فى بحثهم عن تصدر المشهد والتدافع فى السباق الشرس للوصول إلى مقعد الرئيس.. كانت نهايتهم، وفى إعلانهم المتكرر عن دولة القانون والمؤسسات والشعب المصون تناسوا القدوة والمثل وتقديم النموذج، فأصبحوا من مرشحين للرئاسة إلى مهددين بالسجن والغرامة.. فكان قانون دولتهم المنشودة سيفاً على رقابهم، يستبعدهم من سباق الرئاسة، إنهم المرشحون الخمسة للرئاسة عمر سليمان ومرتضى منصور وحازم أبو إسماعيل وإبراهيم غريب وأشرف بارومة، الذين حملت إقراراتهم وأوراقهم التى تقدموا بها للجنة العليا للرئاسة مخالفات تقتضى المحاسبة والمساءلة القانونية.

 

عمر سليمان رجل المخابرات وصاحب التوكيلات الغامضة قضية التوكيلات التى لا أصل لها من محافظة أسيوط، أى غير الموثقة فى الشهر العقارى، لم تكن كافية فقط للإطاحة بنائب الرئيس السابق من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، والدفع به إلى قائمة المستبعدين، بل تحولت إلى سيف يهدد مدير المخابرات العامة السابق بالمحاسبة القانونية.

 

الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى والقانونى، يقول إنه لابد أولا التأكد من أمر تزوير توكيلات عمر سليمان لأنه إذا ثبت هذا وتم التأكد من تورطه فى عملية التزوير ستتم محاسبته بتهمة تزوير وتقليد وثائق رسمية وأختام حكومية، وهذا لن يتبين سوى من خلال تحقيق السلطات القضائية عن طريق النيابة العامة.

 

ويضيف السيد أنه قد يثبت من خلال عملية التحقيق أن التزوير تم لصالح عمر سليمان، ولم يتورط فيه، وقد يكون أيضا السبب وراءه هو خصومه السياسيون، وهذا بمنتهى البساطة يمكن الكشف عنه من خلال الاستماع لشهادات الموكلين والموثقين فى الشهر العقارى، والاطلاع على الأوراق "المسألة تتطلب تحقيقاً حتى لا نلقى الاتهامات جزافا فالساحة السياسية مليئة بالمعارك". 

 

وعما حدث أثناء عملية تحرير التوكيلات يقول محمد عيسى، مسئول غرفة عمليات مراقبة الانتخابات الرئاسية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، غير معقول أن يتم جمع عشرات الآلاف من التوكيلات لــ"سليمان" خلال 48 ساعة، حتى وإن افترضنا أن كل مواطن استغرق فقط عشر دقائق داخل مكتب الشهر العقارى. مشيرا إلى أن المعتاد قيام كل مرشح بالإعلان عن رقمه القومى داخل مكاتب الشهر العقارى ليسهل عملية تحرير التوكيل له من قبل مؤيديه، وهذا لم يحدث فى حالة المرشح عمر سليمان الذى اختفى رقمه تماما داخل مكتب الشهر العقارى بمنطقة مدينة نصر.

 

من ناحية أخرى رصدت حركة "امسك فلول" كما يقول منسقها شريف دياب، اعتماد حملة عمر سليمان على تقديم وعود بالحصول على إجازات لمجندى الشرطة والجيش وأهاليهم لاستقطابهم بعمل توكيلات عقب إعلان ترشحه. متهما حملة عمر سليمان بجمع توكيلات بطرق مشبوهة، منها استخدام رجال أعمال من المنتمين للنظام السابق، محددا بالأسماء بعضا منهم فى مدينة العاشر من رمضان "ع.ع"، صاحب مصنع لحوم، حيث وجه العاملين بالشركة والمصنع لتحرير توكيلات لعمر سليمان. فيما قال محمد مشعل، منسق حملة عمر سليمان لانتخابات رئاسة الجمهورية، إن كل ما يثار حول تدخل جهاز المخابرات العامة والشرطة العسكرية للضغط على المواطنين وإجبارهم على تحرير توكيلات لعمر سليمان أو محاولة تزويرها مجرد "تلزيق" وكلام لا يرقى لمستوى الرد عليه، ويضيف مشعل أن الرقم الحقيقى الذى قامت الحملة بجمعه من مختلف المحافظات 49 ألف توكيل، بعيدا عن التوكيلات التى تم جمعها أيضا، ولكنها وصلت متأخرة، وبالتالى تم استبعادها.

 

مرتضى منصور.. عندما يصبح قصر الرئاسة ملاذاً من "الجمل" مرتضى منصور واحد من المستبعدين من الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، الذى طالما أثيرت حوله الأقاويل بدءا من تصريحاته الغريبة إلى اتهامه فى قضية قتل المتظاهرين، التى عرفت إعلاميا بقضية موقعة الجمل، شعار مرتضى منصور خلال ترشحه للرئاسة "أعلن ترشحى لرئاسة وطنى الحبيب ولدى شعار واحد "أن الملك لله وحده وسأعمل على إعادة دولة القانون، والقضاء على الانفلات الأمنى" يبدو أنه سيطبق على مرتضى نفسه بسبب اتهامه فى موقعة الجمل. 

 

"أبو إسماعيل".. شيخ يتهم الـ"فوتشوب" بالعبث فى جنسية والدته محمد حازم صلاح أبو إسماعيل، خرج بعد جولة واحدة من الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى حول إثبات حصول والدته "نوال نور" على الجنسية الأمريكية، وثبت للجنة من مستندات الخارجية الأمريكية حصول والدته على الجنسية الأمريكية منذ 25 أكتوبر 2006، وحتى وفاتها فى 15 يناير 2010.

 

جنسية والدة أبو إسماعيل تنفى أحد شروط الواجب توافرها فى رئيس الجمهورية بنص المادة 26 من الإعلان الدستورى. وقد تحول لجنة انتخابات الرئاسة ملف أبو إسماعيل إلى النيابة العامة بتهمة التزوير وتصل عقوبتها للسجن والغرامة. رد أبو إسماعيل جاء فى بيان يصف فيه أن الأوراق الأمريكية مزورة، مؤكدا أن الأوراق المرسلة من الخارجية الأمريكية "صور ملعوب فيها بشكل واضح".

 

الجنسية هى الأخرى كانت السبب فى استبعاد إبراهيم غريب، النائب المستقل السابق بمجلس الشعب، حيث تبين للجنة العليا من المستندات أنه سبق له الحصول على الجنسية الأمريكية، مما يهدد بتعرضه للمساءلة القانونية، بسبب إقراره بعدم حصوله على أى جنسية أجنبية. فضلا عن استبعاد اللجنة العليا أكثر من ألفى نموذج تأييد من إجمالى 32 ألف توكيل قدمها للجنة، فأصبح رصيده لا يبلغ النصاب القانونى.

 

وفى السياق نفسه خرج أشرف زكى بارومة، رئيس حزب مصر الكنانة، من سباق الرئاسة، لاكتشاف اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تهربه من أداء الخدمة العسكرية، ليدخل ضمن المستبعدين العشرة من مرشحى الرئاسة. فأصبح مهددا بالسجن أو التحويل لمحاكمة عسكرية، ولكن تخطيه سن الثلاثين قد يقصر العقوبة إلى الغرامة.