بقلم – م. شريف منصور
لطالما لعبت الصحافة دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام، لكن في العقود الأخيرة، أصبح من الواضح أن العديد من وسائل الإعلام الأمريكية، وخاصة القنوات الإخبارية الكبرى مثل سي إن إن (CNN) وMSNBC، تتبنى نهجًا منحازًا بشكل كبير لصالح الحزب الديمقراطي. هذا الانحياز لا يقتصر فقط على التغطية الداخلية، بل يمتد إلى تصوير الولايات المتحدة عالميًا بأسوأ صورة ممكنة، مما يؤثر على سمعتها الدولية ويشعل العداء ضدها لمصالح خارجية.
التلاعب بالأخبار والتحيز الحزبي
عند مقارنة ترتيب وسائل الإعلام الأمريكية من حيث المصداقية، نجد أن CNN وMSNBC تتذيلان القائمة، حيث تتكرر الاتهامات لهما بنشر الأخبار المضللة لخدمة أجندة سياسية معينة. تعتمد هذه القنوات على إثارة العواطف وتوجيه الرأي العام ضد الخصوم السياسيين للحزب الديمقراطي، مما يجعلها أشبه بأدوات دعاية حزبية أكثر من كونها منصات إخبارية موضوعية.
هذه الاستراتيجية تتشابه بشكل كبير مع قناة الجزيرة، التي تُعتبر واحدة من أكثر وسائل الإعلام تطرفًا في العالم العربي، حيث تعتمد على التضليل ونشر الفوضى لتحقيق أهداف سياسية معينة. وبالمثل، تعمل CNN وMSNBC على تشويه الحقائق وخلق صورة سلبية عن الولايات المتحدة في الخارج، مما يستفيد منه خصومها الدوليون الذين يسعون إلى إضعافها على الساحة العالمية.
تشويه صورة أمريكا عالميًا
تتبع هذه القنوات تكتيك تضخيم الأخطاء الداخلية للولايات المتحدة، والتركيز على القضايا الجدلية مثل العنصرية، والاضطرابات الاجتماعية، والانقسامات السياسية، دون تقديم صورة متوازنة تعكس حقيقة المجتمع الأمريكي. هذا يؤدي إلى خلق صورة سلبية للولايات المتحدة في أعين العالم، مما يجعلها تبدو وكأنها دولة غير مستقرة وغارقة في الأزمات.
واللافت أن هذه التغطية المنحازة غالبًا ما تتوافق مع مصالح قوى خارجية، مثل الصين وروسيا وإيران، التي تستغل هذا التشويه لتعزيز دعايتها الخاصة ضد الولايات المتحدة. في كثير من الأحيان، نجد أن وسائل الإعلام المعادية للولايات المتحدة تعتمد على تقارير CNN وMSNBC لتبرير هجماتها الإعلامية عليها، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التحيز الإعلامي.
لماذا هذا الانحياز؟
هناك عدة أسباب تدفع هذه القنوات إلى تبني هذا النهج:
1. الأيديولوجيا اليسارية: تميل وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة بشكل عام إلى تبني أجندة ليبرالية، مما يجعلها منحازة بشكل طبيعي للديمقراطيين ضد الجمهوريين والمحافظين.
2. المصالح الاقتصادية: العديد من كبار الممولين ومالكي هذه القنوات لديهم ارتباطات مباشرة بالحزب الديمقراطي، مما يجعل التغطية الإخبارية موجهة لخدمة مصالحهم.
3. الضغط من النخب الثقافية: الأكاديميون والمشاهير والمؤثرون في الولايات المتحدة يتبنون غالبًا خطابًا معاديًا للمحافظين، مما يفرض ضغطًا على الإعلام لدعم نفس الأجندة.
4. التأثير الدولي: هناك مصالح مشتركة بين بعض وسائل الإعلام الأمريكية ونظيراتها في الخارج، مثل الجزيرة، التي تسعى إلى خلق بيئة عدائية ضد الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها الخاص.
الإعلام الليبرالي والربيع العربي
ولكي أختم هذه المقالة، أود أن أوجه نظر القارئ العربي إلى حقيقة خطيرة: هذه الوسائل الإعلامية لم تُستخدم فقط لتشويه صورة الولايات المتحدة، بل كانت أداة فعالة في تدمير دولنا العربية فيما سُمي بـ”الربيع العربي”. هذا المشروع لم يكن سوى مؤامرة نفذها اليسار الليبرالي الأمريكي تحت ستار دعم الديمقراطية، لكنه في الواقع أدى إلى الفوضى والدمار وانهيار الدول العربية المستقرة، لصالح قوى متطرفة مدعومة من الإعلام الأمريكي والغربي.
نتائج الانتخابات الأخيرة في أمريكا تُظهر بوضوح كيف يسعى هؤلاء الليبراليون المتطرفون إلى فرض هيمنتهم، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، ولكن على مستوى العالم كله، من خلال أجندة العولمة، وإلغاء الهويات الوطنية، والترويج لديانة واحدة تحت مسمى “الإنسانية الشاملة”، وهي في حقيقتها محاولة لإلغاء القيم الدينية والأسرية.
هؤلاء هم أنفسهم من يروجون للمثلية، ويهاجمون مفهوم الأسرة التقليدية، ويسعون إلى تفكيك المجتمعات بدعوى “الحرية الفردية”. كل هذا جزء من مشروع تدمير ثقافي واجتماعي شامل يستهدف كل شعوب العالم، وليس فقط أمريكا أو الدول العربية.
الخلاصة: أفيقوا يا شعوب العالم لقد آن الأوان لشعوب العالم، وخاصة الشعوب العربية، أن تدرك خطر الليبرالية اليسارية المتطرفة، وأن تعي أن وسائل الإعلام الكبرى ليست سوى أدوات لخدمة أجندات سياسية مشبوهة. لا تصدقوا كل ما يُبث عبر هذه القنوات، وابحثوا عن الحقيقة من مصادر موثوقة. إن الصراع اليوم ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو معركة بين الحفاظ على القيم والمجتمعات، وبين مشروع تدمير شامل تقوده النخب الليبرالية تحت ستار التقدم والحرية.
المستندات
1. تصنيف التحيز الإعلامي:
وفقًا لمنصة AllSides، التي تصنّف تحيز وسائل الإعلام، حصلت MSNBC على تصنيف “يساري”، مما يشير إلى انحيازها القوي للأيديولوجية الليبرالية والتقدمية. يعتمد هذا التقييم على تحليل المحتوى وآراء الجمهور.
https://www.allsides.com/news-source/msnbc
2. انتقادات الشخصيات السياسية:
في يناير 2025، أدان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قناة MSNBC، مؤكدًا أنه “لا ينبغي أن يكون لها الحق في البث” بسبب مواقفها اليسارية المتطرفة. كما شبّه القناة بـ”اللجنة الوطنية الديمقراطية”، في إشارة إلى تقاربها الشديد مع الحزب الديمقراطي.
https://nypost.com/2025/01/23/us-news/trump-says-msnbc-shouldnt-have-a-right-to-broadcast/
3. تأثير الإعلام على الرأي العام:
تناول مقال نشرته Vanity Fair في يوليو 2024 كيف احتفظت الشبكات الإخبارية الكبرى بغالبية التأثير على الخطاب السياسي، لا سيما خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024. أشار المقال إلى أن التقارير والمقالات الافتتاحية التي تنشرها هذه الوسائل لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل الرأي العام والقرارات السياسية.
https://www.vanityfair.com/news/story/media-2024-election-joe-biden-donald-trump
4. تغطية الأحداث السياسية:
في مقال رأي نُشر في نوفمبر 2024، انتقد أحد الكتّاب أسلوب التغطية الإعلامية السلبية ضد دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024. وأوضح أن وسائل الإعلام عملت على تشويه صورته بهدف التأثير على الناخبين لصالح المرشح الديمقراطي، لكن النتيجة النهائية لم تتوافق مع توجهات الناخبين.
https://nypost.com/2024/11/07/opinion/mainstream-media-dug-its-own-grave-with-absurd-trump-election-coverage/