السبت ١٧ نوفمبر ٢٠١٢ -
٣١:
٠٨ ص +02:00 EET
بقلم: ماجدة سيدهم
"حتما ستسقط الأديان وستعلن الأرض انها لن تؤمن بغير الإنسان .."
*********
*كلما غدونا بعدا عن بؤرة اللغو وننخرط بهالة العتق وسط زحام البقايا، نجد الرؤية أكثر وضوحا وصدقا ، فقط لأنها عارية ،هنا نعشق الأرصفة ،مأمن الحكاية وعطر الهيل والنعناع، المقهى والموال ، يؤنسنا صوت الآذان وتبهجنا أجراس الكنائس وأيضا الرسم في حدقة الليل واللون والفكاهة ، يروق لنا التسكع بين كل عروض الجوع والبغاء ،الأرصفة صادقة أيضا ..لأنها عارية .
سكان الرصيف بكافة أعمالهم المحتقرة يرتدون الأحداق الثاقبة ، تكشف نظراتهم ستر كل ما تخفيه الثياب الرديئة ويميزون بين كافة انواع السموم التي اصابت المسمع بالصدمة والاستياء ، نترقب لحظة اعتلاء صهوة الاكتساح الشارد ، هنا نراهن معا على ما عتقه النزف من شموخ وغضب عنيد ، نتربص عن كثب لحظة الانقضاض على هاتك الحلم وبائع الوطن وقاهر الإنسان ، لذا هلم معي يا صديقي نبشر بالغواية اللذيذة ونقرأ طالعنا هذا الفجر.. وبعد الوضوء بدم شهداء الكون ..
قراءة الطالع ليست بالعمل الهين ،فهي تحتاج الى طقوس مضيئة لإجهاض كل محاولات الشرك بالإنسان والتطهر من مفاسد وثنية العبادات وسقم الوعود المؤجلة ، سيكون التصويت لقوى الانهيار الصاعد إلى الحتف الذي لم يعد بمجهول أبدا ،إذ بات بالكلية عاريا ، هل من أحد هنا ..؟ لا بأس لدي جمهور عريض من البغضة والهرطقات والنكبات والأذهان الشاذة ،هنا نجلس أعلى قمة القمامة كي نرى مسار النزف وكيف يصنع دفقا من ثورة الروح والحياة ، يدفع بصرخة الجموح إلى الاستقامة واعتلاء الإنسان عرش الكيان .
نقرأ هنا ، كل اللاعبون ،غير الأشقاء ، يضمرون خيانة فطرية للوطن والملك والحياة ، فهي شريعة الاحتيال ،الرقعة منقسمة على ذاتها ، تبعثرت ، تتعرض كل الوقت للرق والاستباحة والانتهاك ، ليس ثمة شرف ، ليس ثمة رجولة ، الملك التـّقي أصبح عاريا بلا هيبة ،خائفا ، في كل المحافل يطارده الزيغان والموت الوشيك يراوغه على مهل ، يحاصره بكل منبر غضب الأرصفة وتجاعيد الحلم ، لذا صار متأرجحا ما بين قرار ومثواه ،اتكاء وصلاة ، بات الأضحوكة وهذه كارثة ..فقدان الهيبة ، كل قائد طابية يتقدم متعثرا وبلا فهم ينساق في خطوط ملتوية خلف المشورة الباطلة كي يصنع فشلا رصينا، الفشل توغل في المدارس واهدر بحقارة دم الكراسات ، أدار عجلة المصانع بالإحباط ،وماكينات الطموح العاجز بالأنين كي يحمل الحالمون حنطتهم بالانكسار ،مازال الفشل يجول بين الأسواق التعبى والحوانيت الذابلة ، يندد بسهر العشاق الأثيم وغليون الليل الشقيق الذي لا ينعس ولا يعرف نوما ، فيما يبارز الاقزام بالخزي تاريخ النبلاء ، وأيضا الأفيال هنا مثقلة بهذي السلطة وبريق الحضور القاتم ، تبتلع ما تبقي من خطايا الوطن ،محتقرة هرولة الجائعين الى الراحة ، لذا تحطم كل أعمدة الزوايا ، الحصان المختال يتهكم مترفعا عن هزيمة الثائر، نشاهده لا يعترف بحيلته على كل خيوط اللعبة كي يبحث لرقصته الوضيعة عن موضع في صفوف الخيانة العظمى وأين ..؟ فوق جثة النازف في الميدان ..! ، الشعب يعرف كيف يقصي ويطيح بالجبناء ويعرف كيف ينزع الوشاح عن لحى الادعياء ، العساكر الهزيلة تتقدم للأسفل ولا تقوى على الصعود بقامة سنتيمتر من العصيان ،الوزير المخادع استدار داخل تخوم النهم كي يخفي الثراء المغتصب إلى خارج رقعة اللعب ، ثم يتشدق بالكفاف وعبث النضال .
الملك الحائر.. هل يستمر في مشهد المثول أمام الامتداد الأعوج لقوم المتكبرين أم يتراجع لإبقاء حياة ..! - هل يتوارى متجاهلا المزيد من الخيبات أم يختبر مرة مذاق الأمانة ..! هل يشاطر الحالمين الهم ويقاسمهم الاحتفال أم ينساق مواليا لصوت المتربصين له مهددين ..! هل يفترش مداهنا مغلوط شريعة السقوط أم ينثر صدقا شريعة الإنسان ..! مع كل الافتراضات وأكثر.. وكل التكهنات وأكثر .. هو مات .
الرقعة الآن باتت صالحة للنزال الحاد ،المتفرجون يشحذون الخمير والخمر لاكتساح المشهد ، الحركة الى القفزة المهولة أمر حتمي لرسم الخريطة والمضجع والطاولة بنصوع النول والموسيقى ، الجمال والسنابل والحرية فما عاد يفلح البقاء هنا ..!
لم ينته بعد ..