الأقباط متحدون - مئة سنة سادات2-3
  • ٢٣:٣٢
  • الثلاثاء , ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨
English version

مئة سنة سادات2-3

د. مينا ملاك عازر

لسعات

١٥: ٠٢ م +03:00 EEST

الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨

السادات
السادات

د. مينا ملاك عازر

توقفنا في المقال السابق، عند ما فعله السادات مع السوفييت، وكنا قد وعدناكم بالانتقال لمرحلة التحليل لما فعله مع الأمريكان الذي كانوا يندهشون من خدمات ظنوها مجانية يقدمها السادات لهم بما يفعله بالسوفييت، لكنه استفاد من تلك الخدمات من السوفييت في حينها، ثم استفاد منها حين أوهم الأمريكيين والإسرائيليين أنه لا ينوي الحرب، فاستكانوا وضرب ضربته العسكرية في حرب أكتوبر المجيدة.
 
ومن تلك اللحظة بدأ السادات يتفاوض مع الأمريكان، وبرع في فن التفاوض، وكسب منهم نقاط كثيرة، صحيح الجمسي رجله ورأس الجيش المصري، لم يكن موافق -بحسب مذكراته- على بعض النقاط العسكرية في اتفاق سيناء 1، لكن السادات كانت له رؤية استراتيجية موفقة، جعلت الأمور تمشي في مساراتها، حتى أنه كاد يجبر كيسنجر على أن يدفع فورد -الرئيس الأمريكي- على مقاطعة إسرائيل، وأظهر للعالم كله تعنتهم في مفاوضات اتفاق سيناء 2، إلى أن عادوا لمائدة المفاوضات، وحصل على ما أراده، وأدخل السلاح الأمريكي لجيشه ووضع تحت تصرف جيشه، أول محطة إنذار مبكر أمريكية. 
 
واستمرت مهارات السادات في السياسة الخارجية، حتى أنه قيل عنه أنه لو رشح للبيت الأبيض لحصل عليها باكتساح، ناهيك عن زعماء أوربيين كثر استغلوا زياراته لبلادهم لرفع شعبيتهم مثل الزعيم الفرنسي جورج بومبيدو وغيره.
 
استمر الوضع في تقدم مع الأمريكان صحيح على حساب السوفييت، الذين نالوا ضربة قاسمة جديدة بإلغائه معاهدة الصداقة والتعاون، حتى نجح السادات في أن يقيم علاقات مميزة مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة كارتر التي لم يكن يدعمها إذ كان يدعم فورد لأنه كان يتمنى بقاء كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي في مكانه ليكسب وقت في التفاوض، لكنه تخلص من هذا كله بإجباره كارتر على عقد مؤتمر كامب ديفيد، وجمع المصريين والإسرائيليين في أمريكا لمدة أسبوعين من التفاوض الحاد والجاد، وغامر السادات غير مرة بالتهديد بالانسحاب لكنه هناك تعرض للضغوط أمريكية من كارتر وساومه، وكاد يخسر السادات المفاوضات لكنه استطاع أن يكسب اتفاقية كامب ديفيد التي أجبرت إسرائيل على أن تسير للنهاية في خط الوصول للمعاهدة. وهنا وهنا فقط، بدأ الدور الأمريكي ضروري في الوصول للنهاية بالضغط على الإسرائيليين لدرجة جعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها بيجين يطرد كارتر من إسرائيل بعد أن طالبه بتقديم تنازلات لم تكن مقبولة بالنسبة لبيجين -الإرهابي الدموي- لكنه خضع في النهاية بكياسة من ديان وزير الخارجية الإسرائيلي ونظيره فانس وزير الخارجية الأمريكي حينها، وأخيراً تم التوصل لمعاهدة كامب ديفيد في مارس من عام 1979.
 
ولنتوقف هنا لنرصد المقال القادم -بإذن الله- خسائر السادات وأخطاءه بل جرائمه.
 
المختصر المفيد الله يرحم السادات.