الأقباط متحدون - أمام أقباط مصر ثلاثة حلول
أخر تحديث ١٣:٢٦ | الأحد ٥ اغسطس ٢٠١٢ | ٢٩ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٤٣ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أمام أقباط مصر ثلاثة حلول

بقلم- أنطوني ولسن
على الرغم من الحزن والأسى لفراق شقيقي "صدقي"، الثاني بعدي في ترتيب الأبناء، والذي كنت دائمًا وأبدًا أعتبره الأكبر لحكمته وطيبة قلبه وحبه للجميع دون تفرقة، وكان يعطف على الفقراء والمحتاجين إن كان في مصر أو أميركا، وتجارته في "المني فاتورة" بالجملة في الحمزاوي بالأزهر وهو الصغير بين تجار الجملة، إلا أنه كان موضع ثقة جميع التجار الجملة والقطاعي.. عشنا أيام الصبا كأصابع اليدين لأننا 9 أبناء 5 صبيان و4 بنات. الحب الذي ذرعه والدانا فينا جعلنا مهما اختلفنا فنحن واحد، ولا نسمح بدخول الشيطان بيننا.

قررت الهجرة. ولأول مرة استخدمت كوني الأكبر وطلبت من الجميع الهجرة. تم اتخاذ القرار بالموافقة في بيت أبي بـ"هليوبولس"، حيث كان يسكن في الطابق الرابع و"صدقي" في الطابق السابع مع أسرته. تم اختيارهم للهجرة إلى أميركا واخترت أنا أستراليا. يوم توقيع بيع المحل كان أصعب وقت مر به "صدقي" في حياته.

في "أميركا" عمل عملًا شاقًا هو وبقية أفراد الأسرة صبيانًا وبنات. بعد فترة انتقلت الأسرة من "شيكاغو" إلى "لوس أنجلوس"، وهناك عمل في التجارة ونجح نجاحًا كبيرًا، قرر ترك "لوس أنجلوس" إلى ولاية "أريزونا"، حيث مارس التجارة لفترة زمنية ثم ركن إلى الراحة.

الحديث عنه مفرح؛ لأنك تتحدث عن شخصية نادرة الوجود في هذا الزمن الصعب. الذي يؤلمني أن آخر مرة كنت فيها في زيارة للأسرة كانت عام 1996، بعدها منعتني ظروفي الصحية من الذهاب. منذ عامين قررت أن أسافر وزوجتي. قمت بالفعل بحجز بطاقتين ذهابًا وإيابًا وتم الحجز وكل شيء على ما يرام. قبل موعد السفر بأسبوعين إتصلت بالشركة وكانت المفاجئة.. تم إلغاء البطاقتين لعدم دفع الثمن. وكانت صدمة لاعتقادي بأنني دفعت الثمن على الهاتف.

هذا العام منذ ثلاثة أشهر عاد إليّ الحنين، وبالفعل دفعت ثمن بطاقتين وتم الحجز، واستشار عليّ الأولاد أن أستشير الأطباء في موضوع سفري. وكانت الصدمة.. غير مسموح لي بالسفر، وتم إلغاء الرحلة، وخسرت ثمن البطاقات بعد أن أعادت الشركة مبلغًا ضئيلًا من الثمن.

الهدف من سردي لهذا الكلام هو العلاقة بينه وبين الهجرة وترك بلدنا مصر أم الدنيا كما سيقرأ حضراتكم موضوعي.. وكم هو حزين فراق الأحباء دون وداع. رحم الله موتانا ويعفو عن مصر في محنتها التي تمر بها.
** الحل الأول: يعاني الأقباط المسيحيون في مصر كثيرًا دون سبب أو أسباب تجعلهم هدفًا للمعاناة، غير أن إيمانهم المسيحي الذي يؤمنون به يجد فيه المسلمون المتشددون، "المفروض فيهم أنهم أشقاء وطن" إن كان على مستوى الشارع أو الجيرة في السكن أو في الوظيفة الحكومية أو العمل الحر، الهدف الذي يعطيهم حق كُرههم واضطهادهم وحرمانهم من أقل حق من حقوق الحرية إن كان في الملبس أو العبادة. لذا أصبح الأقباط المسيحيون "الملطشة" من كل من هب ودب: مسؤول حكومي أو بلطجي.

يُقتلون ويُهجرون وتُحرق منازلهم وكنائسهم وتُنهب أموالهم ومتاجرهم وتُهتك أعراض نسائهم وتُخطف بناتهم ويتم أسلمتهم قصرًا. والحكومة في غيبوبة تامة وكأنها تبارك هذا العمل الدنيء البعيد كل البعد عن الإنسانية والآدمية، ويتحول المجتمع إلى مجتمع وحوش غير آدميين، وإن كنا نظلم الوحوش في هذا التشبيه؛ لأننا رأينا كثيرًا من الصور والأفلام فيها الوحوش تتصرف بكل رقة وحنان مع الضعيف إن كان إنسانًا أو حيوانًا.

قامت ما سُميت به ثورة شعب في 25 يناير العام الماضي 2011، وحمدنا الله على انتهاء عصر رجل كل ما نجح فيه هو استخدام مذهب الاستعمار "فرق تسد" ليظل في الحكم والسلطة إلى ما شاء الله.

فرحنا جميعًا- مسلمون ومسيحيون- بالنجاح الذي قام به الشباب، وانزاحت الغمة من على قلوب الناس أجمعين. رأينا سيمفونيات المحبة والتآخي بين أبناء مصر أثناء التجمعات الثورية على مستوى جميع ميادين مصر، وشاهدنا لوحات جميلة رائعة في تلاحم أبناء مصر وكل مجموعة تحمي الأخرى أثناء الصلوات الإسلامية بحماية المسيحيين والمسيحية بحماية المسلمين. فتحت الكنائس أبوابها مع المساجد لاستقبال المصابين دون النظر إلى ما هو دينه إن كان يُعالج في كنيسة أو مسجد.

لكن الأيام الحلوة لا تدوم. فقد إلتفت الحركات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان، على الثورة، ونسبوها إلى أنفسهم، وأنهم أصحاب الفضل في خلع الحاكم. وبدأ الصراع حول منْ سيحكم "مصر"، إلى أن تم التلاعب وأصبح التيار الإسلامي هو الحاكم والمتحكم بمساعدة المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدون مواربة مني أو تزيف في الحقائق، ولأسباب سيكشف عنها التاريخ. ورجعت ريما لعادتها القديمة، وعادت الاعتداءات على الأقباط المسيحيين الذي بدأ مع قيام الثورة "أطفيح وقنا وغيرهما" ثم هدأ، وبعد الهدوء المؤقت عاد المسلمون المتشددون أكثر تشددًا في عهد وزمن الإخوان عما كان في زمن "مبارك"، وكأنهم يدخلون في منافسة منْ هو أكثر إسلامًا هم أم "مبارك" وزمنه. وقد فاض الكيل وطفح ورئيس البلاد على رأس المنافسين.

فما هو الحل بالنسبة للأقباط المسيحيين الذين هم أصل البلد وليسوا بغرباء أو دخلاء؟!
الحل الأول هو في أيدهم.. ميدان التحرير وغيره من ميادين في طول البلاد وعرضها هو المكان الذي تستطيعون التعبير عن مشاعر الاستياء لما تعانونه بصوت عالٍ وتعودون إلى مقولتكم "مش حانخاف .. مش حا نطاطي .. خلاص بطلنا الصوت الواطي". وكما يستنجدون بالخارج من أميركا وقطر والسعودية استعينوا أنتم بأحرار الناس إن كانوا في الغرب أو الشرق. وعلى المسيحيين في خارج البلاد أن يكونوا أداة ضغط على الحكومة المصرية بالخروج  وإظهار بالصورة والصوت كل ما يحدث لإخوتهم في مصر. ولا تنسوا إخوة لكم في الوطن مصر من المسلمين إن كان ذلك داخل مصر أو خارجها؛ لأن هذا النظام يفرق بين من يقول لهم أمين فيراعونه، ومن يرفض أن يقول لهم أمين فيضطهدونه.

**الحل الثاني: التشكيل الوزاري الجديد كان بمثابة صفعة شديدة على وجه مصر. تعيين وزير واحد مسيحي "الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي" في وزارة تعدادها 35 وزيرًا دون أن نعرف إن كان تعيينها يمثل المسيحيين في مصر أم المرأة المصرية، فتم اختيار امرأة مسلمة وأخرى مسيحية؟؟!! مع التجاهل التام للكفاءات المصرية المسيحية التي تشرف مصر والشعب المصري. بهذا تكون أول القصيدة كفرًا كما يقولون. مع أول وزارة في العهد الإخوانجي أو كما يحلو للبعض قول "زمن الإخوان" ذُبحت القطة للأقباط وللأحرار بإبعاد كل كفاءة مصرية مناهضة لهم!!.

هناك حملة يقودها مصريون أحرار ستتجمع أمام قصر الرئاسة في يوم الجمعة 24 من شهر أغسطس الجاري 2012. أناشد كل إنسان حر رجل أو امرأة، شاب أو شابة، المشاركة الفعالة من أجل مصر للتصدي للمحتلين الجدد باسم الدين. وقد وجدت من اتفق معي فيما كتبته في مقال الأسبوع الماضي بعنوان "كنت هناك"، وطالبت بالوقوف في وجه هذا المستعمر الإخواني الذي لا ولاء له لمصر، ولن يعمل من أجل مصر والشعب المصري. أتمنى من هذا التجمع القادم النجاح في إرسال مطالب الشعب المصري الحقيقية غير المزيفة والمزورة. كما أتمنى على المجلس الأعلى للقوات المسلحة اليقظة والخروج من حالة اللامبالاة بمقدرات الشعب المصري ومصر والعمل على عدم تسليمها لمستعمرين جدد يرفعون راية الإسلام وهم أبعد ما يكونون عن الإسلام.

الحل الثاني: يتلخص في الهجرة والهروب بأولادنا خارج دولة الظلم والطغيان لنضمن لهم حياة مستقرة لا مكان فيها لخطف بناتنا وشبابنا وسرقة محلاتنا وحرق بيوتنا وتهجير عائلاتنا بطريقة مهينة لا كرامة لنا فيها. وأفضل الهجرة إلى جنوب "السودان" والعمل على نهضته بالكفاءات المصرية المهاجرة قسرًا.

مع ذلك هناك مسئوليات جسام سيحملها المهاجرون معهم في قلوبهم وعقولهم، وأن يعتبروا هذه الهجرة مؤقتة لا ينسوا فيها مصر بل يكونون شوكة في جنب كل حكومة ظالمة استعمارية مثل حكم الإخوان وكل الجماعات الإسلامية المتشددة، وأن يتم بينكم وبين كل التجمعات المسيحية المهاجرة قسرًا من دولهم جبهة تنظيمية مهمتها متابعة الأحداث والعمل على فضح الاستعمار الإخواني السلفي الإسلامي المتشدد في الدول التي ستهاجرون إليها. وهذا ليس تحريضًا ضد أحد، لكنه عمل ثوري واجب لاسترداد حقوق كل من اضطر لترك وطنه قسرًا إن كان مسيحيًا أو غير مسيحي، وإن كنت أفضل البقاء مع المقاومة والاشتراك مع تنظيمات حقوقية وسياسية والمشاركة الفعلية والإيجابية مع كل الأحرار من المصريين.

** الحل الثالث: مع بداية القرن العشرين تم تقسيم الخلافة العثمانية وإعادة حدود الدول التابعة لها. نحمد الله أن مصر لم تُقسم في ذلك الوقت رغم وجود المستعمر الإنجليزي على أرضها محتلًا.

وفي أواخر ذلك القرن العشرين طفت على سطح الأحداث فكرة إعادة تقسيم الدول العربية الإسلامية إلى دويلات قائمة على العرق والأصول العرقية. مثلًا في مصر يحدث التقسيم على أساس جزء للمسلمين وجزء للمسيحيين وجزء للنوبيين وجزء للبدو.. هكذا يتم تقسيم مصر إلى دويلات صغيرة بدون شك ستتناحر فيما بينها وتتقاتل ويسهل على أميركا وإسرائيل التحكم في كل دويلة، وتستغل خيرات كل واحدة لصالحهما، وليذهب الناس إلى الجحيم. فالمستعمر لا يهتم بالناس، وجل اهتمامه مصالحه الخاصة. وقد ظهر التخطيط بكل وضوح فيما أطلقوا عليه الربيع العربي الذي لم يكن ربيعًا بالمرة، بل كان شتاءًا عاصفًا مدمرًا لكل شيء ليتمكن المستعمر  من تشكيل خريطة عربية جديدة قائمة على التقسيم الذي أشرت إليه عن مصر. بالفعل تم التقسيم في السودان واستقل جنوبه وأصبح جمهورية مستقلة ذات سيادة، وهلل رئيس السودان لأنه سيستطيع تفعيل الشريعة الإسلامية في بلده دون معارضة ووجع دماغ. كذلك بدأت في دارفور علامات الرغبة في الاستقلال أيضًا وتحصل على الانسلاخ من السودان وتكون جمهورية مستقلة كما في الجنوب، وكلتاهما غنيتان جدًا بالبترول، ولنرى ماذا سيفعل البشير بجمهوريته المحاصرة بجمهوريتين مستقلتين غنيتين دون تطبيق الشريعة، وليتعانق مع أشقائه من الذين سيطبقون الشريعة أيضًا في بقية الدول العربية.. دول الربيع العربي التي سيتم تقسيمها لصالح أميركا وإسرائيل.

وهذا أسوأ الحلول الثلاثة... متمنيًا التركيز على الحل الأول وهو المقاومة.. مقاومة مستعمر مصري لا ولاء له لمصر بقدر ولاءه للخلافة الإسلامية التي ستكون مصر فيها مجرد دويلة تابعة للخلافة التي ستكون عاصمتها القدس.

لا تنسوا موعدكم في الرابع والعشرين من هذا الشهر- أغسطس- للمشاركة الفعالة، مطالبين بحقوقكم المسلوبة مسيحيين ومسلمين لا ينتمون إلى أي من التيارات الإسلامية المتشددة، خاصة تيار الإخوان. تذكروا أنه لا يضيع حق وراءه مطالب.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter