الأقباط متحدون - مصر السيسى بخير
  • ٠٢:٣٥
  • الأحد , ٢ ديسمبر ٢٠١٨
English version

مصر السيسى بخير

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٣٥: ١١ ص +02:00 EET

الأحد ٢ ديسمبر ٢٠١٨

الرئيس عبدالفتاح السيسي
الرئيس عبدالفتاح السيسي

الأب الدكتور أثناسيوس حنين

"حد يقولى كام فى المائة من المصريين لم يكذب فى حياته ؟ ...هذا الكلام لكل المصريين ! مسيحيون ومسلمون بالطبع ! للمرة الثالثة والرابعة أقول أن سلوكياتنا بعيدة عن صحيح الدين فى الصدق والامانة ..والله باشوف العجب من الناس فى ادراة الدولة " من خطاب الريس السيسى  فى المولد النبوى
 
عدت من برية شيهيت متهللا بالروح وبالجسد أيضا وعرجت على شقتى المتواضعة بمصر الجديدة ولهذه العشة قصة جديرة بالذكرى اذا قام بالاتفاق على شرائها د. نصحى عبد الشهيد وذلك لكى ما تكون بجوار مركز الدراسات وكنا نرسل له من أعوازنا لتسديد ثمنها  ! كان نصحى يعقد علينا ’ نحن اوائل المبعوثين  ’ الأمال الكبار ولو حدث وتحققت احلامه ولم يتم اجهاض مشروعه ’ فى مهده ’ لصار  الاقباط هم الرواد فى مسيرة  الاصلاح الدينى واللاهوتى والثقافى والذى لا يمل  الرئيس السيسى من التبشير به  والدعوة اليه  ! والتقيت بعض الجيران ودار حوار فى الاوضاع وهنا قامت الجارة  الغنية باستعراض معلوماتها السياسية وعزفت لحن حزاينى كبير وهى تقارن بين عصر مبارك الحلو وعصر السيسى الزفت ! فهمت أن هذا الشعب قصير النظر  يهمه من يملاء بطنه بالخبز وتانك عربيته بالبنزين بغض النظر عن سياسات الحكم وخطط الاصلاح طويلة المدى ومصير الفقراء الذين أكل الجهل والفقر والمرض أكبادهم وعقولهم وأمالهم ولا تنتظرهم الياختات فى الشرم ولا الحسناوات فى الجونة ولا الطيارات الخاصة المستعدة للاقلاع عند أى طارئ! تكفى نظرة على سطح العمارة لنفهم نفسية أغنياء مصر الجدد الذين لا يقرأأون من الصحف غير صفحة الوفيات وأخبار البورصة ويحركون الدنيا بالريموت كنترول  أو هكذا يظنون  ! ونحن نعرف من التاريخ  أن الشعوب التى لا يهمها سوى بطونها ولا تنظر الا تحت أقدامها ’ على استعداد ’ دوما ’ أن تقيم ملكا كل من يشبعهم خبزا ’ وما أن تأتى ساعة التضحية والنسك والعفة والاصلاح والخلاص والتغيير والقرارات المصيرية حتى يتركونه وحيدا بل  ويتأمرون  عليه صارخون بأن  (أصلبه أصلبه !).
 
الحياة السياسية ’ عند الفاهمون ’ هى التلاقى بين الحرية والنظام والعلاقة بينهما دقيقة ’ بالغة فى الدقة فالفوضى كامنة بذرة فى الحرية وطبائع الاستبداد كامنة فى النظام والحكم يغريه التشدد  و ينفث فيه الاسترخاء ’ ونعرف أن السلطة المطلقة ’ تفسد بشكل مطلق ! كم وكم أذا مورست باسم الله ! .والمواطن يطلب الشدة لأنها تحميه ولكنه يبتغى الحرية لأنها وأياه بها يخلق الأخرين وينشئ تاريخ البلد. السياسة ’ لاهوتيا ’ هى تفعيل للابداع الروحى والعقلى ’ فى نسيج التاريخ ’ تاريخ الناس هنا والأن . والويل للحاكم الذى يتركه الفهماء ويتخلى عنه الأذكياء ويعاديه النشطاء  ويسرقه ويكذب عليه الأغنياء  ويبقى عنده فقط الأغبياء والكسالى والمتسولون والمتذلفون وضاربى البخت والودع وكذابين الزفة ! 
 
يذكر أبناء جيلى أننا قد اعتدنا  على تكوين علاقة منفعجية ومعدوية وسطحية   بالرئيس وما مسرحية الزعيم للفنان عادل امام  الا تجسيد مأساوى ساخر لواقع علاقة المصريين برئيسهم ! ’ انتمى الى جيل عبد الناصر ’  أذكر من حكمه  أنه قد قام مشكورا ’ بتمكينى ’ وغيرى من الفقراء ’ من التعليم مجانا ’ وأنار الطرقات حتى نستطيع ان نذاكر دروسنا فى الحدائق العامة ’ وحنما غزت أجسامنا البلهارسيا ’ قام بتطعيمنا اجباريا فى المدارس ولم أفهم انجازاته الأخرى الا متأخرا ! .وجاء الرئيس السادات و نتذكر من عصره  حرب اكتوبر 1973 وزيارته اسرائيل ونهايته المأساوية ’ وجاء مبارك فلا نذكر من ايامه سوى الفساد وتكريس التوريث وثورة الجياع ! والمرة اليتيمة التى تم فيها انتخاب رئيس !!!’ جائنا يحمل  أجندة اسلام الجزيرة العربية فى أيام تخلفها ! لقد ظن الذين أتوا بمحمد مرسى الى الحكم أنهم يقودون فتحا بدويا جديدا لمصر على ظهور الابل العقلية والدواب النفسية والرماح الحقودة والطائفية ومارسوا أسواء الوان الناسخ والمنسوخ مع شخصية وحضارة مصر وسكان مصر وقد سمعت فى قرى ونجوع مصر ما هو أسواء من الغزو العربى البدوى لمصر قديما . وهنا لم نملك الا تحية المبادرة الذكية للجنرال السيسى ورجاله من ابطال مصر الذى انقذ البلاد وخلص العباد ’ و جاء اليوم الذى نعيش فيه رئيسا يهتم بالبنية الاساسية للبلاد ويضع نصب عينيه اصلاح صحة العباد   الجسدية (مائة مليون صحة !) ولا يفهم هذه المبادرة من ولد وملعقة ذهبية فى فمه ! ولم تنهش الفيروسات كبده ويسقط السكر اسنانه وتفتك الامراض بوجوده ويفتك البرد بعظامه ! واصلاح الخطاب الدينى وخلاصه من الخطابية الغوغائية التى تخاطب الاوجاع وتحبس الناس فى الماضى ولا تنقى النوايا  ولا تنير المستقبل واصلاح الطرق والمشروعات الكبرى والتى حولت الجيش الى ابطال مدنيون فى التعمير والعمل الجاد اضف الى ذلك اصلاح مكانة مصر الدولية وقد رأيناه أخيرا يدخل فى تحالف سياسى وعسكرى مع قبرص واليونان المسيحيتان ا للحفاظ على ثروات الغاز الطبيعى امام مطامع تركيا العثمانية والاسلامية وقد شاهدنا اليوم حاملة الطائرات المصرية تجوب بحر ايجة وسط فرحة اليونانيين والقبارصة  !وهو  هنا قد وضع أصبعه على بيت الداء فالصحة المتدهورة والدين المغلوط والعنترية السياسية وسيطرة رجال الدين ’ كل دين ’ على عقول الناس ’ أضف الى هذا كله الفساد الضارب اطنابه فى نخاشيش البلاد وجيوب الكبار هما أكثر الأوبئة التى أصابت جسم مصر فى السنين الأخيرة  . لم نسمع رئيس يقول "أن بناء الانسان وتنوير العقول هو المحور الاساسى لتنمية المجتمعات " . كما لم نسمع رئيس يقول (نحن مع الذى يعبد والذى لا يعبد) وكما لم نسمع رئيسا ينادى علانية بضرورة اصلاح الخطاب الدينى كمدخل لاصلاح كل شئ فى المحروسة ! لا يقدر ينكر الا جاحد أن البلد بيتغير وبشكل واضح ’ فقط يجب أن يفهم المصريون أنه ليس بالخبز وحده تحيا البلاد ’ بل بالعمل الجاد والتوبة العقلية والثقافة والحوار الراقى والنقد البناء وليس الردح البطال والتذمر ! وهنا يجب على  المسيحيون المصريون  أن يتبنوا أنفسهم وبعلوا فى ثقافتهم ويكونوا روادا فى اصلاح وتطوير الخطاب اللاهوتى فى مصريته وهم يملكون اكثر من غيرهم الياته اللاهوتية والتاريخية واطلالاته الواقعية وحذوره اللوغوسية وكما عليهم أن يمتلكوا ناصية الثقافة المصرية  قديمة الأيام وينضجوا فى القراءة السياسية كأصحاب حلول وليس كمتوسلون عطف  وأن  يتخلصوا من عقد الأقلية وعبادة الحوائط والبكاء والنواح أمام حوائط مبكى الأمم’ والا سيعرض عنهم التاريخ  وهو لا يرحم  ! لم يكن يوما مجد الكنيسة المصرية فى الحوائط والمهرجانات والموالد بل فى قاعات الدروس والاكاديميات وقلالى الرهبان وفى نسك عقول العلماء وحذق اللاهوتيين الاسكندرانيين  ’ ولينتهزوا فرصة هذا العهد الجديد لئلا تأتى الأيام ’ وتاريخهم  حافل بها ’ برئيس أو أمير أو خفير يعيدهم الى تحت المكيال ! بعد أن وضعهم السيسى ’ مشكورا ’ على منارة البلاد .