هل هناك علاج مخفي للسرطان ؟ هل تخفي شركات الأدوية علاج السرطان؟
صحة | أنا أصدق العلم
الثلاثاء ١٩ فبراير ٢٠١٩
هل هناك علاج مخفي للسرطان ؟ هل تخفي شركات الأدوية علاج السرطان أم أن الموضوع محصور في نظريات المؤامرة ؟ يفحص عالم من معهد كامبردج للبحوث السرطانية في المملكة المتّحدة خلايا مزروعة في طبقٍ ذي 96 بئرًا في 9 كانون الأول 2014 في مدينة كامبردج في إنكلترا، وتسمح هذه الأطباق المزروعة للعلماء بفحص الكثير من الخلايا في آنٍ واحد ومقارنة الخلايا المُعالجة بالأدوية وغير المُعالجة بشكلٍ مباشر.
من الممكن أن تكون قد سمعت من قبل عن نظرية المؤامرة، وقد يكون ذلك من قريبٍ لا تزال تراوده الشكوك حول هبوط المركبة أبولو 11 على القمر أو حول كشف منشور على موقع ريدت-Reddit لشرور “الشركات الدوائية الضخمة-Big Pharma”. ويبدو الأمر كالتالي: يوجد علاج للسرطان ولكنّ الشركات الدوائية وحتّى وكالات الصحّة الحكومية وجمعيات علاج السرطان تُخفي ذلك لأنّها تجني الكثير من المال من أدوية علاج المرض أو من جمع التبرعات لذلك.
وبعبارةٍ أخرى فإنّ العصابة السرّية التي تضمّ مديري الشركات الدوائية والباحثين ومنظمات علاج السرطان غير الربحية يتركون أكثر من 8 ملايين شخص ليموتوا كل سنة حول العالم من أجل أن تمتلئ جيوبهم بأموال السرطان كل سنة، وهذه المؤامرة، إن كانت صحيحة، لن تكون أقل من إبادة جماعية طبية.
سمع تيد غانسلر (Ted Gansler)، المدير الاستراتيجي لأبحاث علم الأمراض في جمعية السرطان الأمريكية (ACS) وهو يعمل كمحرر في مجلة A Cancer Journal for Clinicians (CA)، قصّة “العلاج المخفيّ” مرّاتٍ كثيرة ما دفعه لإجراء استقصاء حول المفاهيم الخاطئة عن السرطان، وفي هذا الاستقصاء سأل حوالي 1000 أمريكي إذا كانوا يؤمنون بوجود مؤامرة لإخفاء علاج السرطان. وكتب Gansler: «لقد كانت النتيجة صادمةً أكثر ممّا توقّعت»، فهناك 27.3% يؤمنون بالخرافة و14.3% لم يكونوا متأكّدين. “والعلاج السري للسرطان” هو نظرية مثالية للمؤامرة.
وعلى الرغم من شعبية هذه النظرية وهي من نظريات المؤامرة التي تأتي جُزئيًا من الجهل وسوء الفهم والظن بالعلم، فإنّ البحوث النفسية تُشير إلى أنّ اختراع ونشر نظريات المؤامرة هي طريقة لتعامل بعض الناس مع مشاعر الضعف». إنّ السرطان مرضٌ مرعب والقليل منّا لم يتأثّر بالامتداد المُدمّر للمرض، إلّا أنّ عدم توصّل المؤسّسات الطبّية لعلاجٍ ناجح لكل أنواع السرطان لا يعني أنّها تخفيه عنّا.
الصورة الأولى: انخفضت معدلات الوفاة بسرطان القولون والمستقيم منذ 1999 بنسبة كبيرة بسبب التحسّن في الكشف المبكر والمزيد من طرق العلاج الفعّالة.
الصورة الثانية: وبشكلٍ عام فقد تحسنّت معدلات النجاة بمدّة خمس سنوات من السرطان منذ 1975، إلّا أنّ معدلات النجاة قد تختلف بحسب الخصائص الفيزيائية والعرق وذلك بسبب الاختلافات البيولوجية والحالة الاجتماعية والاقتصادية والوصول للعناية الصحيّة.
وفي حين إنّ مؤامرة “الدواء المخفي” هي زائفة بوضوح، فإنّ ذلك يستحقّ التساؤل فيما إذا كانت الطرق الحالية لتمويل أبحاث علاج السرطان وتطوير الدواء هي أفضل الطرق لإيجاد العلاجات الفعالة ذات الكلفة المادية المعقولة لكلّ أشكال السرطان الشائعة والنادرة. على سبيل المثال كانت ميزانية المعهد الوطني للسرطان عام 2017 -وهو مموّل رائد للأبحاث العلمية والطبية في الولايات المتحدة- 5.69 مليار دولار. وعلى الرغم من أنّ المبلغ المُخصّص للمعهد يرتفع بشكلٍ طفيف كل عام، فإنّ قيمته الحقيقية مع التضخّم قد انخفضت باستمرار منذ 2003، وعادةً ما يتعامل المعهد مع شركات الأدوية أو الجامعات لإجراء تجارب سريرية.
كما يخصّص المعهد الأمريكي الوطني للصحة حوالي 6 مليار دولار في ميزانيته لعام 2017 من أجل أبحاث السرطان مع موارد تمويل إضافية تُستثمر في مجالات معينة مثل علم الوراثة للسرطان وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وسرطان الدم لدى الأطفال. ولكنّ الاستثمارات العامة هي ضئيلة للغاية وغير كافية مقارنةً بشركات الأدوية الخاصة والتي تخصّص ما يُقدّر بخمسين مليار دولار سنويًا في مجال أبحاث أدوية السرطان وتطويرها.
شركات الأدوية الضخمة والبحث
إنّ اختلال التوازن بين تمويل المؤسسات الخاصة والعامة لأبحاث السرطان قد دفع بعض النقّاد ليزعموا أنّ شركات الأدوية الضخمة تقوم في الحقيقة بإبطاء البحث عن دواء للسرطان من خلال التركيز على صرف الكثير من المال على تطوير علاجات قابلة للتسجيل كبراءة اختراع ومُخصّصة لأنواع محدّدة من المرض بدلًا من اختبار العلاجات المركّبة أو البحث عن استخدام متعدّد الأهداف لأدوية وراثية موجودة حاليًا أرخص كالأسبيرين مثلًا.
يوجين براون (Eugene Brown) هو مستشار علمي لمنظمة Global Cures وهي منظمة غير ربحية تساعد مرضى السرطان على إيجاد علاجات موثوقة تكون خارج نطاق “معيار العناية” النموذجي، وتضمّ هذه العلاجات استخدام المكمّلات أو الأدوية غير محدودة الملكية والتي أظهرت أملًا في تسريع الشفاء أو التخفيف من الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي أو الإشعاعي. وتدافع منظمة Global Cures عن فكرة أنّ البحث عن الاستخدام متعدّد الأهداف للأدوية الموجودة حاليًا والمكونات الموافق عليها من قبل إدارة الأغذية والأدوية غير المُخصّصة في الأصل لعلاج السرطان هي منهج تتجاهله دائمًا شركات الأدوية الربحية والوكالات الحكومية ذات التمويل الضعيف. ولا يوافق براون على أنّ شركات الأدوية الضخمة هي المشكلة الأكبر التي تمنعنا من إيجاد أدوية السرطان ويقول بأنّ الافتراض بأنّ شركات الأدوية سوف تستثمر في الاستخدام متعدد الأهداف للدواء هو في غير محلّه بتاتًا.
وقال: «يجب أن يكون هناك مزيد من التعاون بما أن الحكومة والمؤسّسات العامة والمنظمات الخيرية تعتبر هذا هدفًا مُهمًّا، ويمكن في الحقيقة دمج شركات الدواء الضخمة في المخطّط بأكمله». وأشار إلى أنّ دواءً متعدّد الاستخدامات سيحتاج لتجارب سريرية من أجل أن يُوصف للسرطان، ويمكن أن تؤمّن إحدى شركات الدواء ذلك إما مجانًا أو بثمن كبادرة حسن نية.
يبدو ذلك رائعًا!
أصبح الأسبرين الآن، وهو دواء عمره 100 عام، موضوع التجارب السريرية لتأكيد بيانات المراقبة التي تُشير إلى أنّ الّذين شفوا من سرطان الثدي والّذين يتناولون الأسبرين يوميًا هم أقل عرضةً للإصابة مجدّدًا بالمرض والموت بسببه.