الأقباط متحدون - العَلمانية في إسرائيل (2)
  • ٠٩:١٧
  • الجمعة , ٨ مارس ٢٠١٩
English version

العَلمانية في إسرائيل (2)

مقالات مختارة | مراد وهبة

٤٤: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ٨ مارس ٢٠١٩

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يتزامن هذا المقال الذى أنشره اليوم فى سياق سلسلة المقالات القادمة تحت عنوان «العلمانية وضرورتها» مع ما نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 2/3/2019 تحت عنوان «تحدٍّ جديد للمتشددين دينياً فى إسرائيل» ومفاده أن القرار الذى أصدرته المحكمة العليا فى إسرائيل بالسماح للمحال التجارية فى مدينة تل أبيب بالعمل يوم السبت أشعل الخلاف بين المتشددين دينياً والعلمانيين وينذر بحدوث مواجهة بينهما. ففى الوقت الذى أشادت فيه بلدية تل أبيب بقرار المحكمة وقال عنه السياسيون الليبراليون إنه خطوة مهمة ضد الإكراه الدينى هاجم مسؤولون يهود متشددون القرار وتعهدوا بمحاربته وتجاوزه. وانتقد وزير الداخلية وزعيم حزب شاس الدينى المتطرف القرار باعتباره يهدف لتغيير الأوضاع الدينية الراهنة فى إسرائيل واستهانة خطيرة بيوم السبت المقدس.

والرأى عندى أنه من اللازم استبعاد المصطلحين الواردين فى النص السابق: «الحزب الدينى المتطرف» و«الليبراليون» لأن لفظ متطرف أو متشدد لفظ غامض وبالتالى لا يخضع للتحليل العلمى. والبديل مصطلح «أصولى» الذى يعنى الملتزم بالأصول المطلقة على نحو ما يتصورها المؤمن والتى يمتنع معها التشكيك حتى لو جاء من قبل العلم والعلماء. وفى هذا المعنى تكون العلمانية وليس الليبرالية هى النقيض باعتبار أنها تقبل التشكيك فى سياق أن المعرفة أيا كانت هى معرفة نسبية بحكم تعريفى للعلمانية بأنها «التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق» مستنداً فى ذلك إلى نسبية معارف العقل الإنسانى.

وفى هذا السياق يلزم التنويه بأن الصراع بين الأصولية والعلمانية فى إسرائيل قد فجره فيما مضى رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك. فقد نشرت جريدة الأهرام فى 21/ 8/ 2000 أن باراك أعلن فى 20/ 8/ 2000 ثورة علمانية فى إسرائيل تقضى بإقرار دستور للبلاد وإصلاح النظام التعليمى. وإثر هذا الإعلان قرر باراك تشكيل لجنة ثلاثية لإقرار دستور للبلاد يقوم على أسس علمانية ويقلص من سلطات الحاخامات. إلا أن الأحزاب الأصولية استطاعت إسقاط حكومة باراك والإجهاز على الدستور العلمانى المرتقب. ومع ذلك استمر الصراع بين الأصوليين والعلمانيين إلى الحد الذى قيل فيه إنه صراع بين دولتين أو بين شعبين ليس فى إمكانهما التعايش معاً.

وأنا بدورى أظن أن الصراع العربى الإسرائيلى وفى مقدمه الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ليس فى الإمكان القضاء عليه من غير الوعى بجذوره الكامنة فى الصراع العلمانى الأصولى، ومن غير الوعى بأن حسم هذا الصراع محكوم بإقصاء العلمانية للأصولية لأن العلمانية وليست الأصولية هى المدخل إلى التفاوض لأن التفاوض يستلزم تنازلات، والتنازلات لا تستقيم إلا مع العلمانية.

والجدير بالتنويه هنا تصريح عمرو موسى فى 17/ 9/ 2008 وكان فى حينها أميناً عاماً لجامعة الدول العربية: «إن فكرة الدولة العلمانية التى تضم الفلسطينيين والإسرائيليين مطروحة بجدية». إلا أن هذه الجدية تستلزم إحداث تراكم للفكرة بحيث تتحول إلى تيار ومن ثم إلى قدرة على إحداث التغيير. وهذا ما لم يحدث.

والسؤال إذن:

لماذا لم يحدث؟

الجواب عندى أن استيلاء الحزب الأصولى «حماس» على السلطة قد أجهض التغيير المرتقب.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع