الأقباط متحدون - ثقوب السفينة
أخر تحديث ١٩:٤٩ | السبت ٧ يوليو ٢٠١٢ | ٣٠ بؤونة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثقوب السفينة

بقلم- ميرفت عياد

جلست عزيزي القارئ لأتحدث معك فإذا بأفكار كثيرة تتوارد إلى رأسي.. حاولت ترتيبها وتنظيمها فإذا بها تزداد اضطرابًا وتشتتًا.. حاولت أن أصنفها فإذا بها تتداخل مع بعضها البعض، مخلّفة ورائها كمًا هائلًا من الدوائر المتشابكة والخطوط المتقاطعة..

والحقيقة، إنني لم أتعجب كثيرًا من هذا، فعقلي ما هو إلا جزء من العقل الجمعي المضطرب والمرتبك، فأصبح الوطن بمثابة سفينة في عرض البحار، تتجاذبها الأمواج من كل ناحية، فبدت الثقوب تخترق جسدها، والمياه تدخل إليها من كل جانب، والرياح تعصف بها..

والمياه التي تريد أن تغرق سفينة الوطن كثيرة؛ فمنها مياه الحالة الاقتصادية السيئة، والحالة الأمنية المتردية، ومياه الطائفية والتعصب، ومياه التشدد والتكفير التي تغتال زهور في ريعان شبابها، ومن لا يصدق كلامي فليذهب إلى "السويس" ليرى تلك الأم الثكلي، التي قُتل ابنها البالغ من العمر عشرين عامًا على أيدي الغدر والتشدد.. اُغتيلت براءته وفرحة والديه به، لا لشئ سوى أنه كان يمشي في الشارع برفقة خطيبته.. ويبقى السؤال: هل هذه هي بداية لموجة من موجات الاغتيالات؟.. وهل سيتم محاكمة الجناة، أم سنتركهم ليزدادوا عددًا وقدرة وقوة؟.. بل كيف نسمح لتلك الأفكار الغريبة أن تغتال مجتمعًا بأكمله..

أليس لي حق عزيزي القارئ في أن المياه التي تريد أن تخترق سفينة الوطن كثيرة؟.. ولكن هنا يظهر دور الربان الذي يجب أن يكون من الحنكة لسد جميع الثقوب، بالقانون الذي يسلط سيفه على رقاب الجميع الكبير والصغير دون مواربة.. الربان الذي يجب أن يسعى لتحقيق الأحلام، ليس من خلال الوعود البراقة لأنه لا يملك عصا سحرية، ولكن من خلال خطوات جادة وصحيحة على طريق الحرية، فلا نرى أية دعاوى للتضيق على حرية الفكر والرأي والتعبير والإبداع أو الحريات الشخصية.. وأن يضع اللبنة الأولى لتحقيق الكرامة الإنسانية التي لن تتحقق بدون دولة القانون.. والسير قدمًا في تحقيق العدالة الاجتماعية بمشروعات تنموية وخطط جادة طويلة وقصيرة الأمد، وليس فقط زيادة العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة بنسبة 15٪ وزيادة معاشات الضمان الاجتماعي، والتي تذكرني بالزمن البائد، حينما كانت أصوات العاملين في الدولة ترتفع في أول شهر مايو من كل عام قائلة: "المنحة يا ريس"..

والحقيقة، إن المنحة تعني أن تمنح إنسانًا شيئًا ما دون وجه حق، لأن الحقوق لا تُمنح بل تُغتصب.. والسؤال هنا: هل قام الشعب المصري بثورته العظيمة، ليقف من جديد على باب الرئيس ينتظر المنحة التي يقررها ليفرح ويتهلل، أم سنبنى بلدًا قويًا واقتصادًا عفيًا يمنح جميع المواطنين طيلة أيام السنة حقوقهم، ليعيشوا حياة كريمة وآمنة؟؟..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter