الأقباط متحدون | "عدلي أبادير".. رائد انطلاقة قضية الأقليات نحو العالمية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٣٢ | الأحد ١ يناير ٢٠١٢ | ٢٢كيهك ١٧٢٨ ش | العدد ٢٦٢٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد
طباعة الصفحة
فهرس مساحة رأي
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٨ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

"عدلي أبادير".. رائد انطلاقة قضية الأقليات نحو العالمية

الأحد ١ يناير ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

 بقلم: جرجس بشرى


يقول الكتاب المقدس- كتاب الكُتُب- في سفر "الرؤيا": "طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن. نعم يقول الروح لكي يستريحوا من أتعابهم. وأعمالهم تتبعهم" (رؤ14 :13). ويقول أيضًا: "ذكر الصديق للبركة".. ولعل هاتين الآيتين تنطبقان انطباقًا كليًا على رجل مناضل من رجالات "مصر" الشرفاء، وهو المهندس "عدلي أبادير يوسف".. ذلك الرجل الذي كان له الفضل الأول- وبلا منازع- في انتقال قضية الأقباط وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية من المجهول إلى العالمية، عبر عدة مؤتمرات عقدها في الخارج على نفقته الخاصة، وقد كان لهذه المؤتمرات بالغ الأثر في تعريف العالم والمجتمع الدولي بسياسة القمع الممنهج، وفضح سياسة الإفلات من العقاب التي كان يتبعها النظام السابق برئاسة الطاغية المخلوع "محمد حسني مبارك" مع أقباط "مصر" والنوبيين والبدو وغيرهم من الأقليات، وهو الأمر الذي أقلق مضجع نظام "مبارك" وحكومته المتطرفة، وفضح سياساته، وعَرَّض نظامه لانتقادات دولية لاذعة من قبل المجتمع الدولي، عبر تقارير حقوقية موثَّقة تؤكّد صدق ومشروعية مطالب أبادير!.

وقد كان "أبادير" مؤمنًا بالقضية القبطية إيمانًا كبيرًا، لدرجة أن جعلها الهم الأول في حياته، وكرَّس لها الكثير من وقته ومن ماله ومن صحته، والأخطر من ذلك أنه- ولإيمانه المطلق بهذه القضية الشريفة- وضع حياته ثمنًا لها، وكان متوقعًا في كل وقت أن يدفع ثمنًا باهظًا حتى ولو كلفه هذا الثمن حياته لإيمانه بكل كلمة يقولها، وبكل انتقاد لاذع يوجّهه لرأس النظام الحاكم الطاغي في "مصر"! لدرجة أنه قال في إحدى المرات إنه "لو مات عدلي أبادير سيكون هناك ألف عدلي أبادير آخر"..

إن عَظمة "عدلي أبادير" الذي فر من "مصر" هاربًا بجلده كما قال ذلك في إحدى مقالاته، تكمن في أنه إنسان صاحب مبدأ، وصاحب قضية، وأنه كان مستعدًا لتقديم حياته كلها ومشروعاتها ثمنًا لهذه القضية.. فلم يعرف "أبادير" سياسة "التلوُّن" وتعدُّد الوجوه أو منافقة النظام تارة ونقده تارة أخرى، بل كان رجل مبدأ بحق، احترمه الجميع، واعترف بفضله على "مصر" بعد انتقاله جميع الذين كانوا يناصبونه العداء ويهاجمونه بلا هوادة في مقالاتهم أثناء حياته!.

إن أهم ما يُذكر للمناضل الشرس "عدلي أبادير" هو أنه من أوائل رجالات "مصر" الشرفاء الذين انتقدوا النظام المصري والرئيس المخلوع في عنفوان جبروته وطغيانه واستبداده، غير مبالٍ بالنتائج أيًا كانت، حاسبًا أي خسارة من أجل القضية التي يؤمن بها ربحًا ومكسبًا كبيرًا يصب في صالح القضية القبطية المصرية وغيرها من قضايا الأقليات. وهو ما جعل هذه الروح الشجاعة تنتقل لتلاميذه وأولاده الذين بدأوا يستمدون هذه الجرأة والقوة من روحه، بطريقة شكَّلت رأيًا ضاغطًا في مواجهة عنفوان وتسلط النظام المصري وقمعه للأقباط. كما كان- ولايزال- لـ"عدلي أبادير" الفضل الأول في التأسيس لثقافة جديدة كانت كفيلة فيما بعد للإطاحة بالطاغية "مبارك" ونظامه إلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليه، عبر التنديد والإحتجاج السلمي بالمقالات والمؤتمرات وغيرها على ممارسات النظام ضد أقباط "مصر". ويعتبر "أبادير" من أوائل من بعث برسالات تحذيرية وطنية للرئيس المصري المخلوع "محمد حسني مبارك" من خطورة تحالفه الجهنمي مع الملك "عبدالله بن عبد العزيز"- ملك "السعودية"- وخطورة المد الوهابي في "مصر".

إنني أتذكر مقولة لم ولن أنساها قالها لي القيادي النوبي "حجاج أدول" ونُشرت في خبر صحفي عبر جريدة "الأقباط متحدون"، وهي: "لولا عدلي أبادير ما كانت قضية النوبيين وصلت للعالم وللمجتمع الدولي"، وهو ما جعل القيادي النوبي البارز "حجاج أدول" يكتب إهداءً لروح "عدلي أبادير" في مقدمة كتابه الذي يتناول معاناة النوبيين في "مصر"، ويذكر فضله على القضية النوبية. كما أكَّد الكاتب "محمد الباز"، بعد رحيل "أبادير"، أن "عدلي أبادير" رجل وطني مخلص وصاحب قضية، وكان يجب على الدولة أن تعتذر عما بدر منها نحوه وتنعيه في وسائل الإعلام المصرية للتكفير عما ارتكبته من أخطاء معه في حياته.

وإنني أرى أن هذا الرجل لم يمت بالمرة؛ لأن سيرته العطرة وأعماله ومبادئه مازالت موجودة بيننا، ومازال تلاميذه ومحبوه ومريدوه في كل مكان يسيرون على نهجه ويقتدون بآثار خطواته. فكم وكم من ملايين يموتون وتُمحى أسماؤهم من الوجود لأنهم لم يقدِّموا شيئًا مفيدًا للبشرية أثناء حياتهم، ولكن هناك من يموتون ولكنهم بأعمالهم باقون للأبد، سيرتهم وأعمالهم ونضالهم وكفاحهم وكتاباتهم في مواجهة طغيان الإنسان ضد أخيه الإنسان تدوم للأبد وتتناقلها الأجيال. فهناك أموات يحركون الأحياء بسيرتهم العطرة ونضالهم المشرّف ومقولاتهم الذهبية.

فأعظم ما تركه "أبادير" غير المؤتمرات والمقالات النارية التي تندد بسياسة النظام هي جريدة "الأقباط متحدون".. هذه الجريدة التي ارتبطت باسم وسيرة هذا المناضل العظيم.. هذه الجريدة التي أصبحت منبرًا وطنيًا شجاعًا لا يخشى في الحق لومة لائم، تعكس هموم الأقباط المضطهدين في "مصر" في المقام الأول كما أراد لها مؤسسها الراحل، وهموم باقي المصريين. فلقد نجحت هذه الصحيفة- بفعل إدارتها المتميزة والواعية متمثلة في رئيس تحريرها "عزت بولس" ومديرة تحريرها "باسنت موسى"- في أن تصل لكل مكان في العالم، وتكون مصدرًا صحفيًا لكثير من الصحف المستقلة والحكومية كما اعترف بذلك كبار رجال الإعلام في "مصر". كما استطاعت أن تستحوذ الصحيفة على ثقة كبار السياسيين في "مصر" والعالم، لدرجة أنها انفردت بحوارات مع عدد لا بأس به من مرشحى الرئاسة، مثل السيد "عمرو موسى"- الأمين العام السابق لجامعة الدولة العربية-، والدكتور "محمد البرادعي"- المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية-، والمستشار "هشام البسطويسي"- نائب رئيس محكمة التقض الأسبق-، و"حمدين صباحي"، وسفراء، ودبلوماسيين أجانب، مثل السفير الإيراني بالقاهرة "مجتبي أماني". كما انفردت بحوارات متميزة مع نواب بالبرلمان العراقي ومنسقة مؤتمر مستقبل مسيحي الشرق بـ"لبنان".

حقًا يقول الكتاب "ذكرى الصديق تدوم إلى الأبد".




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :