دق ناقوس الدير
م / أيمن منير
الثلاثاء ٢٦ فبراير ٢٠١٩
أيمن منير
كنافى احد الايام... فى احد الاديرة ...
ديرً قديم فى برية شيهيت... على مقربةً من الدير ترجلنا انا واحد الاخوه الاحباء بعد ان تركنا البعض الاخر... لم يكن يوجد غيرنا... وفى صحوةً من الهدوء... بعد ان نظرنا الى الدير... وكاننا لم نراه من قبل... وكَآن اللحظات التى نمر بها تريدُ ان تقولُ لنا شيئا... مررنا ونحن نمشى باثار اقدام فى مكان قفر... فعرفنا ان رمال تلك البرية مرتبطة بديرها... وان المشى عليها عادة باتت من قديم الزمن... تـــُعطى دروساللرهبان كما تـــُعطى دروسا اكبر لمن يمشون معهم... ونحن نمشى انا واخى هذا بعد ان فارقنا الدير ومن به... اجتزنا ونحن فى الطريق مجموعة من القلالى التى تضم بعض الرهبان الجبابرة طالبى التوحد والذين لهم شغف كبير بحياة الوحده وما تحمله من زهد وتقشف...قال لى اخى وقد كان شغوفا جدا بالرهبنة ومحبا لها... ما جدوي وجودنا هنا دون فائده او شيئ نقدمه لالهنا...!؟ السنا موجودين للخلوه ولمعرفة مدى حبنا لحياة التخلى والتجرد ولتحديد...معيتنا مع الله ولهُ... قلت له نعم... قال لى اذا لابدان نقدم شيئ ان نفعل شيئ ... من اجل وجودنا هنا... او حتى لنستفيد شيئ ...الم نترك عملنا من اجل ان ناتى...!؟ لابد ان تاتى الجوله بثمار... قلت له وما الذى تريد ان نفعله ونحن هنا...!كل شى هادى وساكن حولنا...!
ان هذه الاماكن وجدت للتعبد فقط وللاتحادبالله... والالتصاق به... قال لى لا عليك تعال معى ذهبت معه فاخذنى الى مزرعة الدير... هناك تقابلنا مع الاب الراهب المسئول عن المزرعه وابتدأ يشرح لناعن كيفية تربية المواشى وما تخرجه للدير من خير وكيف انهم ياتون بها صغيره وتربي بالدير وان كل شيئ يخرج منها يستفيد به الدير حتى الروث يذهب لتخصيب الاراضى الزراعية بالدير والتى بدورها ايضا تاتى بالخير الكثير... قال لى اخى ... انا سوف اساعد ابى الراهب هنا الى ان يحل وقت صلاة الغروب ورفع بخور عشيه ثم القاك فى بيت الخلوه ... لنستريح استعداداً للتسبحة والقداس الالهى فى الصباح... فقلت لهم سلام ونعمه وتركتهم وهوا يعلم اننى لو اردت العمل فسيكون فى مكتبة الدير... وانا فى طريقى مررت بمزرعة اسماك الدير ورأيت المسئولين عليها والاباء الرهبان بها فبادلتهم التحيه... ثم ذهبت الى المكتبه فقد كان الاب الراهب بها يعرفنى معرفه جيده فقلت له سلام ونعمه يا ابى وتبادلنا الاحضان وقبلته فى كتفه ثم جلسنا فى غمرة الحديث والمحبه العارمه... ثم عرضت عليه المساعده... فاخذت انظف الارفف من الاتربه واقوم برص بعض الكتب والمخطوطات وارجاعها الى اماكنها... ثم حان وقت صلاة الغروب ورفع بخور عشيه... فقال لى ابى الراهب امين المكتبه... اغابى يا اخى... اى اصنع محبه وتعال معى لنصلى صلاة... رفع البخور... استعداداً للتسبحه بعد منتصف الليل ثم القداس الالهى فى الصباح... ونحن ذاهبان رأيت اخى اتيا من بعيد وقد كان فعلا اكثر من اخ الا انه من اشد اصدقائى وتجمعنى به صداقة واخوة قويه...وعرفت انه مُرهق كثيرا بسبب العمل... الا انه اصر على ان يحضر صلاة عشيه وبعد العشيه ذهبنا الى المائده... وكم سررت كثيرا ان ااخذ بركة ابائى الرهبان انا وصديقى حتى فى تناول... وجبة العشاء وهى كانت الوجبة الوحيدة التى ياكلها الرهبان... بعد الافطار الذى يتم عند الغروب حيث انهم عادةً يكسرون صومهم باشياء قليله لا تذكر... وكم تاثرت كثيرا... اثناء تناول العشاء... بذلك التقليد القديم الماخوذ عن الاباء الاولين...وبالاخص الانبا باخوميوس اب الشركه... فى ان يقرأ احد الاباء اجزاء من الكتاب المقدس
او سيرة قديس على باقى الاخوه الرهبان اثناء تناولهم... اى وجبه وكان يتم الموضوع بالتبادل بين الاباء الرهبان... والحقيقه اننا انا واخى لم يكن المفروض لنا ان ناكل معهم... حيث ان قوانين الدير لا تسمح للعلمانيين بذلك حيث اننا زوار على الدير وكذلك يوجد كل شى فى بيت الخلوه... لكنهم من محبتهم سمحوا لنا ان ناخذ بركتهم... ثم خرجنا... ولا حظت ان اخى قد استرد عافيته وقد اراد الترويح عن نفسه فقال لى...تعال نخرج من بوابة الدير لنذهب لناخذ بركة الدير المجاور او حتى كل اديرة المنطقه... ولنذهب لمغارة حبيبنا البابا كيرلس... والتى كان يسكنها قبله ابونا عبد المسيح الحبشى...فابتسمت وقلت له هل سنفعل كل ذلك...فرد اخى وكان ايمانه شديد ومحبته لان يفعل ذلك قوية جداً... رد وقال لى... بنعمة ربنا سنفعل... ثم خرجنا... ونحن فى مسيرنا... اجتزنا للمرة الاخرى بجوار قلالى الاباء طالبى التوحد... وفجأة ...!؟
وبدون ترتيب... دقت اجرأس الدير... وهوا الدير الذى كنا به ولم نكن قد ابتعدنا كثيراً عنه ... دقت دقاتً متتاليه حزينه... ينخلع لها القلب... وقد كنا بعد وقت الغروب بقليل... وكان الظلام قد بدأ ينسدل على المنطقه...الا ان القمر كان قد بدأ فى الظهور وكان ينير البريه باكملها... كما انها منيره بقديسيها ورهبانها...بعد هذه الدقات المتتاليه والحزينه... وهى ما زالت لم تنقطع ... رأيت الاباء الذين فى القلالى المتناثره حول الدير من خارج...الاباء المتوحدون... رايتهم انا واخى خارجين من قلاليهم... وكانوا فى اتجاههم للدير لمعرفه ما الذى يحدث... وقد كنت اعلم واعرف جيداً ان احد الاباء الشيوخ بالدير قد انتقل وكذلك يعرف اخى...لان هذه الدقات ليست غريبه علينا... فاقتربنا من الاباء ومشينا معهم وهم صامتين...لكن وجوههم كانت تشع نوراً... قائلين مع بولس الرسول فى 2كور4...7... ولكن لنا هذا الكنز فى اوانً خزفيه ليكون فضل القوة لله لا منا مكتئبين فى كل شى لكن غير متضايقيين... متحيرين لكن غير يائسين... مضطهدين لكن غير متروكين....... وكلام بولس الرسول ايضا فى .......1تسالو4...13...ثم لا اريد ان تجهلو ايها الاخوة من جهة الراقدين لكى لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم...لاننا نحن الاحياء لن نسبقهم اى الاموات... حين يهتف ويبوق رئيس الملائكه... لملاقاة..الرب فى الهواء... فهم سيقومون اولا.... فرجعنا ادراجنا للدير... الاباء ونحن... فوجدنا طابوراً..من اباء الدير حول قلاية الاب الراهب الشيخ المنتقل... ثم عرفنا وعرف الاباء الذين كانوا معناانه ابونا .....فلان...لن استطيع ان اصف ما حدث لكم فقد كان الكل من الاباء يتهافت لاخذ بركة ابينا الشيخ وطلب صلاته وان يذكرهم امام عرش النعمة... ولم نستطع نحن العلمانيين اخذ بركته...من كثرة الاباء الذين يريدون الدخول... ثم راينا بعض الاباء الشيوخ... اقصد كبار السن وليس الذين استبد بهم العمر... قد دخلوا قلاية ابينا الراهب واخرجوا من فيها من الاباء الرهبان الصغار وتم ذلك فى المحبه وخوفاً على مشاعرهم... وذلك لتغسيل ابينا وتكفينه... ثم اتوا به الى كنيسة الدير الاثرية ... وكان وقت التسبحة... فقد حضر صلوات التسبحة كاملة ... ثم صلوا عليه صلاة الراقدين... ثم تم حمله بواسطة اباء الدير ومن استطاع منا اقصد العلمانيين... ان ياخذ هذه البركة معهم... وذلك ليتم ايداعه طافوس الدير... وكم كان عزاؤنا كبير جدا... اثناء القاء احد الاباء الشيوخ بالدير... العظه اثناء الصلاه على ابوناالراهب الشيخ المتنيح... ثم بعد ذلك بدأت صلاة القداس الالهى... العُرس السمائى الذى يتقابل فيه الكل... كل نفس او كل عروس مع عريسها السمائى وتناولنا كلنا من السرائر الالهية ... وكان يوما معزيا جداً بخلاف ما يحدث فى العالم حين ينتقل احد... وقد كان تاثر اخى وصديقى بالغا جداً... ولم تمضى شهورا قليله الاووجدته لابسا الابيض بالدير استعدادا لحياة الرهبنه... فاحتضنته كثيرا وطلبت منه ان يذكرنى دائما فى صلاته....... واننى سوف اكون فى زيارته كلما اتيحت الظروف... وبعدها بسنتين لبس الزى الرهبانى الاسود... ثم هوا الان له اربع سنوات بالرهبنة وهوا شعله من النشاط
فى الخدمة لاباء الدير وشيوخهُ...
هنا تذكرت هذه الكلمات لقداسة البابا
هنا فى الدير انجـــيلُ يعزينــــا وامثـــالً
هنا الانجيلُ مصـــباحً ولا يخفيه مكيالً
هنا لا يرهبُ الرهبان قضبانً واغـــــلالً
ولا يستعبد الوجدانُ اغراضً وامــــــالً
ولا تلهوا بنا الدنـــــيا فاجبارا واقبــــــالِ
بركة صلواتهم تكون معنا
الرب معكم فى كل حين