الأقباط متحدون - أحاديث عن الغولة!
أخر تحديث ١٨:٠٧ | الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ | ١٢كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٨١ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أحاديث عن الغولة!

بقلم: محمد حسين يونس
جلست “الغولة” فوق قمة هضبة المقطم باسترخاء، مادة ساقيها الخشنتين على صخور وحجارة سفحه، تتثائب بملل وهي تشاهد الحركة الكثيفة في الوادي تملأ الفضاء المقابل، تنعم بدفء شمس "كيهك" الحزينة، تدب أصبعها في منخارها تبحث عن شيء ما، تحك جلدها الملتهب من لسع القمل السارح به بعد أن عاشت عقودًا مختفية في المغارات المظلمة وقذارة الزنازين.

هبَّت نسمة باردة تنبيء بقدوم شتاء قارص طويل، وقفزت طفلتان محجبتان وهما تنشدان ((عاش مرسي مبارك.. عاش عاش))، وزقزقَ طيرٌ يبحث عن وليفه بعد أن تناول طعام يومِه الذي وهبه إياه الخالق المنان، وتفتحت زهرة حمراء لتسمح لنحلة نشيطة بامتصاص رحيقها، وتجمَّع عددٌ من الغاضبين في ميدان التحرير ينادون((يسقط يسقط حكم المرشد)).. ((يسقط يسقط عدو الرحمن))!

كنا نتحرك حولها ننظر تجاهها بوجل وننطق بصوت مرتعش:

- السلام عليكم.... فترد بكسل.
- لولا سلامك سبق كلامك لكلتُ لحمك ومصمصتً عظامك.
- السلام عليكم.
- لولا سلامك سبق كلامك.
- السلام عليكم.

فتنتفض “الغولة” واقفة مكشرة عن أنيابها تدق الأرض بقدميها الثقيلتين تثير الغبار حولها، ثم تمد ساعديها في اتجاه الوادي تغرف بكفيها عددًا منا، تقضم الرؤوس، تنحت اللحم من فوق عظم الظهور، تمتص القلب والكبد، ثم تقذف بالضحية بأقصى قوة لذراعها لتسقطها في ميدان التحرير وهي تزعق ((يسقط يسقط حكم المرشد))!

 أصوات الجماهير تهدر في الميدان بعد صلاة الجناز، الشهيد يواري التراب بلبسه، الضباط والجنود ينظرون لنا ببرود واعتياد و“الغولة” تجلس باسترخاء تلعق أصابعها الملوثة، وتنظر إلى الأفق لا ترى، لا تسمع، لا تتكلم، ولا تدري كم نكرهها.

في جوامع المدينة يجلس دائما شيوخ سمان، كروشهم بارزة، وجوههم كريهة، لحاهم بادية، معممون، مطربشون، مطرحون ينظرون للجمع المحيط القادم ليفدي الإسلام بأمه وأبيه وأولاده وزوجات الأعمام والجيران، وكلُّ مَن يعرفونهم مِن الأحباب والخلان، فيما عدا شيوخه ومرشده الذين يرسمون له الطريق القويم لجنة الخلد ونفسه (التي يحتفظ بها من أجل الجهاد الأعظم بعد أن ينتهي الجهاد الأصغر على خير)!

عندما يتردد في صحن الجامع صوت شيوخ الهداية يسكت الجمع ليستمعوا إلى وعظوهم وما يقولون:

- غولتنا طيبة وحانية على كل مَن يتبع الهدى ويبادلها السلام بيقين!
- غولتنا قوية وقادرة على سحق الكفرة والزناديق وإن الله لناصرها على الملاعين!
- غولتنا سخَّر لها "المولى" أمريكا وحراس الحدود ليُعلوا من شأنها، ويحققوا بواسطتها إرادته سبحانه، فهو الذي إذا أراد شيئًا يقول للحي مت فيموت وللميت قم فيستجيب!
- غولتنا هديته سبحانه لنا تطبق شريعتة، وتنشر العدل والإنصاف على مَن سلم واستسلم وكان مِن الخاضعين!

من جوانب المكان يأتي غثاء الخرفان:

- صدقتَ يا سيدنا الشيخ لقد حدث لي هذا، تركتني أسعى بعد أن تلوت عليها السلام!
- صدقتَ يا سيدنا الشيخ لقد حدث لي هذا، أعطتني "زيت، وسكر، ومكرونة وخمسين جنيه كمان"!
- صدقتَ يا سيدنا الشيخ لقد حدث لي هذا ومَن غيرُكَ سيصدقنا القول وأنت الإمام المُصطفىَ المختار من لدن العلي القدير!
من ميدان التحرير تتصاعدت الصيحات والأنات الآن..
- لقد رأيتُ بريق شهوة السيطرة في عينيها وطمع السلطة في حافريها وهي عفريت أبق رجيم.
- لقد نشبت أظافرها في ظهري واقتلعت بأنيابها كبدي وقفذفت بي عاجزًا بين الزاعقين.. إنها شيطان قذر اثيم!

- لقد عانيتُ من رائحة أنفاسها الثقيلة الكريهة، وهمهماتها المحمومة، وعندما أبعدتُ وجهي عنها، داستني، وكسَّرت عظامي.. إنها وليفة المسجون الذميم.

- بل هي صماء لا تسمع إلا "قرقرة" سوائل معدتها، فتهب تختطف منا لوجبتها حتى لو كان المخطوف صديقها الحميم.
وهكذا أيها السادة عندما تصاعدت هتافات المظلومين المقهورين من البنات والبنين، واستمرت تطالب بسقوط "حكم مرشد الإخوان، وامتدت إلى كل ميادين المدن، عرفت أن أيام “الغولة” معدودة، وأنها سترحل لاحقة بالوليف بعد أن سقطت الأقنعة، وفقدت مكانها فوق قمة هضبة المقطم الذي أتاحه لها غدر حراس حدودنا بنا!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter