نادر شكري
الكشح .. منذ أن نشر القمص جبرائيل عبد المسيح استغاثة على صفحته الشخصية، للمطالبة بلقاء بالقيادات الأمنية؛ بسبب مشكلات وأزمات متعلقة بقرية الكشح دار السلام بسوهاج، تخوفا من تكرار أحداث قديمة وقعت في عام 2000، وهناك حالات جدل على مواقع التواصل الاجتماعي منها من ينشر معلومات غير دقيقة، ومنها من يهاجم بيان مطرانية البلينا الذي أكدت أن الأمور مستقرة بالكشح وتم الاستماع للكاهن في بعض الحوادث الفردية التي وقعت في إطار الحياة اليومية، ومنها من نشر أمور غير دقيقة لا يوجد أي مصدر حول صحتها.
وهنا نرصد الحقائق لغلق الباب أمام الشائعات بعد التواصل مع مصادر متعددة منها الكنيسة، ومنها من المواطنين بقرية الكشح.
• اشتباكات بسبب الحياة اليومية
جاءت رسالة واستغاثة القمص جبرائيل بعد وقوع عدة أحداث نتيجة احتكاكات وتحرشات، مع الأقباط، حيث في يوم 12 يوليو الجاري، وقعت مشاجرة بين مسلم وسائق "تروسيكل" مسيحي في أثناء خروج جنازة لمسلم، وبعد عودتهم اُعْتُدِي على صاحب ترويسكل، وتطور الأمر لقذف ثلاث منازل للأقباط بالحجارة ليس لهم عِلاقة بصاحب الترويسكل، ومنها منزل كاهن أسفر عن تكسير زجاج بعض النوافذ، وتم إبلاغ الشرطة، ولكن لم يتم التعامل بالشكل القانوني المطلوب في مثل هذه الأمور، وتم تسوية الأمر، وقبل يومين وقعت مشاجرة بسبب مشاجرة بين أطفال، وتم الاعتداء بالضرب على قبطي يدعي "جرجس ميلاد قلاديوس"، وتم اصابته بالرأس، وتم علاجه ب 12 غرزة، والاعتداء على منزله.
وأكدت جميع المصادر عدم صحة ما يتم تداوله بالمواقع حول تجريد سيدة قبطية من ملابسها، وأكد البعض أن إذا ما حدث هذا الأمر لكانت جميع القرية علمت بذلك، فمثل هذه الأمور لا يمكن التعتيم عليها داخل القرية، وأيضا لا أحد يعرف او يسمع من هذه السيدة أذا ما حدث بالفعل، وبالتالي فلا يوجد أي دليل سواء اسم السيدة او العائلة لتأكيد هذه الواقعة.
• رسالة الكاهن واستجابة الأجهزة الرسمية
وأمام هذه الحوادث الفردية رفض الجانب القبطي التصالح، وطالبوا بتطبيق القانون، وهو أمر دفع القمص جبرائيل لنشر استغاثته تخوفا من وجود اذرع خفية تحاول تأجيج الأوضاع، بهدف إشعال الفتنة مثلما حدث في عام 2000، ولذا تحركت الأجهزة الأمنية في القاهرة وسوهاج، وتم التواصل مع الكاهن الذى توجه بإرادته حسب ما صرح به، و معه بعض الكهنة، وتم عقد جِلسة مع القيادات الأمنية وشرح كافة التداعيات، وانه في النهاية يسعى للحفاظ على سلامة القرية، وأهمية اتخاذ إجراءات احترازية، لعدم تكرار هذه الأحداث، وأيضا أهمية تطبيق القانون دون اللجوء للتصالح الإ إذا كان الأمر برضاء الطرفين.
وعاد ليكتب القمص جبرائيل عقب هذه الجِلسة أن القيادات استمتعت لكافة المخاوف وأبدت استجابة للتحرك ومتابعة كافة الأمور وحرصها على سلامة القرية، ومن هنا جاء بيان المطرانية الذى يؤكد على سلامة قرية الكشح وان الأحداث متعلقة بحوادث فردية، وأهمية الالتفات لها وعلاجه، ومن هنا وصلت الرسالة للقيادات الأمنية وهو أمر إيجابي في أهمية " الإنذار المبكر " لعلاج أي محاولات من قبل ضعفاء النفوس، وإخماد أي محاولات أو احتقان، وهذا يحسب لمن يشعر بالخوف على الوطن ويرصد أي نِقَاط ضعف، والاهم هو سرعة العلاج واتخاذ الإجراءات الاحترازية من أجل تحقيق السلام وهذا أمر ينطق من دور المشاركة المجتمعية في علاج الأزمات.
• شارع بورسعيد بالكشح يبحث عن حل
يمثل شارع السوق أو شارع بورسعيد موقع استراتيجي داخل قرية الكشح، وكان أحد أسباب أحداث عام 98 و2000، وهو شارع تجاري هام، ويعد أحد الأسباب في وقوع احتكاكات بين المسلمين والأقباط، ويعاني الأقباط فيه من التضيق عليهم من خلال الباعة الجائلين، الذين يفترشون الشارع أمام متاجر الأقباط، وهو يضيق من حركة المشاة وحركة البيع والتضييق في رزق الأقباط، وسط إهمال جسيم وعشوائية واضحة دون اتخاذ إجراء وضح من قبل مجلس المدنية والمحليات بمركز دار السلام للقضاء على هذه العشوائية، وقد أشار إلى هذه الأزمة الدكتور وليم ويصا الكاتب الصحفي فى كتابه الكشح الحقيقة الغائبة بعد أحداث عام 2000 والتقصير من قبل الأجهزة الرسمية لحل أزمة الأكشاك ويمكن الرجوع للكتاب.
ولذا تقدم في شهر فبراير الماضي النائب أحمد عبد السلام قورة عضو مجلس النواب عن دار السلام بطلب إحاطة بشأن الفوضى في شوارع "الكشح " ومنها هذا الشارع.
وقال قورة أن شوارع قرية الكشح تحولت إلى أسواق افترشها الباعة الجائلون لبيع الخضر والفاكهة، وضاقت الطرقات بأهل المدينة ومن حولها، فلم يعد المشاة قادرون على السير فيها دون أن تؤرقهم العشوائية التي باتت مسيطرة على المشهد في الشوارع نتيجة احتلالها من الباعة الجائلين الذين لا يجدون مكانًا ليرتزقوا منه سوى الطرقات.
وتابع: «يضيقون الطرقات على المواطنين وعلى أصحاب المحلات التجارية الذين لم يعد أي منهم قادر على مباشرة نشاطه التجاري بشكل هادئ ومستقر، وبعيداً عن المشاحنات اليومية بينهم وبين الباعة المفترشون للطرقات، وهو ما بات ينذر بوقوع اضطرابات جسيمة من شأنها الإخلال بالأمن والنظام العام ببندر دار السلام والكشح كما حدث في عام 2000 والتي كدرت السلم العام وكادت أن تؤدي إلى فتنة تمس الوحدة الوطنية».
وأوضح عضو مجلس النواب، «أنه بالتفتيش عن سبب هذه الأزمة، وجدنا أن مرجعها هو التراخي والإهمال الشديدين من القيادة المحلية لمركز ومدينة دار السلام، التي غضت الطرف عن هذه الأزمات، وتركت المواطنين في حالة احتراب مع بعضهم البعض، وتجاهلت التخطيط الرشيد وتنفيذ سياسات الدولة لعلاج مثل هذه الأزمات».
• روشتة علاج للكشح
ولذا نحن أمام واقعة وإهمال واضح من قبل محافظة سوهاج، لشوارع تسبب احتكاكات يومية قد يستغلها البعض لتحويلها لطائفية، قد تعيد مشهد من أسوأ المشاهد والحوادث الطائفية في تاريخ مصر التي وقعت عام 2000 بالكشح.
ولذا رسالة القمص جبرائيل التي أثارت ضجة هي رسالة " إنذار مبكر" تحتاج لتحرك على كافة المؤسسات لعلاج الظروف التي قد تساهم في تهديد السلام الاجتماعي في القرية، وتطبيق القانون بعيدا عن التصالح وعقاب المخطئ دون اللجوء لسياسة التوازنات التي كانت سبب في اهدار سيادة القانون خلال سنوات طويلة، والنقطة الأخر ضرورة معالجة العشوائيات في قرية الكشح لمنع الاحتكاك، أما الأجراء الأهم هو ضرورة وجود حملات ثقافية وتوعوية لإنعاش التعايش المشترك بين أبناء القرية جميعا ونبذ التعصب والكراهية، وهو أمر يحتاج لتضافر بين مؤسسات المجتمع المدني مع أجهزة الدولة لخلق بيئة صالحة تعزز من المواطنة والتعايش السلمي والتسامح وقبول الأخر من أجل وطن يحتاج للدعم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانى منها المواطن، وفي ظل تيار يحاول إعادة نفسه من خلال ورقة الدين وتأجيج المشاعر الدينية، أملين أن يحفظ الله بلادنا من كل شر ويحفظ شعبها وتتجاوز كافة الصعوبات.
وفى النهاية جاء تأكيد الكنيسة بهدوء واستقرار القرية ليغلق الباب أمام محاولات التصعيد، وان الأمر الآن متروك لأجهزة الدولة للتعامل مع ما تم تقديمه من شكاوى بشأن بعض الأحداث اليومية ..ونثق في أن جميع الأجهزة تحرص على ذلك من أجل تحقيق السلامة للجميع وتطبيق القانون.