الأقباط متحدون - دستور بخيت المهيطل
أخر تحديث ٠٤:٤٧ | الاثنين ١٢ نوفمبر ٢٠١٢ | ٢ هاتور ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٤٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

دستور "بخيت المهيطل"


بقلم: هانى رمسيس
وبعد أن فاز بخيت وعديلة فى إنتخابات المجلس الموقر ، بدأا فى وضع الدستور الذى اختلفا على تسميته ، هل يسمياه دستور بخيت المهيطل أم  دستور عديلة صندوق ، ثم احتكما إلى الصندوق (الانتخابى وليس والد عديلة) الذى أعطى الأغلبية لبخيت بحكم أنه رجل (أو ذكر يافع) ، ومن وقتها شاع الخبر فى الميادين والشوارع والحوارى والقهاوى بأن الدستور هو دستور بخيت المهيطل، والحكومة هى حكومة بخيت المهيطل ، والدولة باتت دولة مهيطلية على الآخر .
 
وقد ترأس بخيت المهيطل الجمعية وقسّم رئاسة اللجان (الداخلية) بينه وبين عديلة صندوق التى كان لها دور مرسوم لا تحيد عنه ، وأتى ببعض من ألاضيش الحارة ليمثلوا دور العيال الريبراريين (الليبراليين) ، وكان ربع الجمعية تقريباً يعمل فترتين (علشان يكونوا نفسهم) ، فترة صباحية يدلون فيها بتصريحات (تثير الغثيان وأحياناً القئ ) ويتقاضون عنها ألاف الجنيهات كمرتبات شهرية ، وفترة مسائية كانوا ينامون فيها وهم يناقشون مواد الدستور الموضوعة لهم سلفاً . 
 
وسقطت أقنعة كثيرة ، و ثبت أن أكذب الناس هم الشعراء .
*******
وعودة من الدولة المهيطلية إلى الدولة المصرية وكتابة دستور ما بعد (ثورة) يناير ، جاءت أحدث مسودة للدستور من 232 مادة بزيادة 21 مادة عن دستور 71 ، ولنا بعض الملاحظات السريعة :
 
1- من المفارقات ألا تجيز المادة 161 من مسودة الدستور الجمع بين التشريع والسلطة التنفيذية ، حيث لا يجوز الجمع بين عضوية الحكومة وعضوية أى من مجلسى البرلمان . وفى نفس ذات الوقت يقوم ما يقرب من ربع أعضاء الجمعية بالجمع بين تشريع (أو سلق ) الدستور الذى يعد أسمى القوانين وبين العمل كوزراء أو محافظين أو مستشارين أو مساعدين للرئيس (فيما يعد أبشع صور الفهلوة المصرية ، فمن يشرع يخالف ما يشرعه فى نفس ذات اللحظة ) . 
 
2- تسطيع بسهولة تمييز المواد المستحدثة عن مواد دستور 71 ، فقد جاءت المستحدثة بلغة أدبية هلامية إنشائية ركيكة لا تحمل أى معنى أو قد تحمل أكثر من معنى ، مثل ما جاء بالمادة 1 جمهورية مصر العربية موحدة (هل هى إشارة إلى مينا موحد القطرين !! ) ، والشعب المصرى جزء من الأمتين العربية والإسلامية ( ولا أعرف هل هذه الجزئية إثنية أم ثقافية أم جغرافية أم هو مجرد تعبير فخفخينى) ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الأفريقية وامتداده الأسيوى ( يعنى المطلوب من كل مصرى أن يكون "معتز" وإلا أصبح مخالفاً للدستور ) وفى صياغة سابقة كانت هذه المادة تلزم الشعب المصرى بالعمل من أجل رفعة ونهضة الأمة العربية و الأمة الإسلامية وقارة أفريقيا وقارة آسيا (كان ناقص كوكب المريخ ) ، دون الإشارة إلى مصر .
 والمادة 7 يقوم المجتمع المصرى على العدل والمساواة والتراحم وتحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين (يعنى نحاسب مين إن لم يتم ذلك هل نحاسب المجتمع !! ) . والمادة 9 تحرص الدولة والمجتمع على الطابع الأصيل للأسرة المصرية وعلى تماسكها واستقرارها . والمادة 10 التمكين للتقاليد المصرية ومراعاة المستوى الرفيع للتربية (دا غير المستوى الرفيع بتاع الثانوية العامة) والحقائق العلمية ( العجل فى بطن أمه) ... وغيرها الكثير من مواد الرغى واللت والعجن والغرائب والطرائف والتى إن تم حذفها لن تؤثر من بعيد أو قريب على أى حقوق أو واجبات ، فمثلا المواد 14 و 15 و17 يمكن اختصارهم فى مادة واحدة من سطر واحد .
 
3- النظام الديمقراطى فى الدستور يقوم على مبدأ الشورى حسب المادة 6 . والفارق بين الديمقراطية والشورى هو أن الديمقراطية ملزمة بينما الشورى غير ملزمة (كالفرق بين رأى الشريك و رأى الزوجة ، الأول ملزم بينما الثانى غير ملزم بل فى أغلب الأحيان مخالف كنوع من الغتاتة ) . وقد تعددت صور هذه الشورى (الديمقراطية الشكلية ) التى أعطت الرئيس صلاحيات مطلقة ، فحسب المادة  151 فأن رأى القوات المسلحة (او مجلس الدفاع الوطنى ) غير ملزم للرئيس وغير مؤثر فى حالة اعلان الحرب . وكذلك فى مواد أخرى رأى الحكومة غير ملزم ورأى رئيس أى من غرفتى البرلمان غير ملزم .  ومع هذا ينص الدستور على أخذ رأيهم .
 
4- حسب احدى المسودات يحق للرئيس تعيين ربع أعضاء مجلس الشيوخ (الشورى) والذى لا يمرر أى مشروع قانون بدون موافقته ويمكنه تعطيل مشاريع القوانين حتى لو أقرها مجلس النواب ، وفى مسودة أخرى ، للرئيس أن يعين 10 أعضاء أو 10 % من أصل 150 عضو بمجلس الشيوخ ( خلى بالك مبارك كان بيعين ثلث مجلس الشورى ولكن لم يكن لمجلس الشورى أى صلاحيات لتمرير أو تعطيل مشاريع القوانين ، يعنى كان مجلس مكلمة فقط ) ، أما أن يعين الرئيس 10 إلى 15 عضو من مجلس الشيوخ فهذا يعنى أن ديكتاتورية ما بعد الثورة أسوأ وأضل سبيلاً مما كان قبل الثورة .  
 
5- المادة 155 لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل المهمة . دون تحديد واضح لهذه المسائل المهمة ، فقد يكون ما هو مهم للشعب غير مهم بالنسبة للرئيس والعكس صحيح ، وقد يكون ما يتم الاستفتاء عليه غير دستورى لكنه مهم بالنسبة لفخامة الرئيس وجماعة فخامة الرئيس . نفس الصيغة حمالة الأوجه نجدها فى المادة 129 التى تعطى الحق للرئيس فى حل مجلس النواب عند الضرورة بناءاً على طلب الحكومة (يعنى لو الحكومة مبقوقة من مراقبة المجلس ، لها أن تطلب حله ) ، وطبعاً يتم تحديد الضرورة حسب مزاج الرئيس (الذى يظن الاخوان أنه لن يخرج عن الجماعة وبالطبع لن يخرج عليها ).
 
6- من مواد الفكاهة بالدستور ، المادة 67  لكل طفل فور ولادته الحق فى اسم مناسب ( يعنى ممكن موظف السجل المدنى يعترض على اسم ابنك أو بنتك بحجة أنه غير مناسب ) ، وبالمناسبة أسماء الأقباط أحياناً يتنعنت فيها بعض الموظفين تعصباً أو جهلاً بكتابتها ، ويرى البعض -حسبما تردد- أن الأسماء القبطية غير العربية مثل بيتر ومارك وماثيو تقلل من انتماء أصحابها لمصر (العروبة) وقد تقصيهم من بعض الوظائف . 
هذا بعض يسير مما فى طيات مسودة الدستور ومما تخبئه من مصايب سودا تحتاج الى صفحات كثيرة لشرحها.
*****
 
وختاماً وعودة مرة اخرى إلى دولة بخيت المهيطل ، يقول الشاعر فاروق جويدة (قبل الثورة ) فى قصيدة "هذه بلادى لم تعد كبلادى ":
فِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِي
تـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِ
لـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــا
حَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِي
لـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍ
وَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِ
وَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍ
حِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِ
وبالمصادفة فإن الشاعر الكبير فاروق جويدة هو أحد أعضاء جمعية كتابة دستور الدولة المصرية ومسطّر ديباجة الدستور و فى نفس ذات  الوقت هو أحد مستشارى الرئيس ، نتمنى ألا يشغله كل هذا عن  (الإشعار) فى حب مصر ، فما كتبه قبل الثورة قد لا يكفى لوصف دستور" بخيت المهيطل" . 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع