قضت عليه وأجبرته على الاستقالة بعد هذه الزيارة بشهر ونصف تقريباً، احتفى السادات بنيكسون بحشود شعبية، واحتفى الأمريكيين بالقانون بتنفيذه وأجبروه على الاستقالة قبل أن يجد نفسه مضطر لأن يغادر البيت الأبيض مُقالاً.
وهكذا كتب على المصريين أن يحتشدوا لاستقبال المهددين في نظر القانون، ونظر المحيطين بهم حتى في بلادهم، وكأن من خرجوا في تونس لمواجهة زيارة بن سلمان رافضين تعاملاته، عارفين بأن مثل تلك الزيارة ليس من ورائها إلا درء الشبوهات التي تحيطه وتلحق به أينما ذهب، حتى أن المحاميين التونسيين رفعوا قضايا تحاول منع دخوله البلاد، والصحفيين عارضوا أيضاً، إلا في مصر، احتشدوا ليحيوه، ورفعوا أعلام السعودية لثاني مرة، معيدين للأذهان ما فعلته الشرطة المصرية في أعقاب توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، حين كانت تمرر الشرطة رافعي أعلام السعودية وتقبض على الرافضين للاتفاقية بحجة معتادة طبعاً وهي التظاهر دون ترخيص، ولو سألت أي شرطي نزيه عن ترخيص مظاهرات تأييد ترسيم الحدود أو حتى مظاهرات تأييد بن سلمان أثناء زيارته لمصر، لن تجد إجابة إلا تنكيس الرأس، لأنه يعرف أنهم يكيلون بمكيالين، مكيال يرضي الدولة والآخر لا يرضي ضميره الحي النزيه.
آخر القول في هذا المقال، بل في هذا الشهر، لم تخرج مظاهرات ولن تخرج مظاهرات تأييد لبن سلمان في أي دولة من الدول التي زارها أو سيزورها إلى أن يصل للأرجنتين حيث قمة العشرين إلا في مصر، وإن خرجت ستكون فقط لمعارضته، وتذكيره بجريمته سواء في حق خاشقجي -الذي بالمناسبة لا أؤيده في آراءه لأنه يكفيه مهاجمته مصر وتأييده للإخوان- أو بجريمته في حق أطفال اليمن وسوريا والشيعة في بلاده والأمراء بني جده الأكبر الذين اعتقلهم وساومهم مكرهين على أموالهم.
المختصر المفيد كفاكم رخص.
الكلمات المتعلقة