الأقباط متحدون | من حكم الديكتاتور إلى حكم الشارع!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:٢٩ | الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١١ | ١٦ مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٩٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

من حكم الديكتاتور إلى حكم الشارع!

الاثنين ٢٢ اغسطس ٢٠١١ - ٠٥: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاي- لوس أنجلوس
على مدى ثلاثين عامًا كان يجلس على كرسى الرئاسة في مصر حاكم ديكتاتوري بكل المقاييس. فمنذ أن استلم الحكم وهو يحكم مصر بقانون الطوارئ الذي أعطاه سلطات غير عادية ليفعل ما يروق له. ومع أن النظام كان يدعي لنفسه الديمقراطية ولكنه كان لا يحمل من الديمقراطية سوى اسمها وشكلها الخارجي.

كانت هناك انتخابات ولكنها لم تكن لا حرة ولا نزيهة. كان الشعب يقول كلمته ولكن الكلمة الأخيرة كانت للحاكم. وكانت هناك سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية ولكنها كانت جميعًا في يده ويحركها طبقا لما يريد. وكانت خيرات البلد تصب فى جيوب الحاكم وحاشيته بينما كان غالبية الشعب يتضورون جوعًا.

كان الديكتاتور يبرر سلوكه للعالم الخارجي أنه إن لم يفعل هذا فلن يستطيع أن يملك زمام المتطرفين وبالتالي يتحتم على العالم الخارجي أن يواجه الإرهاب الناتج عن ذلك.

حتى الأقباط، كان الديكتاتور يخيفهم بالفزاعة التي كان يلوحها في وجوههم وهي جماعة الأخوان. ومع اعتقادنا أن الأخوان كانوا فعلًا فزعًا حقيقيًا، ولكن الديكتاتور كان يستخدمهم لظلم الأقباط ثم يطالب الأقباط بقبول هذا الظلم تحت ذريعة مراعاة التوازنات التي تضطرهم بقبول ظلم صغير حتى لا يواجهوا ظلمًا أكبر إذا ما استولى الأخوان على الحكم. وصراحة لا أفهم لماذا يتحتم على الأقباط أن يكونوا هم من يدفع ثمن هذه التوازنات ويظلموا في كل الأحوال؟
في 25 يناير هبت رياح التغيير وهزت عرش الديكتاتور وألزمته بالرحيل. كانت ثورة شعبية سئمت ما آلت إليه الأمور في البلاد من فساد وطغيان أدى إلى خراب كل مرافق الدولة. وكان عماد هذه الثورة شبابًا انفتح على العالم الخارجي عن طريق الإنترنت والفيسبوك ورأى الحرية والعدالة والكرامة التي يعيش فيها غيرهم من الناس. ولذلك قرروا أن يخرجوا إلى الشارع مطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
ولكن المشكلة أن هذا الشباب كان ينتمي إلى جماعات متنوعة، ولم يكن لهم قيادة موحدة ومطالب محددة. بالإضافة إلى كونهم حديثو السن ولم يكونوا قادرين على أن يستولوا على الحكم ويفرضوا بنفسهم التغيير الذي يريدونه. وكانت النتيجة أنهم سلموا مطالبهم لمن هم أكبر سنًا وخبرة، وكثير من هؤلاء كانوا من فلول النظام السابق، وكان بعضهم أعضاء في الحزب الوطني الذي كان وراء كثير من الفساد الذي عانته مصر.
وتفاقمت المشكلة بحدوث انفلات أمني نتيجة تفكيك الشرطة وتسريح قواتها. ثم محاولة عناصر الإسلام السياسي القفز على الثورة الوليدة وتغيير مسارها لتحقيق أهدافهم الخاصة.

وفي ظل حكومة انتقالية ضعيفة ومجلس عسكري أعلى رخو يتحسس خطاه ويفتقر إلى الحسم. وفي ضوء تكاثر الاعتصامات التي أصبحت وسيلة لفرض المطالب، بدا واضحًا أن الحكم قد انتقل من الديكتاتور إلى الشارع.
أصبح الشارع بكل توجهاته المتناقضة هو الذي يسيّطر على زمام الأمور في مصر. وكانت كل مجموعة من المجتمع تخرج إلى الشارع لتفرد عضلاتها وتغطي على المجموعة التي سبقتها. ولم تكن قرارات الحكومة تصدر لعدالتها أو لزومها للبلد ولكن لمراضاة هذه الجماعة أو تلك. فهذا يطالب برفع الأجور وذاك يطالب بحكم إسلامي وآخر يطالب بإقالة هذا أو محاكمة ذاك. هذا بينما كانت البلد منهارة اقتصاديًا نتيجة كثرة الاعتصامات وإهمال العمل وضعف الإنتاج.

كان حكم الشارع معناه أن المتعصبين أصبحوا هم الذين يخططون لحكم مصر. ظهرت جماعات دينية لم نكن نسمع عنها ترفع شعار "الإسلام هو الحل" وتطالب بتطبيق شرع الله. ولم يقل لنا هؤلاء كيف ستعالج الحكومة الدينية كما يريدونها مشاكل مصر الحديثة بتطبيق مبادئ تعكس مشاكل مجتمع القرن السابع الميلادي. ولكن كان هؤلاء أصحاب صوت مرتفع ولا يمانعوا من أن يموتوا أو يقتلوا غيرهم في سبيل تحقيق أهدافهم التي يظنون أنها تستمد شرعيتها من الله ذاته. ولذلك لا عجب أن يعمل لهم الجميع ألف حساب.
وكان حكم الشارع معناه أن الجهلة والأميين أصبح لهم دور في حكم مصر. والأمية في مصر تضم حوالى 40% من السكان. فبعض هؤلاء الأميين الذين لا يجيدوا القراءة والكتابة أصبحوا منوطين بتحديد معالم مستقبل مصر في المرحلة القادمة.

وكان حكم الشارع معناه أن العنف أصبح يتحكم في مقدرات مصر. في غياب الأمن ظهرت فئة البلطجية والإرهابيين وصاروا يمارسون ترويعهم للمواطنين في وضح النهار، وأصبح لصوت البلطجة شرعية يخشاها الشعب والحكومة على السواء. كانت كلمتهم تنفذ فوق كلمة الحكومة فالكنائس التي قررت الحكومة إعادة فتحها أوقفها المتطرفون واستمر إغلاقها. سمعنا عن شعب محافظة يرفضون استقبال محافظهم الجديد لأنه قبطي، ثم ترضخ لهم الحكومة وتغير المحافظ. وتحسبًا لمثل رد الفعل هذا تحرص الحكومة على عدم تعيين أقباط في أي من المحافظات الأخرى. وسمعنا عن مواطنين يقطعون خط السكة الحديد ويوقفون سير القطارات في المنطقة، وتقف الحكومة عاجزة عن عمل شيء. بل وسمعنا عن مواطن قبطي يذبح وآخر تقطع أذنه ولم نسمع عن شخص أخذ عقابًا عن كل هذه الجرائم. كان المجرمون يفلتون من العقاب بعقد صلح عرفي يفقد به الضحية حقوقه المدنية ويضيع به المجتمع حقوقه الجنائية.

لم يكن حكم الشارع إذن تحسينا على حكم الديكتاتور، بل العكس هو الصحيح، حتى وإن بدى أنه انتقال من حكم الفرد إلى حكم الجماعة. فالجماعة في هذه الحالة كانت هي الشارع الذي لا يمثل الشعب ولا يعبر عن آلامه وآماله. بالإضافة إلى أنه لم يكن مؤهلًا علميًا وثقافيًا وحضاريًا لتكوين دولة عصرية تحقق الازدهار والحرية والديمقراطية.

لقد آن الوقت للشعب أن يستردوا بلدهم من الشارع، من أيدي المتعصبين والجهلة والإرهابيين الذين سيعودوا به إلى الوراء. وبدلًا من هؤلاء يجب إسناد هذا العمل إلى مجلس من أفضل من أنجبتهم مصر من العلماء والخبراء والمفكرين والمثقفين من حملة المؤهلات العليا ومن أساتذة الجامعات. ولا بأس من الاستعانة بخبراء أجانب اذا لزم الأمر.

وبعد ذلك يجيء الإنجاز الأكبر وهو إرساء نظام حكم الشعب الذي يتيح للشعب المصري أن يحكم نفسه لتحقيق ما طالب به شباب الثورة، الذين كانوا طليعة الشعب عندما خرجوا يوم 25 يناير 2011 منادين بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. إنها مسألة حياة أو موت، فمصر الآن بين مفترق الطرق، وهناك من يحاول جذبها إلى طريق الجهل والرجعية. والخيار وأضح أن مصر تحتاج أن تلحق بركب الحضارة حتى يتحقق لها مستقبلًا مشرقًا يليق بماضيها المجيد.
mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :